Al Jazirah NewsPaper Sunday  24/12/2006G Issue 12505الرأيالأحد 04 ذو الحجة 1427 هـ  24 ديسمبر2006 م   العدد  12505
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

فـن

استراحة

قضايا عربية
  في الصحافة العبرية

دوليات

متابعة

منوعـات

نوافذ تسويقية

تغطية خاصة

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

وَرّاق الجزيرة

زمان الجزيرة

الأخيــرة

مركب الزمن
محمد بن حارب الشريف - تعليم الدوادمي

الحياة جميلة والأجمل من ذلك فهمها وتحقيق أهدافها. هي ميدان فسيح يتنافس ويتسابق الجميع فيه، يدفعهم الأمل نحو الإنجاز، ويبعدهم عن شبح التشاؤم وضيق العيش كما وصفه الشاعر في قوله:
أعلل النفس بالآمال أرقبها
ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
فالله سبحانه وتعالى خلق الإنسان وحدد هدفه وغايته في هذا الكون، قال تعالى {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} فعبادته وعمارة الكون هي الغاية من خلق الجن والإنس.
عندما يولد الإنسان فإن أمامه مضمار طويل وميدان فسيح يركض فيه إما نحو هدف محدد أو غاية أدركها ببصيرته وحفظها في سريرته ففتحت الآفاق أمامه، فأصبحت توجهه في فكره وتلامس حياته حتى يحقق ذلك، أو نحو تشتت للجهود وعدم معرفة للطريق إلى أين ذاهب؟ وما هي محطاته التي يتوقف عندها، ليراجع نفسه؟ فقد وصفها الله سبحانه وتعالى في قوله تعالى {أَفَمَن يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّن يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ}.
عندما يمضي العمر تباعاً والأيام سراعاً، فإن الإنسان يحتاج إلى وقفة مع ذاته يصدق فيها الحديث وتزداد المحاسبة، ليراجع ما مضى ويستعد لما هو قادم، فإن كانت خيراً فإنها تدفعه نحو المزيد، وإن كانت هذه المراجعة أفصحت عن عدم وضوح للطريق الذي يسلكه الإنسان، فإنه يحتاج إلى وقفة صادقة وحازمة مع ذاته، فقد قيل (باقي العمر بدايته اليوم).
يقف الإنسان وينظر إلى الخلف، ليرى ما مضى من عمره، وينظر للأمام ليرى مستقبله، بين النظرتين تشاؤم وتفاؤل وبين أمل ويأس، وبين رجاء وخوف وقنوط ورحمة، بين اندفاع ومواصلة للمسيرة أو توقف وهدوء بينهما شعرة معاوية.
هنا محاكمة الضمير في محكمة الحياة التي لا ترحم من جلس يندب حظه ويجلد ذاته، ولا يخطط لحياته ولا يعرف طريقه، وأدواره في الحياة، وأولوياته التي يسعى لتحقيقها، شاهدها العمل والإنجاز، وقاضيها صوت الضمير وهمس الذات، وقرارها ملزم للجميع إما مواصلة المسيرة نحو نجاحات أخرى، يدفعه ماضيه وإنجازاته، أو التقهقر والتراجع عن مسايرة الآخرين، يعجز أن يوقد شمعة تضيء له الطريق بدلاً من أن يلعن الظلام، يتسول على رصيف الجهل والظلام.
إن إدارة الإنسان لوقته وفق أولوياته وأدواره في الحياة تتطلب منه أن يتعامل بدقة مع هذه الأدوار حتى لا يؤثر دوراً على آخر ويأخذ متسعاً من الوقت والمساحة على حساب أدوار أخرى.
أدوارنا في الحياة متعددة وأوقاتنا محددة، لا تقبل الزيادة أو النقصان، فاليوم 24 ساعة والأسبوع 168 ساعة، فاستثمارها بأفضل الطرق واجب، وحسن إدارة الوقت فن لا بد للإنسان أن يتقنه.
فالتعامل مع الوقت هو استثمار بحد بذاته، بل هو أغلى من المال الذي بين أيدينا، هو قوة بذاتها من يملكه يملك زمام الأمور ويتحكم في الآخرين، ويأخذ بالناصية ويصعد على مركب الأمم المتقدمة التي بنت حضارتها وقوتها على الوقت وأهميته، ويعود إلى نقطة التعادل والأمان، حتى يرسى على الشاطئ مع من خطط لوقته وحدد دوره وعرف قيمة الزمن في حياته.
مركب الزمن الذي عشقه الأوائل من أمتنا فبنوا حضارتهم التي ملأت الدنيا عدلاً وأضاءت للآخرين نوراً خطفوه من بيننا ليعبروا به نحو تقدم أذهل الجميع وبقينا على رصيف الانتظار.
وأهمله الأواخر ولم يجلوه اهتمامهم أو يمنحوه وقتهم، فأصبحوا عاجزين أن يخطوا في صفحة التاريخ منجزاً حضارياً أو نتاجاً فكرياً يسهم في دفع الحضارة، ليقف العالم احتراماً وتقديراً لإنتاجهم وإسهاماتهم في الحضارية العالمية. مركب الزمن الذي يصنع الإنسان وحضارته وفكره وإدارته لوقته.
إن إدارة الوقت علم وفن والأدق منهما في التعبير والصياغة مهارة يجب على الإنسان أن يتعلمها ويتقنها، تبعده عن شبح المربع الأول في إدارة الوقت من أنشطة ملحة وهامة، وتنقله إلى التخطيط لسنوات عديدة وفق أولوياته وأدواره في الحياة، ليساهم بنتاجات فكرية ومادية تخدم مجتمعه وأمته.
أما أن يبقى في المربع الثالث وما يصاحبه من أنشطة غير هامة وملحة في نفس الوقت، ليعيش في دوامتها التي لا يستطيع الخروج منها إلا بتعلم إدارة الوقت وفنه كإعصار يدور في فلكه ولا يستطيع أن يخرج منه، وفي النهاية يقذفه في الخارج بعد أن يبلغ من العمر عتيا، ناهيك عن مربع الضياع كما أسماه علماء إدارة الوقت من أنشطة غير ملحة وغير هامة في نفس الوقت في الحياة تبعده عن أدواره الحقيقية فيها، وعن مسؤولياته المتعددة التي يجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه.
إن اتساع إحدى هذه الأدوار على حساب الأدوار الأخرى، ليحدد للشخص اتجاهه وطريقه الذي يسير عليه، وليراجع بصفة مستمرة حتى يصل إلى ما يريد بإذن الله تعالى. فهل نعي حقيقة الزمن في حياتنا ونتخذه منهجاً في تعلمنا؟.



نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved