أضواء
كرسي الحكم يدفع الفلسطينيين للاقتتال
جاسر عبدالعزيز الجاسر

ما كنا نتخوف منه ويتخوف منه المتعاطفون كافة مع الثورة الفلسطينية أخذ يتجسد على الساحة الفلسطينية ويصبح واقعاً مؤلماً. فالاقتتال الفلسطيني والحرب الدائرة بين أهم حركتين فلسطينيتين (فتح) و(حماس) أصبحت الشغل الشاغل لرجال المقاومة الفلسطينية الذين بدلاً من أن يهتموا ويعملوا على حل المشكلات العويصة التي تواجه الشعب الفلسطيني، خصوصاً ما يسببه الحصار المفروض على الحكومة الحمساوية الذي أثر كثيراً على الحياة المعيشية للفلسطينيين جميعاً، وليس الموظفين فقط الذين لم يستلموا رواتبهم منذ أشهر طويلة، فكل الشعب الفلسطيني يعاني من تقلص المساعدات المالية المقدمة للسلطة الفلسطينية، وهو ما جعل الأوضاع الاقتصادية جداً سيئة زاد من سوئها إغلاق المعابر الحدودية.. فبات الشعب الفلسطيني وكأنه في سجن كبير.
كل هذه المشكلات التي أوصلت أكثر من نصف الشعب الفلسطيني إلى ما دون خط الفقر، ومع هذا وبدلاً من أن يلتفت الفلسطينيون إلى التصدي لهذه المشكلات وحلها، نرى أهم حركتين وأكثرهما احتواء للفلسطينيين أنصاراً تخوضان حرباً شعواء للسيطرة على الحكم، فلا التظاهرات التي يقوم بها أنصار حركة فتح، ولا عمليات التصدي التي ترد بها عناصر حركة حماس والمنضمون تحت لواء التنظيم العسكري الخاص (القوة التنفيذية) التي يستعملها وزير الداخلية سعيد صيام لقمع المتظاهرين، لهم دافع سوى أن يُفشل المتظاهرون حكومة حماس ويجبروها على الرحيل، ودافع القوة التنفيذية فرض الانصياع للحكومة الحمساوية والتضحية بالغذاء من أجل العزة كما يقول رئيس الحكومة..!!
والآن وبعد المواجهات الدموية في شوارع غزة التي انتقلت إلى رفح، وليس بعيداً بأن تتسرب إلى مدن الضفة الغربية. الآن يتجه الصراع بين الفتحاويين والحمساويين إلى مستوى أخطر بعد صدور تهديدات من قبل كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح) ضد قادة حركة حماس، إذ صدر بيان عن الحركة تتهم فيه الحركة خالد مشعل وسعيد صيام ويوسف الزهار بأنهم وراء ما أسموه بالفتنة، وأن (حكم الشعب في الوطن وفي المهجر قد أصدر حكماً بإعدام مشعل وصيام والزهار، وأن حكم الشعب سينفذ ليكونوا عبرة لمن يعتبر).
إلى هذا المستوى الخطير أصبح الحوار بين الفلسطينيين مأسوياً وخطيراً إلى درجة التهديد بإعدام المختلف معهم.. وكل هذا بسبب التكالب على كراسي الحكم الذي سيضيّع القضية بإشغال الفلسطينيين بهذه المسألة مقدمين أكبر خدمة لعدوهم وعدو الأمة الكيان الإسرائيلي الذي يحتل أرضهم ويجوع شعبهم.