نظرة في كتاب «ترحال في صحراء الجزيرة العربية»
تركي القداح العتيبي

تأليف: تشارلز دوتي، ترجمة صبري محمد حسن، مراجعة وتقديم: جمال زكريا قاسم
تعود كتابات الرحّالة الغربيين عن بلادنا إلى أكثر من قرنين مضيا، حيث حظيت الجزيرة العربية باهتمام هؤلاء الرحّالة الذين جابوا ديار العرب لأسباب ودوافع مختلفة.
وقد كتبوا عن أمور مختلفة وجوانب شتى من حياة أهل الجزيرة الاجتماعية والسياسية وغيرها، واصفين ما شاهدوه، ومتحدثين عما سمعوه وقد سجلوا بهذا معلومات وأحداثاً في غاية الأهمية.
وقد قال الشيخ حمد الجاسر - رحمه الله - حول كتابات الغربيين عن بلادنا يحسن إيراده هنا: (إنّ القارئ العربي كثيراً ما تعتريه حالة من الريبة والشك حيال كتابات الغربيين عن العرب، وهي حالة مع منافاتهم للحكمة العربية القديمة (الحكمة ضالة المؤمن التقطها أنى وجدها) لا تتفق مع المنطق القويم في شيء، فالحق يجب قبوله، أيّاً كان مصدره، والباطل لا يتوقف رفضه على معرفة مصدره، وأولئك بحكم بعدهم عنا، وجهلهم لأحوالنا في الماضي - تشوب كتاباتهم عنا شوائب من الخطأ، لا ينبغي أن تكون حائلاً بيننا وبين المعرفة، بل الأجدر بها أن تكون من الحوافز التي تدفعنا إلى معرفة كل ما يكتب عنا، عن بلادنا وتاريخنا، لنقبل الحق وننتفع به، وننفي الزيف ونأباه (1).
وقبل عام تقريباً أصدر المجلس الأعلى للثقافة كتاباً جديداً بعنوان: (ترحال في صحراء الجزيرة العربية)، لتشارلز دوتي وهو واحد من أشهر الرحّالة الذين زاروا الجزيرة العربية بين عامي (1876- 1878م) (1293- 1295هـ تقريباً)، بترجمة صبري محمد حسن، ومراجعة وتقديم: جمال زكريا قاسم، في أربعة أجزاء من الحجم المتوسط، ويقع الجزء الأول - المجلد الأول في 521، والجزء الأول - المجلد الثاني في 480، والجزء الثاني - المجلد الأول في 473، والجزء الثاني - المجلد الثاني 458.
أهمية الكتاب وما يضمنه من معلومات مهمة:
1- تضمّن الكتاب معلومات حول أنساب بعض القبائل وفروعها؛ فقد ذكر نسبة الأُسرة المالكة الكريمة في بني حنيفة، وهو قول لم نجده عند غيره من الرحّالة الغربيين المتقدمين، وهو على الأرجح كان ينقل من رواة عنزة، لأنّه كان يذكر فروع (عنزة)، حيث قال: (...
وهناك من يقول أيضاً في نجد، إنّ أسرة ابن سعود هو من بني حنيفة، العرب القدامى) (ترحال في صحراء الجزيرة العربية، ج1، مج1، ص408).
2- يتضمّن الكتاب كذلك معلومات مهمة، خاصة حول وصف المدن والقرى وتأسيسها مثل حديثه في الجزء الثاني - المجلد الثاني، ص42 حول تأسيس الجناح وأنّها أسست منذ أكثر من ستمائة عام مضت أي قبل ثلاثة أو أربعة أجيال من بناء عنيزة، كذلك وصفه لمدينة خيبر وسميراء، ووصفه للسور والبيوت داخل تلك المدن، كما يتضمّن الكتاب معلومات تفصيلية عن إمارة محمد بن رشيد، وعلاقة كثير من القبائل بإمارة الرشيد في حائل.
القبائل والأُسر المذكورة في هذا الكتاب:
لقد تضمّن هذا الكتاب ذكر الكثير من القبائل والأُسر العربية، ومنها: آل سعود، آل رشيد، وآل مهنا، والأيدا، بنو صخر، كلب، عنزة، الحويطات، عنزة، بنو هلال، بنو الحميدي، الحجايا، جهينة، الشرارات، بنو عطية، بنو عقبة، المساعيد، بلي، الضفير، شمر، بنو حنيفة، قحطان، حرب، السراحين، القرينية، بنو رشيد، بني عبدالله، العوازم، قريش، العجمان، مطير، بني ويد، بنو تميم، الأشراف، سبيع، مزينة، الدواسر، البقوم، هذيل، شهران، بنو أكلب، بنو إبراهيم، بنو خالد، بنو مرة، وغيرها.
وقد تكلَّم المؤلِّف عن فروع بعض القبائل مثل: عتيبة، وعنزة، وحرب، وجهينة، وبنو رشيد، وتعداد لبعض الأقاليم والقبائل والبطون التي تسكنها.
وأخيراً، فإنّ الكتاب يحتاج إلى وقفة متأنِّية ومراجعة ناقده؛ لأنّ في بعض معلوماته تصحيفات وأخطاء مردّها الترجمة، أو اختلاف النقل الأصلي للغة المؤلِّف، ولعلِّي أقف على مراجعته في مقال مطوّل، إن شاء الله.
(1) الرحالة الأوروبيون في شمال الجزيرة العربية، تأليف د. عوض البادي، منطقة الجوف ووادي السرحان 1845- 1922، بيروت: الدار العربية للموسوعات، ط2 - 1423هـ - 2002م، ص 13.