Al Jazirah NewsPaper Tuesday  05/01/2007 G Issue 12517
الريـاضيـة
الثلاثاء 20 ذو الحجة 1427   العدد  12517

(الأصايل) وعطايا الله ستعجز عن التعبير عما قدَّمه لها سلطان بن محمد
مزاين 1415هـ ضربة البداية و(اللبنة) التي أعادت إلى صرح الاهتمام بالإبل وهجه الغائب

* كتب - عايض البقمي :

قبل ما يزيد عن العقد من الزمان، وبالتحديد في عام 1415هـ، أُقيم أول (مزاين للإبل) على مستوى المملكة بل والخليج، حيث تبنى الفكرة ودعمها وآزرها صاحب السمو الأمير سلطان بن محمد بن سعود الكبير في (أم رقيبة) شمالي المملكة.. وجاءت الفكرة كما يقول مؤسسها (أبو نايف).. من أجل تشجيع أهل الإبل على تحسين السلالة والإنتاج.. ليكون ذلك (ضربة) البداية لمناسبة ظلت تضيء سماوات (عطايا الله) في بلادنا وفي كل المنطقة عاماً بعد آخر.

ولعل الكثيرين يذكرون أنه في اليوم التالي لإقامة (مزاين الإبل) للمرة الأولى، خرجت الزميلة (الشرق الأوسط) تحمل في صدر صفحتها الأولى خبرين، جاء الأول عن خبر بثته الوكالات عن سباق ملكات الكون، حيث صادف إقامة تلك المسابقة في ذاك الوقت.. والخبر الآخر جاء بعنوان: (السعودية تشهد أول مهرجان لملكات الجمال) فسرق ذلك العنوان الأنظار ليعرف القراء - بعد الاطلاع على التفاصيل - أن المقصود هو أول مهرجان لملكة الإبل الأجمل في السعودية.. وثمة حقيقة لا تحتاج إلى عناء من أجل إثباتها وهي أن هذه الفكرة (البادرة) كانت اللبنة التي أعادت إلى صرح الاهتمام بالإبل وهجه الذي كاد أن يطفئ، فعاد الحماس لعالم الإبل اهتماماً واقتناءً.. تداولاً وتسابقاً، ووجد عشاق (عطايا الله) دروبا سالكة يمارسون فيها عشقهم، ويشبعون فيها هوايتهم.. لقد ظل الأمير سلطان بن محمد باهراً في كل المحاور التي أحاط بها حياته، ففي محور الأعمال (والبزنس) هو الماهر المدرك لما يفعل، حيث أصبح اسمه ضمن رجال الأعمال من الطراز الأول، وفي محور الفروسية والخيل هو الفارس المتربع عشقاً ودعماً ومبادرة، حيث أصبح (إسطبله الأزرق) صاحب مجد وجماهير وإنجازات ذهبية منذ انطلاقة عصره الذهبي منذ 1418هـ وحتى فوزه العارم بجواده (الحاكم) قبل أسابيع وانتزاعه كأس سمو ولي العهد لفئة جياد المستورد.

وإذا ذُكرت الخيل فإن ما بين مهرجان (نوفا) (لمزاين الإبل)، ودورة عز الخيل تبرز تلك التوأمة السيامية، في اهتمامات الأمير سلطان بن محمد بخدمة الموروث الرياضي، فدورة عز الخيل هي الركيزة التي يعود إليها الفضل - بعد فضل الله - في تحريك سباقات الخيل وإحياء جاذبيتها من خلال ميادينها المنتشرة بالوطن الكبير إذ فاق مهرها (54 مليون ريال) دفعها الأمير الكريم من جيبه الخاص دعماً لدورة الوطن الفروسية التي سنسعد بها مجدداً بعد أشهر متجاورة الـ60 مليون ريال، حيث ستحط رحالها على ضفاف عروس البحر الأحمر في نسختها الثانية عشرة.

ولا غرو أن الكثيرين أحبوا سلطان بن محمد حتى دون أن يروه، فقد طبقت مآثر شخصيته الآفاق حيث ظل صاحب باع طويل في المجالات الخيرية والإنسانية، لكن أولئك الذين عرفوا سموه عن قُرب فقد كانوا - دون شك - الأكثر حباً له والأشد تعلُّقاً بأهداب صداقته ومصادقته، رغم - أنهم على كثرهم - قلة قياساً بأولئك الذين أحبوه عن بعد، فالأصايل الخيل وعطايا الله الإبل لو نطقت فهي حتماً ستفخر بأنها ممن عرفه عن قُرب، وستعتز بكونها لامست فؤاده، وستبدي سعادتها لأنها وجدته الكريم السخي دعماً واهتماماً وعناية ورعاية.

إن (الأصايل) وعطايا الله ستعجز حتماً عن وصف ما قدَّمه لها الأمير الفارس من جهد ومال، لكنها ستجد فوق كل حبة من رمال الأصالة الطيبة وفي مجدها وعزها وتاريخها العريق ما سيسجل صفحات مضيئة لسلطان بن محمد، مما يعكس امتنانها للرجل الفارس وعطائه السخي.

يقول ابن عباس - رضي الله عنه - في نظم يعكس كلمات هي من أجمل ما قيل في إكرام الخيل:

إذا ما الخيل ضيّعها أناسٌ

ربطناها فشاركت العيالا

نقاسمها المعيشة كل يوم

ونكسوها البراقع والجلال

وها هو عبيد الأبرص يُناجي عطايا الله بأجمل الأشعار في حاله وحالها ويقول:

تخترق البيد والفيافي إذ

لاح سُهيلٌ كأنه قبلُ

ويل أمها صاحباً يصاحبها

معتسف الأرض مقفر جهل

إننا ونحن نعيش مطلع عام هجري جديد نرى مهرجان مسابقات (نوفا) تطرح في نسختها الرابعة جانباً من أصالتها في مهرجان الفرح التقليدي الأصيلة التي درجت على إقامتها.. وها هي (الصياهد) ومع تباشير العام الجديد تتحوَّل إلى حضن وملتقى حاشد لأهل الإبل في رحاب الفطرة والبساطة، بما تحمل من مظاهر الأصالة والنقاوة كما أرادها لها سلطان بن محمد وبجوائزها (السوبريّة) وفق التنظيم المعد لها بتوجيهاته الكريمة، والنظام الحازم المطبّق من رجال أكفاء اختارهم أبو نايف، ووضع كلاً منهم في المكان الذي يناسبه.. وبمناسبة اختيارات الأمير سلطان بن محمد للرجال المناسبين لكل مهمة، فقد أثبت هذا الرجل حصافته العالية في هذا الجانب، حيث يملك الفراسة النافذة والنظرة العميقة في اختيار الرجال، ووضحت رؤيته الثاقبة في اللجان التي يعتمدها، التي تحقق على الدوام تطلعات الأمير بكل دقة وكمال.. واستناداً لمحصلة من النجاحات التي تحققت من خلال مهرجانات سابقة رعاها الأمير سلطان بن محمد ووجدت صداها الطيب من المشاركين فيها والحاضرين لفعالياتها والمتابعين لتفاصيلها، يبرز مهرجان مسابقات (نوفا) بل وكل عمل يقف خلفه الأمير الناجح كأنموذج مميز في أُطره التنظيمية والإدارية والفنية، ليسجل (المضمون) ارتقاء ملحوظاً على مستوى المشاركة الضخمة، التي وصلت بالأمس القريب لأرقام عالية وبأسماء كبيرة ومشاركات نوعية من الوزن الثقيل في منافسات (مزاين الإبل).

لقد طغى مهرجان مسابقات (نوفا) على كل أحاديث العيد فوجدنا أحد ملاَّك الإبل المشهورين العازمين على المشاركة في المهرجان يقول قبل أيام من المناسبة: رائعة هي مهرجان مسابقات (نوفا) ولا تعرف غير النجاح طريقاً لها.. ويرد آخر والأكثر روعة جوائزها.. وهؤلاء الأفراد من تلك اللجان الفنية والتحكيمية الذين اختيروا بعناية فائقة فكانوا ركيزة النجاح الدائم لمسابقات (نوفا السابقة)، ويعقب ثالث قائلاً: لكن أبرز الصور الرائعة تتمثَّل في ذلك الأمير الراقي والخبير الواعي الداعم والراعي للعطاء بكل سخاء والواقف خلف كل نجاح الأمير سلطان بن محمد، ولعلني من خلال هذه الأسطر التي أُعبِّر فيها عن أجمل الأمنيات لسباق (ملكات الإبل) الرابع، الذي سيطل بعد أقل من أسبوعين أشير إلى أن تغطية المهرجان ستستمر بالجزيرة رغم توجيه إدارة الصحيفة بشمولية الطرح (خيل وهجن) إلا أنني أجد مخزون الخبرة الشخصي في عالم الإبل وجمالها لم يصل إلى مخزوني في مجالات الخيل وسباقاتها، حيث إن رصيدي لا يتعدى في مجال الإبل التغطية الخبرية، وهذا ما لاحظته خلال تغطيات صحف ومجلات للمزاينات السابقة.. حيث إنني من مناصري (التخصصية) فأصدقكم القول إنني ما زلت في الصفوف الأولية في عالم الإبل وإذا كتب الله لي أن أجيد الغوص في محيطات هذا العالم الجميل فإنني أعدكم بكشف أغوارها خبراً ومقالة نقداً وتحليلاً وإلى ذلك الوقت سأترك المهمة لبعض الزملاء.

ختاماً ندعو الله أن يوفق سلطان.. سلطان الميادين في مجالات الخيل والهجن ومزاين الإبل، وأن يكثر من أمثال هذا الفارس الكبير مستذكرين الشعار الأصيل (الأمة التي لا ماضي لها.. هي أمة لا حاضر لها)، وهو الشعار الذي يختزل أهم السمات الحضارية وأبرز المظاهر والمقومات الإنسانية لأي أمة من الأمم، كما ندعو الله أن يبارك في الخطى من أجل مهرجان ناجح يحمل المزيد من الإنجازات التي تُضاف إلى عقد (مسابقات نوفا) ذي النجوم الخمس، ويقوي من ركائز الصرح الذي أعاد الإرث من سبات العقود والأعوام.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد