Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/01/2007 G Issue 12525
الاقتصادية
السبت 24 ذو الحجة 1427   العدد  12525
سوق الأسهم وكيف نعيد الابتسامة إلى الشعب السعودي؟

الكل يعلم أن اقتصادنا ينمو بكل قوة، وجميع الشركات تعيش هذا النمو ويحسُّه المواطن والمقيم، ولم أجد إلا سبباً واحداً لانهيار سوق الأسهم السعودي في فبراير الماضي الذي يعتبر انهياراً كبيراً قياساً بالتصحيحات السابقة من حيث كميات البيع الكبيرة والمستمرة والنزول الكبير لأسعار الشركات، وبخاصة ما يُسمَّى القيادية. وهذا السبب هو أن الشركات المساهمة في السوق رفعت خطة لبيع استثماراتها من أسهم الشركات المدرجة في السوق في مدة أقصاها شهر من تاريخ القرار، وذلك بنهاية تداول يوم 23 فبراير 2006م، ثم بدأ مسلسل الانهيار حتى يومنا هذا بعد بداية البيع لمحافظ أكثر من سبع وسبعين شركة تحتوي على ملايين الأسهم، والله أعلم كم عددها. هبط السوق يوم 25 فبراير 2006م، وقد تحدثت عن ذلك في مقال نشر في جريدة (الجزيرة) بتاريخ 30 إبريل 2006م العدد 12267 في صفحة الاقتصاد بعنوان: (هذا القرار سبب الانهيار).

ثم طالعتنا الصحف بخبر يقول: بناءً على التوجيه الكريم من خادم الحرمين الشريفين استعرض مجلس الوزراء وبصورة شاملة مؤشرات أداء الاقتصاد الوطني والتطورات التي شهدها سوق الأسهم، وقد انتهى المجلس إلى توجيه الجهات المعنية باتخاذ كافة الخطوات والإجراءات المؤدية إلى انتظام السوق وحسن أدائه والتعامل مع كافة العوامل المؤثرة فيه. كما أكد المجلس على المضي قدماً في سياسة الدولة الرامية إلى توسيع فرص الاستثمار ومضاعفة الجهود لمراقبة التداول بدقة وعدم التهاون في تطبيق النظام والتوسع في نشر المعلومات الدقيقة عن الشركات المساهمة، وأن يتم ذلك على وجه السرعة مع الاستعانة بكافة الكفاءات المتميزة من داخل المملكة وخارجها، وقد كان لهذا التوجيه أثره في إيقاف الانهيار والنزيف الذي حصل لسوق الأسهم السعودية مؤقتاً، ولكنه سرعان ما عاود الانهيار.

ماذا عُمل حتى الآن لتنفيذ هذا التوجيه؟ لا شيء يذكر، وماذا يجب أن نعمل لزيادة إنتاجية الشعب السعودي وتوسيع فرص الاستثمار للشعب السعودي كما نصّ التوجيه الكريم؟ ماذا علينا أن نعمل؟

الجميع يعرف أننا نحتاج إلى قرارات سريعة، قرار أو أكثر في الوقت الحالي مثل القرار الذي صدر عندما زادت زحمة السيارات في الرياض بتنفيذ إنشاء عدد من الجسور المؤقتة التي ما زالت قائمة بعد مضي عشرات السنين، قرارات تزيد السيولة في سوق الأسهم السعودي، وزيادة السيولة تزيد من ثقة المتداولين بالسوق، سيولة تعيد من خرج من السوق للسوق مرة أخرى، سيولة تجعل المال الهارب لبنوك الغرب ترجع مرة ثانية.

الكل يعلم أن عدداً كبيراً من الشعب السعودي هم موظفون في الدولة، والتساؤل: كيف يقضي الموظف يومه؟ وكيف يمكن لهذا الموظف زيادة دخله؟ والموظف يذهب لعمله من الساعة الثامنة صباحاً إلى الثانية والنصف ظهراً كما هو معروف، ثم يعود ويتناول غذاءه، والكثير منهم ينام بعد الظهر، ويقضي الوقت بعد ذلك في مختلف الأمور، وفي المساء لا توجد وسائل ترفيه إلا السهر مع الأصدقاء ولعب الكنكان والبلوت، هذا هو حال الكثير من هذا الشعب، ساعات طويلة تضيع على الشعب السعودي لا يستفيد منها، إن قلت للشخص: ابحث عن عمل يدرّ عليك بعض الربح قال: لا أستطيع؛ لأني موظف دولة أو شركة، فماذا عليه أن يعمل لزيادة دخله ويرفِّه عن نفسه في نفس الوقت؟

الحل هو إيجاد فترة مسائية للتداول مثل تداول الفترة المسائية في رمضان التي كانت من الساعة التاسعة إلى الساعة الحادية عشرة مساء. خلال أيام السنة يكون التداول على فترتين بدلاً من فترة واحدة، الأولى من الساعة الثالثة حتى الساعة السادسة، والأخرى من الساعة الثامنة بعد صلاة العشاء حتى الساعة العاشرة في المساء. يتساءل البعض: لماذا فترتان؟ وأقول: الفترة الواحدة تسبِّب لنا أمراضاً كما ذكرت ذلك في مقالتين سابقتين في جريدة (الجزيرة) برقم 12450 ليوم الاثنين 30 من أكتوبر لعام 2006م والمنشور في صفحة الاقتصاد بعنوان: (القرار الذي سيكلِّف البلايين)، وأيضاً برقم 12454 ليوم الجمعة 3 من نوفمبر 2006م والمنشور في صفحة (عزيزتي الجزيرة) بعنوان: (ضرر الفترة الواحدة للتداول في سوق الأسهم على صحة الأفراد)، كما أن كثيراً من الشعب السعودي لا يستطيع التداول خلال الفترة الواحدة بسبب انشغالهم في أعمالهم الحكومية أو الخاصة، كما تقع صلاتا الظهر والعصر وإحضار الأولاد والبنات من المدارس في وقت الفترة الواحدة الحالية بين الحادية عشرة صباحاً والثالثة والنصف عصراً، كما أن أغلب الشعب السعودي لا ينتفع بفترة المساء، ولذلك من المستحبّ عمل فترة تداول في ذلك الوقت لزيادة دخول الأفراد المالية، وأيضاً ستجلب زيادة سيولة لسوق الأسهم السعودي. الأشخاص الذين لا يُرحِّبون بفترتين هم موظفو البنوك وهيئة سوق المال فقط، ولكني أقول لهم: يجب التضحية في سبيل عزة ورفاهية الشعب السعودي ورجوع الابتسامة للملايين في المملكة العربية السعودية.

كما أن الشركات المساهمة تمتلك سيولة لا تستخدمها مودعة في البنوك وهي زائدة، وتقع تحت أسماء مختلفة، فمنها ما هو احتياطي أو فائض أو أرباح، وهذه لو دخلت سوق الأسهم السعودي لزادت من السيولة ولزادت حركة السوق وعادت الفرحة لكثير من الناس. ولذلك أطالب بالسماح للشركات باستثمار فائض أموالها فيما تراه مجالس إداراتها بما هو مفيد للشركة ومساهميها إما في سوق الأسهم وإما بأي طريقة تستفيد منها الشركة؛ مثل التوسُّع في الإنتاج إذا لزم الأمر. وليس من الضروري تغيير اسم الشركة لأجل أن تتداول في الأسهم، فمثلاً الاتصالات السعودية هل نحتاج إلى تسميتها شركة الاتصالات والتداول لأجل أن تتداول في الأسهم؟!

لاحظوا أن الشعب السعودي تغيَّر كثيراً في السنوات الأخيرة وتعلم الكثير، وأصبح مهيأ للعولمة، الكثير منا تعلم وقرأ عن الاقتصاد والتجارة، وأصبحت الصفحات الاقتصادية هي ما يقرؤه أغلبية الشعب بدلاً من الصفحات الرياضية، أصبحنا نتعلم عن التحليل المالي، وأصبحنا نعرف المصطلحات المالية؛ مثل مصطلح (مكرّر الأرباح) وغيره من المصطلحات، ولذلك لا تبخلوا علينا بزيادة التعلُّم.

لذلك أطالب الجهات المسؤولة بتنفيذ أمر خادم الحرمين الشريفين باتخاذ كافة الخطوات والإجراءات المؤدية إلى انتظام السوق وحسن أدائه والتعامل مع كافة العوامل المؤثرة فيه، ولذلك فتغيير فترة التداول والسماح للشركات بتداول الأسهم هي من الخطوات التي ستؤدي في النهاية إلى تحسن سوق الأسهم السعودي.

فقط أقول لمعالي وزير المالية ومعالي محافظ مؤسسة النقد ومعالي رئيس هيئة سوق المال ومن يهمه الأمر: فكِّروا قليلاً؛ فالتفكير لا يضرُّ وإنما ينفع المؤمنين، فكِّروا في إرجاع الأمور كما كانت، فكِّروا في إعادة الابتسامة إلى الشعب المسكين، فكِّروا في الملايين من المواطنين الذين فقدوا مدَّخراتهم بسبب قرارات غير مدروسة ولم يُفكَّر فيها. الأمر بسيط للغاية: (التداول على فترتين والسماح للشركات بشراء وبيع الأسهم سيعيد الثقة لسوق الأسهم السعودي).. والله من وراء القصد.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد