Al Jazirah NewsPaper Wednesday  22/11/2006G Issue 12473مقـالاتالاربعاء 01 ذو القعدة 1427 هـ  22 نوفمبر2006 م   العدد  12473
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

كود البناء

دوليات

متابعة

محاضرة

منوعـات

نوافذ تسويقية

عزيزتـي الجزيرة

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

عندما يدخل (لي الغاز) غرفة الصف
د. عبد الملك بن إبراهيم الجندل (*)

أرسلت إليَّ إحدى الأخوات رسالة مفادها: (جاء ابني من مدرسته إلى البيت وهو يبكي، ويستشيط غضباً، فحاولت معرفة السبب، لكنه لم يتكلم، وأشار إلى كتفه بعد أن أزاح ثوبه، فرأيت احمراراً شديداً وتورُّماً، وبعد أن هدأ قال لي: عندما كنت في الفصل أردت أن (أعطس)، وأخذت نَفَساً استعداداً للعطاس، لكن لم (أعطس)، فقام الأستاذ بضربي ب(لي الغاز) الذي يحضره معه إلى الفصل يهدد به ويعاقب من لا يسمع كلامه، وقد ضربني دون سابق إنذار، ظناً منه أني اصطنعت تلك الحركة لإحداث الفوضى وإضحاك الطلاب، ولما قلت له: إني لم أتعمَّد ذلك، ردّ عليَّ وبصوت مرتفع: وتكذب كذلك؟ وهددني بضربة أخرى أقوى إن أنا نطقت حرفاً واحداً.. ثم أردف قائلاً: يا أمي أنا ذهبت للمدرسة للعلم والتربية، لا للإهانة والسخرية، فأرجو منك أن تكلِّمي أبي لينقلني إلى مدرسة أخرى.
تقول الأم: فاتصلت بمدير المدرسة في حينها، وأخبرته بما حصل لولدي في الصف الخامس الابتدائي، وأبدى تجاوباً ووعد خيراً، ثم قررنا الذهاب إلى الوحدة الصحية المدرسية حتى نحصل على تقرير رسمي عن (حالة الضرب)، لكن السائق تأخر في إحضار باقي الأولاد، فلم نتمكن من الذهاب، وفي اليوم التالي توجَّه والده إلى المدرسة، وتقدَّم بخطاب رسمي إلى مدير المدرسة، ووعد المدير بمحاسبة المعلم.. ولما عاد الابن في الغد من مدرسته سألته والدته عن (الحكاية بعد الشكاية) فقال: حضر المعلم في الحصة الأولى بدون (لي الغاز)، وسلَّم على الطلاب بطريقة غير معهودة، وأخبرهم أنه يجب عليهم الجد والاجتهاد، وحُسن الأدب داخل الفصل، وأنه سيبدأ معهم صفحة جديدة، ولن يضربهم مرة أخرى، واستبشر الطلاب خيراً، وفي الحصة الأخرى أحضر معه (لي الغاز) وضرب بعض الطلاب، يا أمي كيف نصدق هذا المعلم؟
وأنا أبعث إليك هذه الرسالة ولا أعلم لماذا لم يستطع المدير منعه من ضرب الطلاب؟ وما جديد ذلك المعلم ووسائله المستقبلية في عقاب الطلاب؟ انتهت الرسالة.
ومع أن حالات الضرب قلَّت عن الماضي ولله الحمد، إلا أننا ما زلنا نسمع في المجالس من أولياء الأمور، والطلاب أنفسهم، ونقرأ أحياناً في الصحف عن حالات الضرب، والسخرية والتخويف، فإلى متى؟.. التعاميم تمنع العقاب البدني والنفسي.. المعلم يضرب ويخوِّف ويهدد.. الطالب يُهان... ولي رسائل ثلاث بمناسبة تلك الحادثة المؤلمة:
الأولى: إلى ذلك المعلم الذي ضرب ب(لي الغاز)، واستخدمه في غير ما خُصص له، فبدلاً من استخدامه في إيقاد النار، استخدمه في إيقاد شعلة الذل والإحباط والخوف للطلاب، فأقول له: قد يكون الطالب شاغب في الفصل، أو لم يحضر الواجب، وليس كما قال لوالدته، إنه (همّ بالعطاس) فقط، لأن الطالب قد ينقل لأهله غير الحقيقة، لكن واقعة الضرب حقيقة لا مفر منها، وأُذكِّره بالتعميم الحديث الذي وقَّع عليه بتاريخ 17-10-1427ه، والقاضي بمنع العقوبة البدنية والنفسية.
إلى ذلك المعلم وغيره أقول: قد يكون قصدك الإصلاح عند ضربك الطالب، لكن ما كل مجتهد مصيب، ولا اجتهاد مع وجود النص، فقد نصَّت القواعد التنظيمية لمدارس التعليم العام على منع العقوبات البدنية منعاً باتاً، إضافة إلى العقوبات النفسية، وأكدت على ذلك قواعد السلوك والمواظبة، وما تلا ذلك من تعاميم دورية تقضي بمنع تلك العقوبات، بل صدر المنع بعدم حمل العصا، ثم ألا تعلم أيها المعلم العزيز الذي تؤيد الضرب، أن ذلك وسيلة غير تربوية، فقد توصلت التجارب التربوية إلى أن العقاب يؤدي إلى إفقاد الطالب الثقة بنفسه، ويُولِّد لديه مجموعة من الصفات السلبية كالخوف والتردد والانطواء والشعور بالإهانة والقلق، بل وربما كوَّن في شخصه حب الانتقام من الطرف الآخر، واعلم أن العقاب نتائجه آنية وقتية فقط، وليس له نتائج إيجابية مستقبلية، فالعقاب يؤدي إلى القضاء المؤقت بالنسبة للسلوك المرفوض المُعاقب عليه، وليس محوه نهائياً، ثم ألا تعلم - يا من تضرب - أن هناك وسائل أخرى تربوية غير الضرب، بدايتها الحلم والصبر والتأني والابتسامة، والنصح والتوجيه الأبوي العاطفي، إضافة إلى الطرق التربوية الأخرى التي تستطيع تعلُّمها والعمل بها، من خلال القراءة الشخصية، واللقاءات مع أهل الخبرة التربويين، والالتحاق بالدورات التربوية.
الثانية: إلى مدير المدرسة الذي يُمارس المعلمون الضرب في مدرسته، فأقول له: إن مسؤوليتك جسيمة، بالنسبة إلى حالات الضرب في مدرستك، فيجب أن تقف ضدها بكل حزم وجدية، وألا تتهاون في اتباع الإجراءات الرسمية، حتى لو رضي ولي الأمر بضرب ابنه، والمصيبة كل المصيبة إذا كان المدير أو أحد أعضاء الإدارة يُمارس الضرب، فهنا نقول، حسبنا الله ونعم الوكيل.
الثالثة: إلى أصحاب القرار التربوي، إلى متى التّغاضي وعدم الحزم في عملية (القضاء على العقوبة البدنية، ومحاسبة من يصدر منه ذلك) فيجب الخروج من بوتقة التعاميم، إلى الإستراتيجية العملية الواقعية لإنهاء عمليات الضرب في المدارس، ويكون لدى المعلمين علم بتلك الإجراءات الجزائية؛ لأن خطر الضرب سيعود سلباً على الطالب والمجتمع، فقد يتسرَّب الطالب من المدرسة، وقد ينقم على مجتمعه، بسبب معلم (أرعن).

(*) وزارة التربية والتعليم

aljndl@hotmail.com



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved