Al Jazirah NewsPaper Friday  13/10/2006G Issue 12433متابعة الجمعة 21 رمضان 1427 هـ  13 أكتوبر2006 م   العدد  12433
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

نادى السيارات

الرأي

رمضانيات

عزيزتـي الجزيرة

سين وجيم

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

عامٌ يمرُّ كأنهُ كلُّ السنين... وكأنه في العمرِ ساعة!!
د. هند بنت ماجد الخثيلة


(يا عبدالله: أنت قلت:
شعبي كعيني...
ونحن نقول لك:
أنت عيوننا التي بها نرى.. وقلوبنا التي بها نعيش)
حين يكون الحديث في ملك هو عبدالله بن عبدالعزيز، فإن مفردات هذا الحديث لابد أن تكون مختلفة، مثلما هو التناول يجب أن يكون مختلفا، وكيف لا يكون ذلك كذلك، ونحن نشهد عهداً حافلاً بالجهد والبناء، مليئاً بالعطاء.. مفعماً بالعزة والكبرياء.
ولأن الحديث في هذا الميدان يطول، فقد اجتزأت اثنتي عشرة صفة من الصفات التي لا يأتي عليها الحصر، من تلك التي اتصف بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - لتكون بذلك بعدد الشهور التي تؤلف في مجموعها سنة هي المدة الزمنية التي مرت على خادم الحرمين الشريفين منذ توليه الحكم في وطننا العزيز.
ملك القلوب
لأن الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل لا تقوم بينه وبين الناس المسافة التي تقوم عادة بين الملك ورعيته، فهو بذلك يكون ملك القلوب، لأن المحبة التي تربعت في قلوب السعوديين والسعوديات لهذا الملك، جعلت منه عنوان حياة لهم، وربطتهم بشخصه الجليل برباط الاعتزاز والولاء غير المحدود، إلى الحد الذي جعل كل السعوديين والسعوديات يرون في هذا الملك - رعاه الله - كبير أسرتهم الذي يعيش معهم، ويعرفونه معرفة الابن لأبيه، والبنت لأبيها وولي أمرها، وهذا الشعور لا يتولد عند أي كان، إلا بعد أن يطمئن قلبه إلى أن المحبة فيه صادقة وخالصة ودائمة، وأن الولاء فيه خالص لا محيد عنه، خاصة وأن أبواب الملك عبدالله مفتوحة لأبنائه وبناته، ولا يحول بينه وبين الشعب السعودي كله حاجب، ولا يقف بينه وبينهم حجاب. فكيف لا يحبه مواطنوه، بعدم شرع أبوابه وقلبه لهم؟!، وكيف لا يحبونه، وقد رأوه يتقدم الصفوف في وجه الفقر، ويشاركهم حياتهم حلوها ومرّها.. وشعر السعوديون بأن ملكهم رجل يخشى الله فيهم، وهو إنسان استطاع بقيادة الفطرة، وليس في مدارس المراسم وإعداد القادة الكبار، أن يضع شعبه بين حرصه وقلبه، من أجل ذلك اقتحم القلوب جميعها وهي في طريقها لاحتضانه ملكا على القلوب.
خادم الحرمين الشريفين
الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو خادم الحرمين الشريفين، وهو في اتخاذه هذا اللقب، إنما يمضي بنفس أبية، وقلب مطمئن في مسيرة التواضع لهذه العائلة العربية الإسلامية الأصيلة، عائلة آل سعود، التي تثق أن الجاه ورفعة الشأن لا يكونان بالألقاب، لكن بالإيمان والعمل الحق، وبالإيثار والعدل والمساواة، ومنذ اللحظة الأولى التي تسلم فيها الملك عبدالله بن عبدالعزيز الحكم، التف حوله الشعب كله، وكان مرد ذلك الالتفاف التاريخي معرفة شعبه به بشهامته، وصدقه، وطيبة قلبه، وجسارته، ونبل مقاصده، وبشاشة وجهه، وعلو همته، وفائض رحمته، وتواضعه، ولن ينسى أحد من شعبه ذلك الموقف المؤثر عندما نزل وهو ولي للعهد إلى الشارع وتجول بين الناس، فصافحهم واحدا واحدا، وتحدث إليهم، وتحدثوا إليه، وضحك معهم، واستمع إليهم، فلم يشعر أحد ممن حوله برهبة أو خوف، لأن الحب والاحترام استحوذ على المشاعر كلها، وعندما تولى مقاليد الحكم سار على نفس المسار الذي يفيض تواضعا وإنسانية، وكلنا يذكر قوله - حفظه الله - في حديثه عن شعبه: (إنني أقدر شعبي وأهتم به، فهو بالنسبة لي كعيني التي أرى بهما).
الفارس
كان الملك عبدالعزيز - رحمه الله - فارسا يعشق الخيل، كيف لا وهو الذي من على صهواتها أسس ملكاً شاسعاً، ووحد دولة مترامية الأطراف، ووضع لبنات أول دولة سعودية حضارية منتمية بقوة للعالم الحديث؟!
وعلى ذات الدرب، وبتلك الفطرة العربية الإسلامية الأصيلة مضى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز محبا للخيل، ومشجعا لقيم وأخلاق الفروسية، وعمل على ترجمة هذه القيم سلوكا وأفعالا، فكان بذلك نعم الفارس، ونعم القائد، هذه الروح وهذا الحب الأصيل للفروسية شكلت نقطة اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، فأولى رياضة الفروسية عنايته الخاصة، واعتبر ذلك ضمن النهضة الاجتماعية والرياضية السعودية، كما أراد أن يبقي حب الخيل والفروسية في عقول وقلوب أبناء المملكة، أحفاد فرسان العرب والمسلمين، وامتداد الفاتحين الأوائل الذين نشروا دعوة الحق في كل أرجاء المعمورة.
إن أهل الفروسية ومحبيها تلهج ألسنتهم بشكر خادم الحرمين الشريفين، ويدينون بالفضل لله ثم للملك عبدالله بن عبدالعزيز لما حققته رياضة الفروسية في المملكة العربية السعودية من نهضة وتطور بتعاون ومشاركة من مؤسسات وشركات القطاع الخاص التي دعمت مسيرة نادي الفروسية ونشاطاته، للوصول إلى الأهداف التي يتطلع إليها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - والمتمثلة في قوله: (سنتمكن بعون الله من الوصول بالفروسية السعودية إلى آفاق أرحب لنؤكد للعالم أننا أهل هذا المضمار وأبطاله وفرسانه كما يشهد تاريخنا وتراثنا).
الباني
بدأ عهد حكم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بداية واسعة الأهداف والإجراءات في الجوانب الاقتصادية، وفي مجال البناء الذي يعتبر مدخلا أساسيا للتاريخ، ليكون بذلك الملك عبدالله بن عبدالعزيز عنوانا ضخما لمرحلة بناء اقتصادي واجتماعي وعلمي جديدة، ويتميز موقفه - حفظه الله - في هذا الجانب بالسمة القيادية المؤسسة، التي لا تنظر إلى المفاضلة بين المواقع، أو المشاريع الاقتصادية، بقدر ما تنظر في مصلحة المواطن أولا. فالسلوك الاقتصادي، والبناء الاجتماعي يأخذان في الحسبان مصلحة الشعب كله، ومشاعره جميعها، وتكون برامج التطوير والتنمية المتواصلة المقياس الذي ينظر من خلاله خادم الحرمين الشريفين إلى الهدف الاقتصادي أو الاجتماعي في عملية البناء المتكاملة، ليتم نقل الناس من واقعهم المحدود إلى أفق اقتصادي واجتماعي شامل متكامل.
وليس عبر الحوار الوطني على أهميته القصوى - يضع الناس عمليا أمام برامج تطورهم الحياتي ليس داخل مصانع أمريكية أو مزارع روسية أو وظائف بنوك بريطانية أو مشاريع إسكان فرنسية.. هذا كله يتم وضعه بين يدي الناس..
لقد كان البحث عن الشركاء الاقتصاديين للمرحلة المقبلة هو مشروع الحكومة السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد انضمام المملكة حديثا لمنظمة التجارة العالمية، فخصص- رعاه الله- أول زيارة للملك عبدالله بن عبدالعزيز خارج البلاد منذ توليه العرش إلى دول الصين والهند وباكستان وماليزيا، ما يعطي دلالة قوية على أن المملكة العربية السعودية بصدد ترسيخ علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية، ولتبين حاجتها إلى حلفاء مهمين في آسيا كما في الغرب.
هذه البلدان التي استقبلت خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - تمثل قوة اقتصادية عالمية جبارة، وفيها نصف سكان العالم، وهو ما يؤكد حقيقة زخم جديد للاقتصاد السعودي، من خلال المنافذ الكبيرة لهذه الأسواق، وتصريف للصادرات السعودية التي يتوقع أن تزيد عن 62 مليار ريال سعودي.
وتتجلى فلسفة خادم الحرمين الشريفين السياسية والاقتصادية في الإحساس بمسؤولية الدولة تجاه وظيفتها الاجتماعية والاقتصادية، لتحقيق التوازن في حيازة الثروة المادية، وهو ما أكده- حفظه الله- عن عزمه على إنشاء صندوق ادخاري لذوي الدخل المحدود، تستثمر عائداته لفترة محدودة، في سوق الأسهم.. أو أية أوعية استثمارية أخرى قد تنشأ مستقبلا، يقي صغار المستثمرين من تقلبات أوضاع السوق المالية، ويحمل إمكانات الربح الكبيرة، ويضمن في نفس الوقت رؤوس الأموال، وهذا ما يعكس اهتمامه - حفظه الله - بهموم شعبه.
مثل هذه الأفكار الاقتصادية المبتكرة، ومثل المشاريع الاقتصادية العملاقة، كمدينة الملك عبدالله الطبية، ومدينة الملك عبدالله الاقتصادية (مشروع الألفية)، وغيرها مما لا يتسع المجال لذكره، يدل دلالة قاطعة على قيادة تاريخية، سيخلدها التاريخ، وتنقشها الأيام والأحداث بحروف من نور في ذاكرة الأجيال. ولا يفوت خادم الحرمين الشريفين التأكيد على حقائق التاريخ، وتواصل مسيرة البناء والعطاء، فيقول - حفظه الله -:
(إنني إذ أضع حجر الأساس لعدد من مشاريع الخير والنماء والعطاء أذكر بأن حجر الأساس الأصل هو ما وضعه موحد الجزيرة العربية الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - وهو حجر وحدة أبناء هذه البلاد وحجر بناء الإنسان الواعي بأمور دينه ودنياه، فلولا الله ثم تطوير الإنسان وتعليمه وسمو أهدافه لما تحقق لنا ما نحن فيه من نعمة نحمد الله عليها وبالحمد تدوم النعم).
الإنسان
بقلب مؤمن بالله، مفعم بحب الناس، والولاء للوطن. وبلسان صادق، وصوت مرتفع من قلب شبه الجزيرة والخليج.
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يعرف بذكاء وفطرة القائد، ويعرف أن المحافظة على هذه المكانة والهيبة لا تكون بالتبجيل والتعظيم، ولا بتقبيل الأيدي، إنه واثق من أن مكانة الإنسان تكمن في إنسانيته أولا، وفي هذا قال - حفظه الله - لدى استقباله جموعا من المواطنين (إخواني: إن تقبيل اليد أمر دخيل على قيمنا وأخلاقنا ولا تقبله النفس الحرة الشريفة إلى جانب أنه يؤدي إلى الانحناء وهو أمر مخالف لشرع الله، والمؤمن لا ينحني لغير الله الواحد الأحد)، وأضاف: (لذلك أعلن من مكاني هذا عن رفضي القاطع لهذا الأمر، وأسأل الجميع أن يعملوا ذلك، ويمتنعوا عن تقبيل اليد إلا للوالدين برا بهم).
وليس من الضروري أن يكون المواطن أميرا، أو ذا جاه، أو غنيا حتى يفد على خادم الحرمين الشريفين، فأبوابه مشرعة للجميع دون استثناء، الجميع أصحاب حقوق، وللمتظلمين والمتضررين الأولوية في عرض قضاياهم، ليسوا في حاجة إلى جرأة ورسميات، ودهاليز المركزية للوصول إلى ملكهم، هم فقط عليهم أن يتوجهوا إليه كما عهدهم بالمحبة والثقة من أنه سينصف المظلوم، ويأخذ على يد الظالم. بل إنهم قد عرفوا أن الملك عبدالله بن عبدالعزيز قد سحب أو ألغى الكثير من المكاسب التي كان ينالها بعض أفراد عائلته (الصغرى والكبرى)، وتأكدوا أن ذلك قد جرى فعلا.. فذكرهم بعمر بن عبدالعزيز، بل إنهم يسمونه عمر بن عبدالعزيز.
العبقري
المحلل المنصف، والراصد الواعي لهذه الحقبة الزمنية المميزة التي تولى فيها خادم الحرمين الشريفين مقاليد الحكم في البلاد، يصل دون عناء، أو مبالغة، أو نفاق، أو مصالح شخصية، إلى أنه أمام شخصية عبقرية خبرت السياسة وفن التعامل مع المجتمع والعالم، ويجد أن تركيبة هذه الشخصية تتسم بالبساطة في القول، والعمق في التناول، والتواضع في الظهور، والجدية في المواقف، والوضوح في الحق، والصراحة في التعبير، والعفو عند المقدرة، والعطاء بلا حدود، وبعد النظر في الرأي، والمنهج السليم في القيادة، والتوازن في التعامل مع مختلف دول العالم، ولعل هذه هي شخصية القائد العبقري، الذي يجمع في شخصه كل سمات العبقرية، فتجده يحظى باحترام العدو قبل الصديق، ويسعى بكل طاقاته إلى إحقاق الحق، وإقامة العدل، هذه الشخصية تتبلور شخصية قائدة ذات منهج فريد حين تنطلق في الداخل من احترام المواطن، واعتباره المحور الحقيقي للتنمية، ومن المحافظة على مقدرات وثروات ومكتسبات الدولة بكافة مؤسساتها، وتنطلق في الخارج من مبدأ الاحترام المتبادل، وقبول الآخر والتحاور معه، على مبدأ الحق، وقبول هذا الآخر، دون التنازل عن الثوابت التي تعتبر مقدسة عند خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله -.
فإذا ما انطلقت هذه الشخصية في التأسيس لحوار وطني يجمع الشمل، وينقي النفوس، ويطلق حرية الإنسان ضمن حدود وأبعاد هذه الحرية الشخصية الملتزمة بالمبادئ والقيم، وحين تمضي هذه الشخصية إلى الإصلاح بعزيمة صادقة وقلب مؤمن بأن الله سبحانه وتعالى مع صلاح الأمة، حين يكون ذلك، فإن العبقرية هي أنسب وصف لشخصية قائد بهذه الصفات، وبهذه الأخلاق الأصيلة، وسوف تكون النتيجة الحتمية التفاف الشعب حولها، وإعلان الولاء التام لها، خاصة وأن هذا الشعب يرى الإنجازات الاقتصادية، التي تأتي بتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين، ستؤمن له العيش الكريم في وطن عزيز كريم.
الوالد
القائد الوالد عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - تلقى الأمانة فحملها وهو أهل لها، وكان لذلك الانتقال السلس للحكم والمبايعة الفورية من شعبه بعد رحيل الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - الأثر الطيب في نفوس الأهل والأصدقاء، فقد راهن الكثيرون على أن المملكة مقبلة على نوع من الصراع بعد رحيل الملك فهد، وأخذت أبواق الدعاية المغرضة تضع الشعب السعودي، والعائلة الحاكمة في صفين متقابلين، وتخرص البعض بإمكانية حصول مثل هذا الصراع، لكن الذي يعرف الحكم السعودي والشعب السعودي كان له رأي آخر، فالحكم والقيادة في المملكة العربية السعودية ظل طوال الوقت في منأى عن الصراع، ولم تقف هذه القيادة منذ الملك المؤسس وحتى اليوم على باب من أبواب التناقض في الموقف، أو التضاد في الرؤية، بل لم يحدث في تاريخ المملكة أن تناولت أية وسيلة إعلام صراعا صريحا، أو تباينا ظاهرا أو باطنا بين أقطاب هذه القيادة، فكيف إذا أضيف إلى ذلك المواقف الأبوية التي تتبناها هذه القيادة قولا وعملا؟!
لقد كان واضحا أمام العالم أجمع التلاحم القوي لأبناء وبنات المملكة في السير خلف الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكانت مظاهر الولاء والإخلاص توحي بأن هذه العفوية النادرة في المبايعة لا تكون إلا من الأبناء للآباء، ولا تصدر إلا عن قلوب تفيض بالإيمان بعقيدتها وقيادتها، وتنبض بالحب اللامحدود لهذه القيادة.
إن أول ما قام به خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز عند توليه القيادة الالتقاء بكل فئات الشعب، ومن مختلف مناطق المملكة، وكان لتلك اللقاءات العفوية الصادقة الأثر الكبير في نفوس المواطنين، وكان حديثه - حفظه الله - شاملا، تناول أمن الوطن والمواطن، ودور كل فرد في خدمة وصيانة هذا الأمن، وحقه في أن يعيش حياة حرة كريمة، كما تناولت اللقاءات التأكيد على استمرار الحوار الوطني، وكان للمرأة السعودية مكانة خاصة في هذه اللقاءات، فوفدت إلى مقامه السامي عدة وفود نسائية تحمل إلى ملكها الولاء والمحبة، وتنتظر منه أن يعيد التأكيد على حقوقها التي يصر عليها دائما.
إن التلقائية والشفافية التي تميزت بها تلك اللقاءات، والهيبة المستحبة في شخصية الملك عبدالله حطمت الحواجز النفسية بين الملك وأبناء شعبه، فبدوا كأنهم أفراد عائلة واحدة يجلسون أمام والدهم يحدثهم وينصحهم ويطلعهم على تجاربه فيستمعون إليه، ويتحدثون ويعرضون مطالبهم في محبة وألفة، فيستمع الوالد لهم.. ويلبي لهم مطالبهم، ويبشرهم بالخير العميم الذي جعله الله للأسرة الواحدة والأمة الواحدة المتعاضدة المتكاتفة، ومن منا يمكنه أن ينسى تلك الخواطر العفوية التي كانت تمتلئ بها كلمات الملك عبدالله وهو يحاور أبناءه؟ بل من منا يستطيع أن ينسى تأثره وهو يرى عجوزا مسنا، أو مواطنا ملهوفا يتقدم من ملكه، فتمتد يد الملك الكريم ليأخذ بيده، ويهدئ من روعه، ويساعده على الجلوس أمامه، ويستمع إليه باهتمام وتقدير؟! فأي ملك هذا الذي يجعل مقعد المواطن أمام مقعده؟! إنه الملك عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل والد السعوديين جميعا، الذي أحبهم فأحبوه، وقادهم فبايعوه، ولم يكن غريبا أن يلقبه الجميع بالوالد، بعدما رفض - حفظه الله - رفضا قاطعا أن يقال له: يا مولاي!!
الكريم
إذا كان الكرم سجية عربية أصيلة، فإن خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز خير من يمثل هذه السجية، فهو رجل جواد في مجال الجود، كريم في موقف الكرم، يمضي كرمه ممزوجا بأحاسيسه الصادقة بمعاناة المحتاجين، ولن ينسى أبناء هذا البلد قصة تفقده للأحياء الفقيرة في مدينة الرياض، ووقوفه عن كثب على أحوال أهلها وقاطنيها، وحزنه على أحوال الكثير منهم، ليخرج من عندهم معلنا عداءه الصريح للفقر، ويمضي - رعاه الله - لإصلاح أحوالهم المعيشية، وتوفير الحياة الكريمة لهم، وخصص حينها مبلغ مائتي مليون ريال لعمل الدراسة اللازمة لمحاربة الفقر، وأهاب بجميع أغنياء الوطن، وبرجال الأعمال والشركات والبنوك أن يضطلعوا بأدوارهم، وأن يقدموا ما تجود به أنفسهم لمساعدة إخوانهم، ومن هناك بدأت مسيرة الكرم والخير التي أطلقها الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وعلى الصعيد الطبي والإنساني يتألق كرم خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز، حين تهب نخوته العربية الأصيلة الكريمة إلى جبر خواطر المصابين، والوقوف إلى جانب المحتاجين، وكلنا نذكر بفخر كبير موقفه الكريم لفصل التوائم السيامية، التي لا يزال صداها الطيب يتردد في مشارق الأرض ومغاربها، وقد كان لذلك الموقف المشرف لكل سعودي أثره على الساحة العالمية، حيث تناقلت الصحافة العالمية الأحداث الطبية التي جرت في المملكة، بعين الرضا، وأشادت كلها بلا استثناء بكرم وإنسانية خادم الحرمين الشريفين عبدالله بن عبدالعزيز.
انعكس إيجابا على الأسواق المالية والبترولية داخل وخارج المملكة؛ نظرا إلى ارتباط العالم بالمملكة وتأثره بما يحدث فيها، وفي عالم مضطرب من حولنا يموج بالصراعات والفتن والحروب، ومن خلال أحداث دولية وإقليمية وفي منطقة ملتهبة كمنطقة الشرق الأوسط يتسلم راية القيادة عبدالله بن عبدالعزيز ليقود الأمة ويواصل المسيرة مقتديا بسلفه الصالحين، ومحاطا بإخوانه المخلصين وبعزيمة شعبه الوفي الصادق المخلص لدينه ومليكه قبل ذلك. وأثناء ولايته للعهد وطيلة السنوات العشر الأخيرة من حكم الملك فهد- رحمه الله- كان يدير شؤون الحكم نيابة عن أخيه إلى أن توفاه الله. وأسرة آل سعود إذا مات منهم سيد قام سيد.
ومع وجود الخير والشر على وجه البسيطة منذ القدم تتواصل المسيرة الأمنية والعين الساهرة تحرس كل مواطن وكل شبر من هذا الوطن. إن يد الأمن ستبقى دائما في وجه من يعكر أمن المسلمين، ويهدر مقدرات الوطن ويزرع الرعب والإرهاب فيه.
المصلح
وفي الوقت الذي ينشغل خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في دعم موقف المملكة العربية السعودية إقليميا وعالميا، تتواصل خطواته الإصلاحية التي يقوم بها في جميع الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والطبية والتعليمية.. ففي مجال الاقتصاد ونتيجة عودة الأموال المهاجرة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وارتفاع دخل المملكة بعد الارتفاع في أسعار البترول، وفي ظل الوعي الإصلاحي لخادم الحرمين الشريفين، والوعي الاستثماري لدى المواطنين، تم في عهده - حفظه الله - اتخاذ قرارات مهمة، تصب في صالح الاقتصاد الوطني، منها إنشاء الهيئة العامة للاستثمار، والهيئة العليا للسياحة، والهيئة العليا للبترول؛ وارتفع عدد السعوديين المتعاملين في سوق الأسهم إلى أكثر من أربعة ملايين مواطن ومواطنة، وما ذلك إلا بعد شعور المواطنين جميعا بأن قيادة حكيمة تعمل لإسعادهم تمضي أمامهم لرفع مستوى معيشتهم، وتحسين أوضاعهم الاقتصادية. وحين أحس - حفظه الله - بالخطر على أموال الناس، بعد الانهيار المفاجئ في سوق الأسهم السعودية في فبراير 2006م، أمر خادم الحرمين الشريفين الخبراء الاقتصاديين بضرورة إنجاز دراسة متكاملة لإنشاء صندوق استثماري لذوي الدخول المحدودة، تتولى الدولة إدارته وتشغيله لهم، وتكفل لهم فيه رؤوس أموالهم، وتتحمل عنهم ما ينجم من العمل بهذا الصندوق من خسائر!!
ويسعى خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بكل همة ماضية العزم، وبكل حرص دائم لإعادة الحياة للعمل العربي والإسلامي المشترك، ولم يدخر - رعاه الله - جهدا في سبيل إصلاح ما تعكر من علاقات بين الشقيقتين سوريا ولبنان، ولا يزال الخلاف بينهما يؤرقه، ولا يزال يبذل الجهود المحمودة لإعادة اللحمة إلى أبناء الأمة الواحدة.
وخادم الحرمين الشريفين هو صاحب مبادرة السلام بين العرب وإسرائيل التي أقرها مؤتمر القمة العربي الذي عقد في بيروت قبل ثلاث سنوات، ولا يزال يصر على عودة حقوق العرب والمسلمين في فلسطين، ويقف بكل قوة وعزم لمؤازرته ومعاونة الشعب الفلسطيني الشقيق في محنته الناجمة عن وقوعه تحت الاحتلال، وللملك عبدالله بن عبدالعزيز مواقفه المبدئية والجوهرية تجاه الحق العربي في كل المحافل الإقليمية والدولية، وهو أمام هذا الحق لا يخضع لضغوط من أحد، ولا يسمح لأحد بمساومته عليها.
العادل
لم يكتف خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بتكريم المواطنين ومحبتهم، لكنه توجه إليهم طالبا النصح والمؤازرة، ويشركهم معه ومع القيادة في تحمل المسؤولية الكبيرة التي عليهم حملها في هذا العصر المتسارع الأحداث، فقد خاطب الملك عبدالله أبناء شعبه، فقال لهم: أتوجه إليكم طالبا منكم أن تشدوا أزري، وأن تعينوني على حمل الأمانة، وألا تبخلوا علي بالنصح، والدعاء).
وقد قطع - رعاه الله - لهم العهد على نفسه أن يكون إحقاق الحق شغله الشاغل، وإرساء العدل همه الدائم، وخدمة كل المواطنين مسؤوليته الأولى. ولعل هذا العهد هو واحد من العهود التي قطعها الملك عبدالله بن عبدالعزيز على نفسه في قيادته لوطنه وشعبه، عهود يمتلئ بها عقله وقلبه الممتلئ عدلا وحبا ورحمة وشهامة.
وفي سياق العدل بين أبناء وطنه، وضع الملك عبدالله بن عبدالعزيز خطوات من شأن تطبيقها إعادة كثير من الأمور إلى نصابها الذي وضعته القيادات السعودية السابقة، وعملت على حفظه، فقد أمر - حفظه الله - كافة أجهزة الدولة، مسؤولين وعاملين أن يقوموا بعملهم خير قيام، ووجه إلى ضرورة ترشيد الإنفاق، والابتعاد عن البذخ الذي لا لزوم له، وتوجيه كافة النفقات التي من الممكن اختصارها نحو مشاريع الإنتاج والتدريب والتنمية وإعداد المواطن السعودي المنتج، وتأهيله لدخول سوق العمل، والتوقف الفوري عن الهدر الاستهلاكي الذي لا عائد منه على المواطنين.
الحر
التحديات الدولية كثيرة، وأمام خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تحد كبير، إذ عليه أن يغير الصورة التي شابها شيء من السلبية عن الإسلام والمسلمين بعامة، ويعالج الأثر الذي يتركه الإرهاب على سمعة الدول القيادية العربية والإسلامية، ومن بينها المملكة العربية السعودية.
لقد تغير حال العرب والمسلمين المقيمين في الدول الغربية بشكل عام، وأخذ الضيق من هؤلاء مأخذا جديا، بعد أعمال العنف والإرهاب التي اجتاحت العديد من دول العالم، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وهؤلاء المقيمون يتطلعون إلى العالمين العربي والإسلامي، فيجدون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو المؤمل في علاج أوضاعهم، وتحسين صورة الإسلام والمسلمين، نظرا لما تشكله المملكة من ثقل سياسي واقتصادي على مستوى العالم كله.
ولا شك أن خادم الحرمين الشريفين قد أولى العلاقات العربية الغربية الاهتمام الخاص، ولا يزال يستخدم حنكته السياسية لردم الهوة التي نشأت عقب أحداث أيلول في الولايات المتحدة الأمريكية، ويستخدم في ذلك ما عرفه عنه من حكمة وأناة، ومن براعة في إدارة المواقف الصعبة، وفي ذلك كله، وفي مواجهة كل المواقف، يظل الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو ذلك الرجل الصلب الحر الذي لا يساوم، بل لا يقبل المساومة على كرامة الأمة، أو كرامة أي فرد فيها، إنه واقف كالطود بعقل وقلب مفتوحين، وبكرامة عربية إسلامية صريحة، فهو مؤمن إيمانا تاما أن الحق يعلو ولا يعلى عليه، ومن هذا المنطلق استطاع خادم الحرمين الشريفين أن يحدد مهماته الكبيرة بذات الكرامة المعهودة فيه، وبتصميم الرجال الأحرار للإنسان العازمين على تخطي الصعاب، والمضي قدما إلى الفعل المتكامل بإرادة حرة أصيلة.
المعتدل
ما حققه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز خلال فترة قصيرة، يصنف في قائمة الأعمال العظيمة، لأن ما اتخذه من القرارات الإستراتيجية المنظمة العمل، والتخطيط السليم والإدراك للمرحلة الراهنة بقياسات زمنية دقيقة، بدل دلالة قاطعة على أن هذا القائد عازم على أن يضع الأمور في نصابها الصحيح، ولكن دون تشنجات، أو تسرع في اتخاذ القرارات المصيرية، من أجل ذلك يكون في عهده، وللمرة الأولى في تاريخ المملكة حوار علني أطرافه سعوديون، يمهد لإحداث تغيير اجتماعي إيجابي، كما وأنه للمرة الأولى تبرز قضايا وحقوق المرأة السعودية في مقدمة القضايا التي يناقشها هذا الحوار، كما وغطى المنتديان الأولان قضايا التسامح الديني وحقوق المرأة.
وعلى الرغم من العدوان السافر لإسرائيل على الشعب الفلسطيني وعلى حقوق الأمة، إلا أنه - حفظه الله - اتخذ جانب الاعتدال منهجا في التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي، حيث كانت مبادرته الشهيرة في مؤتمر قمة بيروت لحل هذا الصراع، والتي لا تزال أكثر المبادرات اعتدالا وحفظا للحقوق.
وقد جعل الملك عبدالله من أهدافه العليا، أن يرى الوطن للجميع من غير تراتبية، أو مناطقية، أو طائفية، أو قبلية، لقد أراد للمملكة أن تكون بلدا مثاليا للمشاركة في صناعة الأهداف وتحقيقها، من خلال مشاركة الجميع بلا استثناء رجالا ونساء، وتلك هي ميزة القائد العظيم.
كما سعى - حفظه الله - بجد وفاعلية، وبنظرة القائد الملهم إلى الإصلاح السياسي، وإلى ترميم العلاقات الدولية، وإلى الإصلاح الاجتماعي، وإلى مواجهة حازمة مع الإرهاب، ومع كل ما يشكل خطرا على أمن الوطن، ومع ذلك فقد ترك الباب مفتوحا أمام من غرته نفسه، فحاول الخروج على الإجماع الوطني، وأصدر عفوا عن كل من تطاول على سلطة الدولة والقانون، إن هو رجع عما هو فيه، وفي هذا الجانب تمكن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله من الاستمرار في عزل الغلو والتطرف عن المجتمع السعودي، وأم بإخضاع ظاهرة التطرف والإرهاب للدراسة، وتلمس ثقافة وسطية تعيد الأمور إلى نصابها الصحيح.
***
هذا هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في جانب يسير من الصفات والإنجازات، في مسيرته القيادية المباركة التي تسير قدما إلى عناوين أكبر وأسمى، فيها الإصلاح والإبداع، وفيها الحرص على الوطن والمواطن، والحفاظ على الأمة، وبناء الإنسان الصالح المنتج المبدع.
هذا هو عبدالله بن عبدالعزيز، بشخصيته العربية الإسلامية التلقائية التي تخاطب شعبه وأمته، رافضة للعنف، داعية إلى الإصلاح، عاملة على نشر ثقافة الحوار بين المذاهب الدينية والفكرية، وحريصة على نقل تلك الثقافة إلى البيوت السعودية، مصرة على كل مواطن أن يرتقي بنفسه باتخاذه ثقافة الحوار وسيلة ومنهجا.
هذا هو خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - أطال الله بقاءه - قائد فذ، وهو امتداد للخير الشامل، في وطن الخير العزيز، الرجل الذي تتنافس العقول والقلوب على محبته واحترامه.. الرجل الذي نذر نفسه لإصلاح الوطن والنفوس والضمائر، ويمتلئ غيرة على الوطن والأمة، لأنه وكما قال - رعاه الله - (إننا لا نستطيع أن نبقى جامدين والعالم من حولنا يتغير).



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved