Al Jazirah NewsPaper Wednesday  04/10/2006G Issue 12424مقـالاتالاربعاء 12 رمضان 1427 هـ  04 أكتوبر2006 م   العدد  12424
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

الثقافية

دراسات

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

ماذا لو استدرنا..!
إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

(1)
** في سياحتِه أو مُهمته تنقل (تشارلز داوتي) (1843 1926م) بين إسبانيا وإيطاليا واليونان ومصر والأردن ودخل أراضي الجزيرة العربية عام 1876م، فمر بمدائن صالح وتيماء وحرة المدينة وحائل وبريدة وعنيزة (التي مكث فيها ستة أسابيع)، ثم أكمل تجواله في الطائف وجدة، وألّف كتابه الذائع (الصحراء العربية)، ورغم أنه أعلن عن هدفه التنصيري بأسلوب مباشر وغير مباشر فقد تعرض لمضايقات محدودة في بعض المدن، واستقبالٍ جيد في مدن أخرى بل وحمايةٍ حين اضطُر للهرب، وكان يُعلن غير عابئٍ بالناس تعصبَه الديني الذي لو جاء بمثلِه أمثالُه بعد مئة وثلاثين عاماً لما سلم من السحل والقتل في أفضل التوقعات..!
** لم يجئ وحده؛ فقد سبقه ولحقه آخرون من أمثال (بلغريف وغورماني والريحاني وديم) وغيرهم، واستطاع معظمهم التداخل مع الناسِ رغم الاختلاف، وأخذ بعضُهم انطباعات جيدةً حول الإسلام وأتباعه، وهو منطقٌ تجاوز به الأولون ضيق الآخِرِين مؤمنين أن الله جل شأنه لم يجعل الناس أمةً واحدة، وأن لا أحد يكرههم على أن يكونوا مسلمين..!
(2)
** لم يخترْ واحدُنا مكان ولادته، ولا نوعيّة انتمائه، ولا حتى اسمه ورسمه وأسرته..!
** وجدنا أنفسنا (هكذا)؛ فعرفنا أننا مسلمون، سنيُّون، سلفيّون، نعيش في أكبر نطاقات الجزيرة العربية وفي قلبِ صحرائها، مدفوعون بحكم الفطرة والتربية إلى المحافظة الفكرية والاجتماعية والعَقَدية؛ ميالون إلى التوجس من الجديد، والتخوف من المُحدث، والريبة في الغريب..! وعلمتنا ثقافةُ الصحراء أن نبقى متأهبين، متشككين؛ فقد يكون القادمُ غازياً أو حنشلاً أو مرسلاً للتبشير أو التجسس أو التخريب..!
** ولم يخترْ سوانا أن يولد في السهل أو على شاطئ بحر أو بحيرة، ووجد أنه ذو مذهب مختلف أو رؤيةٍ مرنةٍ أو علاقة حميمة مع الأجنبي، أو له عادات تأذنُ بغير ما تأذنُ به عاداتُ الساكن في واحات الصحارى؛ فباتا نقيضين تجمعهُما هُوِيّة الدين الواحد، وتفرقُهما تقاطعات المذاهب والبيئات المتعددة..!
** وأدرك كلاهما أن الله خلق الناس من ذكر وأنثى، وحر وعبد، ومترفع ومتميّع، ورأس وذيل، وجعلهم (شعوباً وقبائل) ليتعارفوا لا ليتدابروا، وليعمروا الأرض لا ليتبادلُوا تخريبها، وليضيفوا إليها لا لينقصوا منها، وليكونوا مواطنين صالحين في بلادهم، ومسالمين في بلاد غيرهم، ومصلحين ما استطاعوا، داعين غيرهم بالحكمة، متعاملين مع الجميع بالعقل، مدافعين عن قضاياهم بوعي الأسباب واستقراء النتائج، مُعِدّين لخدمتها ما استطاعوا من قوة..!
(3)
** وضعَ فئامٌ (هنا وهناك) أنفسهم مدارَ الحركة الكونية؛ فبهم تأتمر، ولهم تستمر، ومن أجلهم وحدهم تشرق الشمس ويغني القمر..!
** لكلٍ الحق في أن يختار ما يظنُّه في إمكاناتِه أو ضمن ملكاته وممتلكاته، وليس له بالتأكيد أن يصنف الناس حسب اقتناعهم باقتناعاته أو سيرهم ضمنَ مساراته، ولا أحد يستطيعُ مصادرة اعتقاد أو ممارسةٍ لم يقرّر صاحبُها بنفسه، وحين يُقسر الآخرون عليها بحكم سلطوي فإن التحول عنها آتٍ لا محالة، وربما بردةِ فعلٍ عنيفة تصل إلى محاربة الماضي والسعي لوأده، والتجاربُ الثقافية المجتمعية المعاشة تثبت خطورةَ مثل هذه التبدلات الحادة التي يُولدها (العنفُ) المؤدلج ويقابلها الانتقام الأهوج..!
(4)
** في الليلة الثانية (للغربة) قبل ربع قرن كانت معضلة الرهائن الأمريكيين في إيران على أشدِّها، وكدنا (مجموعة من الأصدقاء) نختطف (رهائن) لظنّ أحد المتأثرين بالحدث أننا إيرانيون، ولم يكن الأمريكيون وقتها قبل غزوة نيويورك غير المباركة يفرقون بين العرب والفرس..!
** كان ذلك بجانب الشاطئ النائي على المحيط الهادي، ونجونا باللجوء لأحد المطاعم القريبة حتى يئس الأمريكي الهائج فمضى ومضينا..!
** لم نتأثر بتلك الحادثة فقد بقيت فرديّة، ولم يتأثر الإيرانيون الذين كنا نرى تجمعاتهم ونسمعُ شعاراتهم ونتفرج على مظاهراتهم معَ أو ضدّ الثورة دون أن تختلط بنادق الخاطفين ببيارق المسالمين، وظلت (أمريكا) بلداً مفتوحاً تأذن بمساجدنا، وتؤجرنا كنائسها ومنازلها للصلاة، وتستضيفُ مؤتمراتنا الإسلامية (وبعضها حركي)، وتستقبل بثنا، وتبيع صحفنا ومجلاتنا ومؤلفاتنا، وعاش الجميع في حرية معتقد حقيقية لم تمنع المسلم من التعامل والتفاعل مع المسيحي، بل ربما دعوا بعضهم إلى معابدهم دون أن يتنازل أحدٌ لأحد..!
** هكذا كان الواقع، وهكذا ظلّ إلا قليلا، ليبقى الشعب الأمريكي منفصلاً عن حكومته، وإذا قِيْد مؤخراً بمجموعة من المحافظين المتعصبين فإن الناس بقُوا حيث هم، محتاجين إلى أصواتٍ عاقلةٍ تتدارسُ معهم كيفية محاصرة العنصرية الباغية التي انتهكت الأرض العربية والإسلامية فقتلت واغتصبت وشردت ولا تزالُ شرورها المستطيرة تعيث فساداً..!
** في أمريكا بيئةٌ رائعة لتبني القضايا العربية العادلة إذا استطعنا قبل ذلك الاتفاق على موقف موحد من قضايانا، فنحن بسبب السياسات والأدلجات لا ندري أين نقف وإلى أين نمضي وما هو المصير..؟! وكان الأولى بنا أن نلوم أنفسنا قبل سوانا..!
(5)
** لئلاّ نستمرّ في لعن الظلام نحتاجُ إلى أن ننأى قليلاً عن الغرب: أوروبيِّه وأمريكيّه، فالعالم ليس هما، والشرقُ قادمٌ بقوة لتولي القيادة؛ وقدرُنا ألا تلوح في الأفق القريب بوادرُ نقلة من التبعيّة إلى الصفوف الأمامية إلا ما يكرسه الخطاب الانفعاليّ المليء بصوتيّات الوعد والوعيد وانتظار أن يهلَك حرثُهم ونسلُهم فلا يبقى إلا نساؤُهم السبايا وأطفالُهم الأيامى..!
** خطّ (بوش) خطوطاً سوداء في العلاقات الدولية السويّة، واتكأ على موروث (جدّه) وقام (وربيبتُه في فلسطين) بما عجز عنه (هولاكو) و(الصليبيون)، وشهدت استخباراتُه أن (الإرهاب) يزداد به، ولو أنصفت لقالت : إنه ابتدأ منه ومن تعاليم جدّه..!
** (تسعة عشر إرهابياً) فجروا مركز التجارة لا يمثلون ملياراً وربع المليار من المسلمين فلِم يحاكمون بجريرتهم ؟ ولماذا نحكُم نحن في المقابل على زعاماتٍ إرهابية بأنها الممثِّل الشرعي للعالَمِين؟ وماذا لو استْدرنا شرقاً كما نادى يوسف الشيراوي رحمه الله إلى أن يأذن المولى بأن ندير ولا نستدير وهنا يبدأ مشروعٌ رؤيةٍ أخرى..!
* لا تصنيفَ على الهويّة..!

E:Mail: IBRTURKIA@Hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved