Al Jazirah NewsPaper Tuesday  03/10/2006G Issue 12423مقـالاتالثلاثاء 11 رمضان 1427 هـ  03 أكتوبر2006 م   العدد  12423
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

دراسات

دوليات

متابعة

منوعـات

القوى العاملة

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

الأخيــرة

استرعى انتباهي
المرأة الجسد.. في إعلامنا المعاصر
د.عبد الله بن ناصر الحمود *

من غير أن أعمم على كل نسائنا العربيات، ومع التأكيد بوجود نماذج من النساء الكبار في قولهن وفعلهن الراشد والمستنير، يمكن القول إن (المرأة) كانت ولا تزال من أهم ما يشغل (الرجل والمرأة) على حد سواء، وعلى مرّ التاريخ، مع اختلاف نسبي في طبيعة وحجم تلك الأهمية من جانب، ونواتجها من جانب آخر.. ففي الحين الذي تُبدي فيه المرأة اهتماماً بذاتها، محاولة إيجاد مكان لائق بها في قلب الرجل وعقله، فإنها تبحث عن المكان ذاته في مؤسسات المجتمع وفعالياته المختلفة، معلنة تمردها على قوانين الرجل وأعرافه وتقاليده، وساعية لتأكيد قدرتها على المنافسة في مختلف الميادين.. ومن لم تستطع منهن فعل شيء من ذلك، فإنها تترك للرجل أن يفرض نفوذه عليها، وهو يتمادى - عادة - في ذلك مستمداً قوته من ضعف المرأة غالباً، ومن قراءة منمّطة للقيم العليا في المجتمع الإنساني على مرّ التاريخ ومحاولة فرضها - أمراً واقعاً - على المرأة.
وقد نتج عن هذا التجاذب المعلن أحياناً والخفي أحياناً أخرى أن تشكَّلت صور نمطية لدى كل جنس عن الجنس الآخر.. ولأن الرجل ما زال يمتلك - أكثر - زمام الأمور، ويديرها - غالباً - لمصلحته، فقد تمت قولبة المرأة - في أحيان كثيرة - في أدوار محددة تبدو فيها أداة من أدوات فعل الرجل.. وقد ساعد على ازدهار هذه القولبة أن رضيت المرأة - في كثير من الحالات - بهذه القوالب التي وجدت نفسها فيها، التي - دون شك - مثَّلت لها نوعاً آخر من التّمرد ليس على الرجل - هذه المرة - لكن على أعراف وتقاليد المجتمع كله، بل على قيمه ومبادئه.. ومن هنا دخلت المرأة في معترك الصراع المجتمعي، لتبدأ عصراً جديداً من الصراع مع الرجل ومن التّمرد عليه باستخدام جسدها باحترافية عالية وبجماهيرية أتاحتها وسائل الاتصال الحديثة.
ولأن هذا التّمرد قد راق (للنفعيين) و(المصلحيين) خصوصاً من الرجال، فقد استخدمت هذه الفئة من الرجال وسائل الإعلام والاتصال لترسيخ هذه القولبة للمرأة، وهي القولبة التي يبدو أن عدداً من النساء قد قبلنها بشكل عام، ربما لأنهن وبخاصة في عالمنا العربي المعاصر في مرحلة مخاض كبرى للانعتاق من الهيمنة الذكورية عليهن.
إن التساؤلات التي طالما حاولت الدراسات المتخصصة طرحها تتمحور حول مدى اختلاف الصور التي تُعطى للمرأة في وسائل الإعلام المعاصرة، لتأتي إجابات تلك التساؤلات مشيرة إلى أنه يمكن تصنيف صورة المرأة في الإعلانات مثلاً إلى أربعة نماذج هي: المرأة التقليدية، المرأة الجسد، المرأة الشيء، والمرأة السطحية.. وتعزز الثقافة العربية بشكل أو بآخر، تلك الصورة الضعيفة للمرأة، ولدورها، وأهميتها في المجتمع.. وتؤكد إحدى الباحثات أن الصحف والمجلات حين تخاطب المرأة، فإنها تخاطبها: كطبقة من الجلد تحتاج إلى تدليك بأنواع خاصة من الكريم، أو كرموش تحتاج إلى تغذية وتقوية، أو كشفاه تحتاج إلى طلاء بلون الورد، أو كشعر يحتاج إلى صبغات تتناسب مع لون الفستان.
وقد نشرت وسائل الإعلام (قبل عام تقريباً) خبر تحذير لمذيعات بسبب الأكتاف العريضة وبدانة الجزء الأسفل، في إحدى محطات التلفزيون العربية.. ويهدف ذلك إلى تدعيم المظهر الجديد (نيو لوك) واستبعاد مذيعات الأحجام الكبيرة (الإكس لارج).. وتحت عنوان: (مصريات وخليجيات يتوصلن للخلطة السرية للمذيعات اللبنانيات) نشر أحد المواقع على الإنترنت أنه ربما تنافس أسعار بعض مذيعات الفضائيات قريباً، أسعار نجوم السينما، في ظل (الخلطة السرية) التي توصلت إليها بعض المذيعات المصريات والخليجيات، لينافسن مثيلاتهن اللبنانيات في الجلوس على عروش بعض القنوات التي تطرح رواتب خيالية لخطف هؤلاء النجمات.
و(الخلطة السرية) لصناعة المذيعة النجمة، حسب إحدى المجلات المتخصصة، تفتح الطريق أمامها للوصول إلى التمثيل والغناء، مثل بعض المغنيات اللاتي بدأن حياتهن كمذيعات تليفزيون وتميزن في تقديم البرامج وارتداء ملابس مثيرة جعل منهن وجوهاً وأجساداً معشوقة من الجماهير.
والمرأة في (الفيديو كليب) وفي (برامج الواقع) وفي القنوات الإعلانية النفعية المحضة، هي أمرأة قد تنازلت غالباً عن كثير من سماتها النبيلة لتتربع على عرش الشهرة بجسدها وبإمكاناتها في الإغراء والإغواء.
الحديث عن (المرأة الجسد) في إعلامنا المعاصر يطول كثيراً، ويؤلم أكثر، ويُشعرنا بالتيه الحضاري أكثر من أي زمن مضى.. ولكي يحدث التغيير فنحن بحاجة إلى حركة حقيقية في المجتمع العربي تعمل على فرض صورة أخرى للمرأة مخالفة لتلك التي تبرزها كثير من القنوات الفضائية، بالقدر الذي بات من المقلق جداً الحديث عن المشاركة النسائية الفاعلة في مجتمع محافظ مثل مجمعتنا السعودي، دون أن تبرز أمام العقول تلك الصورة المخيفة للمرأة في كثير من وسائل الإعلام العربية المعاصرة، لتحبط كثيراً من الطموح لأن تكون نساؤنا أكثر مشاركة.

* نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال

alhumoodmail@yahoo.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved