Al Jazirah NewsPaper Monday  16/04/2007 G Issue 12618
رأي الجزيرة
الأثنين 28 ربيع الأول 1428   العدد  12618
إرادة الخروج من الأزمات

تتضافر عوامل داخلية وخارجية في تفاقم الأوضاع في المنطقة وفي تطوير مشكلاتها الرئيسة، فهناك الآن صراعات مذهبية وإحياء لنعرات إقليمية فضلاً عن المصاعب الدائمة الناجمة عن الصراع العربي الإسرائيلي، وكلها مصاعب أشار إليها تحديداً خادم الحرمين الشريفين في خطابه الشامل أمام مجلس الشورى خلال افتتاح أعمال السنة الثالثة من الدورة الرابعة للمجلس.. وقد أرفق الملك عبد الله هذا التحديد بالإصرار على إصلاح الأحوال التي تهم العرب والمسلمين..

وعندما ننظر إلى العالم حولنا نرى ثمة شواهد إيجابية على إمكانية العيش حتى بين كتل كبيرة من دول شهدت صراعات تاريخية مقيتة راح ضحيتها ملايين من الناس، ففي الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت هناك كوارث إنسانية مقيتة، لكننا نرى بعد عقود من الزمان أن القارة الأوروبية، مسرح الصراع الرئيس لحروب الماضي، تعيش الآن في تآلف وتعاون وفقاً لصيغة سياسية جعلت منها نموذجاً للتعاون الدولي، ولسنا بصدد القول إنه لا بد من أن نفقد الملايين حتى نستطيع الوقوف على مشارف فترة عامرة بالتآخي والتعاون، فمنطقتنا تشهد بالفعل أحداثاً ساخنة، كما أنها كانت، ولا زالت، مسرحاً لمعارك قارب فيها عدد القتلى المليون، وكان ذلك خلال الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات من القرن الميلادي، كما أن المحرقة الإسرائيلية الدائرة منذ عدة عقود في أرض فلسطين تقترب أرقام ضحاياها من الرقم المليون، وفي أنحاء أخرى من عالمنا العربي الإسلامي نشهد أرقاماً مفجعة لعشرات الآلاف من القتلى..

ومن الواضح أنه مطلوب الكثير للخروج من هذا النفق المظلم، ومن الواضح أيضاً أن المملكة تتوفر على قدر كبير من هذه الإرادة التي يدعمها نهج عملي للخروج من هذه المتاهات، فعلى سبيل المثال فإن مبادرة السلام العربية، وهي سعودية النشأة، هي الأكثر رواجاً اليوم فيما يتصل بالصراع العربي الإسرائيلي، وقد أحيت القمة العربية الأخيرة في الرياض جهود تفعيل هذه المبادرة، مع إصرار عربي للمضي بها قدماً إلى الأمام، كما أنها تحظى باعتراف وتقدير دوليين، من جهة واقعيتها وقدرتها على مخاطبة تفاصيل ومحاور الصراع والانتقال بها نحو بر التسوية.

صحيح أن الكثير من المشكلات تؤججها تدخلات خارجية خاطئة، غير أن الصحيح أيضاً أن العوامل الإقليمية في المنطقة تتيح للآخرين صب المزيد من الزيت على النيران المشتعلة أصلاً، فالمنطقة باتت مهيأة لنمو الصراعات وتفاقمها، وهنا تظهر أهمية الإرادة المحلية في عدم السماح للآخرين بالتغول في شؤون المنطقة أو إدارة الصراعات بالطريقة التي تحلو لهم.. ومن المؤكد أن سعي المنطقة لتنشيط آليات التضامن والتعاون من أجل وضع حد للصراعات، بما فيها المذهبية، هو سعي جاد وحقيقي، وهو يتطلب وعياً بما يدور وبمآلاته الوخيمة، وإصراراً أكثر على طي هذه الصفحات السوداء، حتى تستطيع الساحة العربية الإسلامية من النهوض واللحاق بعالم ينفتح على آفاق واعدة من النمو والتطور.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد