Al Jazirah NewsPaper Saturday  11/11/2006G Issue 12462دولياتالسبت 20 شوال 1427 هـ  11 نوفمبر2006 م   العدد  12462
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

صدى العلوم

تغطية خاصة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

رحل بولند أجويد ولم يتحقق حلمه في انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي!
عبد الإله بن سعود السعدون*

برزت شخصية الرئيس الراحل بولند أجويد زعيم حزب الشعب الجمهوري في تركيا كأكثر الزعماء السياسيين المطالبين بدخول تركيا للأسرة الأوروبية، فمنذ عام 1960م ظهر كمعارض سياسي للهيئة العسكرية الانقلابية برئاسة الجنرال جمال كورسيل وطالب بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق الرئيس المنافس له عدنان مندريس زعيم الحزب الديمقراطي لاتهامه باستغلال النفوذ السياسي ومخالفة الدستور.. وطالب أجويد المؤسسة العسكرية بإعادة الحالة الديمقراطية للبلاد، وتحت ضغوط داخلية ودولية أُجريت الانتخابات العامة وجاءت بأكثرية برلمانية للحزب الوريث للديموقراطية وظهرت شخصية الرئيس سليمان ديميريل لأول مرة على الساحة السياسية التركية.
وكان الرئيس أجويد قريباً جداً للصحافة والإعلاميين وله عمود يومي في صحيفة الجمهورية، وقد قدَّم مميزات خاصة للصحافيين الأجانب ومساواتهم مع الصحفيين الأتراك، فيسافرون على الطائرات والقطارات والبواخر بنصف التعرفة الرسمية، وكذلك لهم امتياز خاص بأحقية المكالمات بالمجان، كما خُصص لهم شقق سكنية بسعر رسمي وبتكلفة البناء فقط مع حق الملكية والتصرف بالإيجار والبيع.
وكان القميص الأزرق يميِّز ملابسه حتى إن العامة اعتقدوا أن لديه قميصاً واحداً فقط!.. واشتهر أيضاً بالنزاهة والوفاء وشديد الاحترام للملكية العامة.. يعيش حياة تقشف بحدود مرتبه التقاعدي، وقد تعرض لمعارضة وانتقاد لأفكاره اليسارية الوسطية من قِبل الأحزاب القومية والليبرالية التركية لطروحاته الاشتراكية!
والتقى بأفكاره الكمالية بالمؤسسة العسكرية فحظي في جميع مراحله السياسية بدعم وتأييد العسكريين ذوي النفوذ الظاهر في السياسة التركية، وقد افترقوا حين سيطر بعض العسكريين على الحكم بانقلاب أبيض عام 1980م، وأُودع السجن لأكثر من ستة أشهر، وقد كان يتمتع بصداقات أوروبية كثيرة مع زعماء الأحزاب (يسار الوسط) في ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا، وكانت سياسته تنسجم مع التيارات الإصلاحية في أوروبا، وتولَّد اندماج قوي على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي والسياسي أورث علاقات مميزة بين تركيا وبعض الدول الأوروبية الغربية، وتدفقت العمالة نحو هذه الدول وبالذات ألمانيا وإيطاليا حيث يعمل هناك أكثر من ثلاثة ملايين عامل تركي وبأجور أقل من الأوروبيين في الصناعة والتعدين.
وعززت الاتفاقات الاقتصادية هذه العلاقة ومنها الوحدة الجمركية مع الاتحاد الأوروبي وقبلها مشاركة تركيا كدولة مؤسسة في حلف الناتو لتفتح الطريق نحو علاقات سياسية وعسكرية واقتصادية واسعة بين أوروبا الغربية وتركيا فدخلت المجلس الأوروبي ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا.
إن طريق أنقرة نحو الاتحاد الأوروبي بات طويلاً يتعثَّر بين الجذب والرفض مع ظهور العقبات الكثيرة التي ترتكز على ثقافة تركيا العثمانية الإسلامية، التي وصلت بفتوحاتها لأسوار فيينا.
وكان قرار المجلس الأوروبي في دولة اللوكسمبورغ في ديسمبر 1997م القاضي بعدم إدراج تركيا في قائمة البلدان المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، مما أصاب الخارجية التركية بخيبة أمل، وأدى لردود أفعال شديدة نحو أوروبا.. وحاول آنذاك الرئيس أجويد كسر حالة الإحباط ودخل في سلسلة طويلة من التوجهات الجديدة نحو تلبية التوصيات الإصلاحية في السياسة الداخلية نحو قضايا عديدة وعلى رأسها القضية الكردية وإصلاحات في مجال حقوق الإنسان وتعديل قانون الجزاء التركي وإلغاء عقوبة الإعدام، التي تزامنت مع اعتقال عبد الله أوجلان في إحدى دول إفريقيا، وكان يطالب بتعريض وحدة التراب التركي لخط التقسيم وحصول الأتراك على الحكم الذاتي أُسوة بأكراد العراق.
وأخيراً جاءت تسوية قضية قبرص والحدود مع اليونان، التي دامت عقوداً طويلة منذ دخول الجيش التركي لنصرة الأقلية التركية القبرصية المهددة آنذاك بالإبادة من قبل القبارصة اليونايين، وكان تحريك الجيش بهذه السرعة من القرارات الجريئة التي اتخذتها وزارة الرئيس أجويد الأولى عام 1971م، وقد تجددت المشاكل السياسية وحالة عدم الرضا بين الاتحاد الأوروبي وتركيا بعد قبول انضمام قبرص اليونانية للاتحاد وبسرعة ملفتة والملف التركي في مرحلة - دراسة القبول - منذ أكثر من أربعين عاماً.
أما من الناحية الاقتصادية فتطورت هذه العلاقة بينهما وأصبحت حركة تدفُّق العمالة بشروط أفضل نتيجة لتطبيق التعرفة الجمركية التي منحت السلع والعمالة التركية وضعاً مميزاً كمثيلاتها من دول الاتحاد الأوروبي، وتدفقت أيضاً العديد من الاستثمارات الأوروبية في قطاعات الاقتصاد التركي، وقد أثار شعور بالقلق لدى رجال الصناعة الأتراك لسياسة الباب المفتوح للسلع الأوروبية لقوة المنافسة مع السلع التركية المحلية مما دعاهم إلى المطالبة ببعض التشريعات لإعادة هيكلة الاقتصاد التركي بما يتلاءم مع الوضع الجديد الناتج عن هذه العلاقة الاقتصادية الأوروبية.
إن المعوقات التي يطرحها مجلس الاتحاد الأوروبي بين فترة وأخرى يمكن تشبيهها بحكاية شهرزاد مع شهريار، وكلما أنجزت تركيا مطلباً أوروبياً صاح ديكها بقضية جديدة، وهكذا الحال منذ عام 1960م حتى يومنا هذا.. وبعد وضع ضوابط سياسية وثقافية للأقلية الكردية في تركيا، التي ترتكز على أطماع إقليمية كردية واسعة نشرتها مؤخراً مجلة الجيش الأمريكية بالمطالبة بمنطقة ديار بكر والمحافظات المحيطة بها، وجعلها عاصمة رئيسة لدولة كردستان المنتظرة! وهذا أمر يهدد الوحدة الوطنية لتركيا، وهو خط أحمر لا يمكن تحقيقه من قِبل حكومة وطنية يرأسها قائد مخلص مثل الرئيس رجب طيب أردوغان.
وقد جاءت نتائج الاستفتاء الشعبي في فرنسا والنمسا والدانمارك رافضة لمشاركة تركيا ضمن الاتحاد الأوروبي لهي دليل قطعي بإنهاء هذه المحاولات العديدة في إمكانية المشاركة في البيت الأوروبي.. وترتكز حالات الرفض وعدم القبول للثقافة الإسلامية وتاريخ الدولة العثمانية وجاء التعجيز الأخير بمطالبة برلمان فرنسا الجمهورية التركية بإصدار بيان اعتذار عن المجازر الأرمنية التي (يدَّعون) باقترافها من قِبل القوات المسلحة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى، التي لم تثبت قطعياً بهذا الاعتداء الأحادي العثماني، بل جاء كرد فعل لأعمال عصيان وتمرد الكثير من المنظمات السرية الأرمنية داخل تركيا وتعرضها لشخص السلطان عبد الحميد الثاني بمحاولات اغتيال وتفجير مسجد بشكداش أثناء تأدية السلطان لصلاة الجمعة، وكان لتأخره في الدعاء بعد الصلاة منجاة له من هذه المؤامرة الأرمنية!
إن هناك عقبات كثيرة وضعت أمام مشاركة تركيا للأسرة الأوروبية، من أهمها الهوية الإسلامية غير القابلة للتغيير.. فهل تتجه السفينة التركية لمحيطها الإسلامي الهادئ وتنهي هذه الرحلة الطويلة نحو الأمان السياسي والاقتصادي وأتمنى أن تكون قوة الجذب عربية إسلامية.

*عضو جمعية الاقتصاد السعودية - محلل إعلامي



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved