Al Jazirah NewsPaper Thursday  26/10/2006G Issue 12446محليــاتالخميس 04 شوال 1427 هـ  26 أكتوبر2006 م   العدد  12446
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

مزاين الإبل

دوليات

متابعة

منوعـات

نادى السيارات

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

هذرلوجيا
دهر ومعاوينه (1-2)
سليمان الفليح

* يُسمي أهل نجد عموماً بما فيهم مؤرخوهم وأهل باديتهم سنوات القحط والمحل والجفاف ب(الدهر)، ويذكر المؤرخون (دهوراً) مرَّت بنجد كادت أن تفرغها من سكانها مثل دهر (صلهام) ودهر (شيته) ودهر (جرادان)، وكذلك تذكر القبائل التي هاجرت من نجد إلى الشمال دهوراً مرَّت بها هناك مثل (جلغيف) و(الحقّه) و(الوقت الشين)، ولعل الدهر الأخير هو الذي قضى قضاءً مبرماً على إبلهم بشكل خاص وعلى أغنامهم أيضاً، وكان هو السبب الرئيس بالإضافة إلى بعض العوامل السياسية التي رافقته في إعادة هذه القبائل إلى موطنها الأساسي نجد وانتشار بعض أفرادها بحثاً عن لقمة العيش في دول الخليج العربي

* * *

هذا بالنسبة للدهر. أما بالنسبة إلى (معاوينه)، أي العوامل التي (تعاوِّنه) على تعميق المأساة فهي الأمراض وانتشار الأوبئة وبروز ظواهر غير إنسانية كالسطو والسرقات والديون والضرائب والتشتت وغلاء الأسعار والاستغلال والجوع وتتالي النكبات الاجتماعية كالحروب والغزوات وغيرها.. ولعل أصدق عزاء في تاريخنا الأدبي هو عزاء جرير لقبيلة تميم بعد موت شاعرها وخصمه الألد الفرزدق، الذي جاء في (دهر) رهيب مرَّت به القبيلة.. إذ قال جرير بروح الشاعر النبيل الذي لم يعرف الحقد على خصمه - لا كما يفعل شعراء هذه الأيام - أقول قال جرير معزياً:

لا لعمري لقد أضنى تميماً وهدها
مع نكبات الدهر موت الفرزدق
فتى عاش يبني المجد تسعين حجة
وكان إلى العلياء والفخر يرتقي

* * *

ولعل من يستمع إلى قصص المسنين عن سنوات الجوع والجفاف والجدب والدهور لا يصدق أن الناس كانت تبحث عن كل شيء تأكله بما في ذلك جثث الحيوانات النافقة هذا إذ لم يعمد الإنسان في حالة الجوع الأقصى إلى التّوحش ويأكل ابن جلدته الإنسان كما كان يحدث في بلدان أخرى انطلاقاً من شريعة الغاب التي تقول (إن البقاء للأقوى).. ولعل أبشع وأشنع صورة لهذا التّوحش ما ذكره الشاعر الراحل محمد الفايز في ديوانه الرائع (مذكرات بحار)، حيث يضطر مجموعة من البحارة الذين تحطمت سفينتهم بالقرب من جزيرة خاوية إلى محاولة أكل أحدهم إذ يقول الفايز في المذكرة (السادسة عشرة):

(ها نحن فوق البحر أربعة وخامسهم يموت،

غرقاً قبيل وصولنا الشاطئ.. وكان لظى الرمال

تحت الظهيرة ذوب أكباد بها داء عضال

وتلقفتنا الأرض حاقدة كتنّور كبير

ها نحن غرثى هائمين بلا متاع

لا شيء غير الجوع والأخشاب نأكلها كأن بها بقايا من ثمار

ومن الأجاج نعبّ كأساً من زلال

والجنة الخضراء تبرق كالمواقد في الخيال

وتطلّعت حولي العيون

مثل الخروق

وشعرت بالخوف العظيم

وقلت ماذا يفعلون؟

لا بد من أكلٍ.. وكنت فتىً.. وآكلة اللحوم

للآن ما برحوا: سنأكله ولو فيه السموم

وصرخت من جوعٍ ومن خوفٍ وقالوا: لا محال

ستموت كي نحيا وكانوا كالوحوش

وهتفت من أعماق أعماقي: حرام

وتفتحت أشداقهم غرثى يغطيها الجثام

والملح والجوع المُعربد.. يا رفاقي الأوفياء

وتألبوا ضدي (كيوسف) ثم وليت الفرار

وكنت أسمعهم ورائي يركضون

فوق الرمال.. وفي الظلام

في مقر كهف قد أويت وكنت

أسمع خطوهم تحت النجوم

ونسيت أن تأتي الذئاب

كيما تمزقني

لقد كانوا أشد من الذئاب

لا بد من أكلي وأبرقت السماء فخفت من ضوء السماء

ستنير دربهم لكهفي.. جائعون يفتشون

عن جائع كي يأكلوه.. وفي الصباح

ألفيتهم فوق الرمال الممطرات

يتنفسون بلا حراك كالموات).

* * *

كذلك يصوِّر الدهر الشاعر (ساكر الخمشي) في دعوته الشهيرة على إحدى بلدات نجد إذ يقول في قصيدته:

الديرة اللي حل به ذبح الأجواد
يطلع لها من عقب ذلك منادي
تأخذ ثمان سنين ما جاه رعاد
وبربوعها تذري ذواري الرمادي
ترخص بها العمله ويغلأ بها الزاد
وتنسى بها المرضع جنين الفؤادي

* * *

ونكمل فيما بعد..




نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved