Al Jazirah NewsPaper Thursday  19/04/2007 G Issue 12621
فـن
الخميس 02 ربيع الثاني 1428   العدد  12621

في قراءة لشريط راشد الفارس (الجديد)..
واثق الصوت يغني ناجحاً.. وصعود للقمة بنَفَس طربي واحد

*قراءة وتحليل- فهد السبيعي:

عاد الفنان راشد الفارس بالتحليق مجددا في سماء الساحة الفنية بإطلالته بعمل شهد حضورا مميزا للكلمة والموسيقى ظل يبحر في إعداده على مدى 13 شهرا وخرج بـ(14) عملا متنوعا دأب من خلاله على بسط يد رضا لجميع عشاقه ومتابعيه متنقلا بين اكبر شريحة ممكنة من جمهوره خاصة في المغرب العربي والذي قدم لهما عملين أحدهما جزائري والآخر مغربي بالاضافة إلى تقديمه للأغنية العراقية في تجربة حاول من خلالها التنويع في طرحه والبحث عن الشريحة الكبرى من الجماهير في الوطن العربي.

والملفت للنظر ان العمل الجديد للفارس رغم تخليه عن حضور رفيق دربه الشاعر علي عسيري الذي قلما تجد له بصمة في الأعمال السابقة والناجحة للفارس إلا أن الأخير لم يتمكن من الخروج من جلباب الملحن القدير والحاضر الغائب صالح الشهري والمطلع تماماً على القدرة الجوهرية والطاقة الفنية لدى الفارس من خلال أعمالهم الكثيرة التي جمعتهما منذ أول شريط صدح به الفارس الذي راهن الشهري كثيراً عليه مما نتج عن ظهور موفق إلى الآن لراشد.

ولأن الفارس يدرك دائماً أن (الاعمال) هي التي ترضي جمهوره خاصة والمستمع عامة دون الالتفات للاسماء وحجمها، فقد تمكن بجدارة من اختيار الأعمال بعناية مما نتج عنه عمل مميز إلى حد كبير نال استحسان الكثيرين فسعى إلى التنقل بين الفنون العربية بعد أن حجز لنفسه مكاناً راقياً في الخارطة الفنية الخليجية.

وجاء شريطه (الجديد) على أربعة عشر عملاً:

باعني

تصدرت أول أعمال الوجه الأول أغنية (باعني) وهي من كلمات المحتار ومن ألحان عبدالله الجاسم ومنها:

باعني خلي وانا مالي عيني غلاه..

وما هقيت ان الغلا يا ناس هذا جزاه

وين اداوي علتي يا حول والعله نصيب..

جات من ايده وانا يا حول ما لي الا دواه

وبحجم ما تحمله هذه الكلمات من التوجد والألم إلا أن الجاسم عبدالله اختار الرتم والموسيقى السريعة بنَفَس واحد حتى نهاية الأغنية مما أضاف لها جمالية سردية نجحت إلى حد كبير في الملاءمة معها.

الجديد

ويعيد الفارس الحكاية نفسها ويعود مجدداً إلى الحضور اللافت للأعمال الناجحة والتعاون المثمر المعتاد له مع أسير الشوق في الأغنية الام له مع المخضرم الملحن صالح الشهري الذي استطاع تكوين لغة موسيقية ملائمة تماماً لكل بيت من ابيات الجديد العذبة حتى أن الموزع للأغنية والملم تماماً بعمق الكلمات وعذوبة الألحان الأستاذ عمرو عبدالعزيز استطاع التميز كذلك بالتنويع في الجمل ووضع خبرته الكبيرة من جراء تعاملاته مع الفن الخليجي في الخروج بعمل يستحق ان يكون هو لغة الرومانسية العذبة الجديدة:

الجديد ان الهموم أكبر من أول..

والسعادة طيف يذوي كل يوم

الجديد ان خفوقي ماتحول..

حامل وده ولا عنده خصوم

الجديد ان الحزن بالعين حول..

والفرح في نظرتي صار مهموم

الجديد ان الصبر طول وطول..

والحياة جهاد والدنيا عزوم

فتكرار كلمة (الجديد) أعطى للقصيدة حضوراً طاغياً وجاذبية معبرة تحكي عن عمق الاحساس والمعاناة المثقلة بالحزن وكأنها تجيب عن سؤال عميق (عن الجديد؟!) لتأتي هذه الكلمات متحدثة عما يدور في قلب (الأسير) والذي تحدث بنظرات تعانق الأفق عن الجديد المثقل بالألم وما آل إليه الزمن آخر لقاء..

وبعد ان انتهى من سرد جديده انتقل إلى السائل ويخبره وهو يواسي نفسه:

صاحبي من حر ما بي لا تهول..

المطر له ساعة عقب الغيوم

صاحبي مبطي شعوري ما تحول..

في شجون الوقت مالية الوجوم

صاحبي ما عاد ظرفي مثل الأول..

لومني ما انت الوحيد اللي تلوم

ومع ترديد (صاحبي) تشعر بعمق الاحساس المتفجر في كلمات أسير الشوق والحضور المتقن لموسيقى الشهري ليتواجد الفارس الذي استطاع باقتدار من التعامل معهما بذات الاحساس الجميل الذي كان عليه وهو يؤديها مترجماً رهفة احساس الشاعر وذوقية الملحن ليتوجهما على رأس الهرم لهذا الشريط كأغنية رئيسية وهي التي اكتمل فيها ثالوث النجاح.

عزاه

ومن كلمات العالية وألحان سهم والذي سبق ان قدمه رابح صقر في العمل المنفرد المميز (تحملتك) قبل أشهر، ولكنه هذه المرة يجمعه التعاون بالفارس من خلال كلمات سطرت بإتقان وضعت لها بطريقة احترافية لحن عالج التوجد والألم وويلات البعد والهجران والتذمر التي انفردت بها (عزاه) لوحدها فكان الحضور الأول للكلمة متوجا بالتذمر من مواساة المواسي:

عزاه يا قلب من الهم عزاه..

ومن يواسي دمعتي قال خيره!!

وشلون خيره بعد فرقاه..

لا تقول خيره خيبة كبيرة

ياللي تواسيني كلامك حفظناه..

انا ابغى منك خدمتين صغيرة

ليتمكن (سهم) من احتواء الكلمات في اتقان باختيار الايقاع الأمثل لها ورسم موسيقى معبرة ومتالقة وجذابة:

ان كان يبغاني فهذا اللي ابغاه..

وان ما قبل قله خسارة كبيرة

(عزاه) كلمات ذات صدى جميل لدى الجمهور فكانت الطلب الأول في كثير من البرامج الفنية خاصة وانها مستوفاة تماما لكل شروط القبول.

كما قدم سهم للفارس عملين آخرين كتب الأول (اتعبتني) الشاعر فيصل البراك ومنه:

اتعبتني في البعد احبك وانت جافيني..

وتعبت ابي اجفاك وانا في عز حبي لك

ولعل أجمل ما حوته من أبيات معبرة اتقن في رسمها الشاعر وصدح بها الفارس باحساس رائع:

غصب علي ما هو رضى تاهت عناويني..

مني وكلي هارب برضاي مني لك

اسالك باللي كاتبك فيني وملغيني..

ماودي اشكي منك ولكن ودي أشكي لك

أما العمل الثاني فهو من كلمات الشاعر عبدالله بو دلة وقدمه الفنان سهم بلحن مغاير لما سبق وان عرفناه به مسبقا.

يا زينة الدنيا

وعلى الايقاع الاماراتي المعروف ومن ألحان الفنان الاماراتي فايز السعيد سطر الشاعر أحمد عبدالحق كلمات (يا زينة الدنيا) التي اختارها الفارس ضمن جديده في عمل مشابه لكثير من الأعمال ذات نفس الطابع الموسيقي.

يا زينة الدنيا ويا زينها فيك..

قلبي صفالك وانت قلبك صفالي

في عيونك اسهر واحتفل بك وانا اجيك..

يطرب لك الخافق ويرتاح بالي

ليصدح بها الفارس كما هي من خلال الاحساس المفعم بالحب والمتوج بروعة الأبيات التي شهدت حضورا كثيرا ما استوقفني مرددا اياه في المقطع الأخير:

لا ذا ولا هذا ولا ذي ولا ذيك..

لا شفت زولك اشرب المر حالي

تبغى الصراحة مابه احد يساويك..

يا نجمة الليلة وباكر وتالي

ويشكر الشطر الأخير جوهر الأغنية والذي اعطى من خلاله الشاعر خلاصة المشاعر التي استطاع الفارس من أدائها بكل تألق.

المودماني

يتناول صالح الشهري كلمات الشاعر سعد الخريجي في عمل يجمعهما من جديد مع الفارس

البارحه نوم العرب ماهـناني..

لا نمت ساعة من حلا النوم فزيت

ما يذبح الا حب ذا المودماني..

وانا اشهد انه طيب الذكر والصيت

ورغم افتقاد النص لعدة ابيات تم استبعادها لطول القصيدة إلا أن المعنى حافظ على صلابته نظرا لجودة الاختيار وخبرة مهندس هذا العمل.

فحرص الفارس على وجود شاعر مثل الخريجي له باع طويل مع الشعر والحضور الفني التي اكسبته ثقل مميز وطلب خاص من الجمهور الذي يعرفه تماما.

بيتك هنا

وعودة إلى العمل الرومانسي والهادئ للمحتار مرة اخرى ومن ألحان سلطان الناصر الذي ابدع في ترجمة كلمات الشاعر لمستور مميز استهلك فيه كل طاقات الحس الموسيقي العذب مما جعل الامتاع سمة للمستمع وهو يبحر في ثنايا (بيتك هنا)

بيتك هنا.. في داخل القلب لو جيت..

وإن ما كفاك القلب لافرش لك العين

انت الهوى.. وانت دفا الشمس للبيت..

يا وحشتي دونك لو غبت يومين

كيف!؟

أليست رائعة وانت تتناول البداية بهذا الهمس الخيالي العذب في صوت الفارس الذي يجبرك على الصمت والصمت المطبق وهو يكمل بجماليه:

تعال وارجع لي.. ورجع انفاسي بوجودك

تعال وحسسني.. بغلا ريحة ورودك

بيتك هنا.. في داخل القلب لو جيت

عذوبة وحس مرهف يرتسم بين انامل هذا الناصر الذي استطاع رسم خلفية موسيقية لكلمات ليست بالصعبة بل سهلة وجزلة ما ان تقرأ أول الكلام حتى تستطيع معايشة آخره.

كل شي مر ف غيابك.. حتى نور البيت ظلما

وفرحتي بدقات بابك.. ارتوي منها ولا اظمى

تعال وارجع لي

صورتك قدام عيني.. ما انام الا بحضنها

يالله رد الروح فيني.. رجع الروح لوطنها

تعال وارجع لي

فتبقى هذه الكلمات نبراسا على طريق الرومانسية ودلالة اكيدة على الحس الرائع لمن كتبها وصاغ لحنها لما فيها من الحنين والاصالة ما يكفيها لان تعيش في مسامعنا أوقاتا طويلة.

السراحه والدريه

عملان خاض من خلالهما الفارس تجربة جديدة مع الفن الجزائري والمغربي (لا أنكر أنني استعنت بأحد أصدقائي من المغرب حتى اتمكن من التفرقة بين ما هو جزائري وما هو مغربي) فكتب كلماتهما الشاعر أحمد علوي ولحن (السراحة) منير الجزائري و(الدريه) عبدالله الجاسم ورغم ذلك فقد بدت محاولات الفارس في هذه التجربة في ايضاح مفهوم الكلمات للمستمع كون اللهجة العربية الشمال افريقية بشكل عام تكاد تصعب تأديتها بشكل متقن لغير الناطقين بها ولا يعني ذلك عدم الاشادة بتنويع الانتشار وهو حق لاي فنان امتدت جماهيريته إلى هناك.

كنت اظن

تواجد آخر للأستاذ صالح الشهري ولكن هذه المرة مع كلمات شاعر المدينة الشاعر والكاتب منصور الحربي في تعاون هو الأول مع الفارس تميز من خلال (كنت اظن) على بساطة الكلمات وكذلك الالحان كأغنية هادئة توشحت باللون الرومانسي الجريح، ودليل آخر على الذوقية العالية التي يتمتع بها الفارس في انتقاء شعراء مميزين استطاعوا تجاوز حدود التفوق في رسم كلمات الأغنية البعيدة تماما عن التعقيد والغموض والصراعات اللفظية.

روح روح الله حسيبك.. وأنا في حالك بسيبك

بس لا يخطر في بالك.. اني برجع لك واجي لك

أيامنا الحلوة

قدم الفارس الأغنية العراقية من خلال هذه الأغنية المتوشحة بسحر الكلام واللحن والصوت الجميل لتشرق (ايامنا الحلوه) كعمل يضاف إلى الأعمال الرائعة التي وفق من خلالها الفارس والذي عمد إلى التعاون مع كاظم السعدي ووليد الشامي شعرا ولحنا فرسموا له الاجمل وقدموا له تحفة تضاف إلى مسيرته الفنية في أغنية مميز ونالت استحسان المستمع:

صعبة تريد تروح من عيني..

صعبة تريد انت تجافيني

معقولة تنسى ايامنا الحلوة..

وتدري لغيرك قلبي ما يهوى

يعني تبي تفارقني بالقوه..

اجرحني ما اريدك تداويني

وبما ان اللون العراقي يحتاج إلى تركيبة صوت معينة لا يمكن لاي فنان اتقانه بسهولة إلا أن الفارس استطاع اخضاع صوته لجمالية اللون العراقي الاصيل وتمكن باجتهاده من أدائه بشكل رائع.

يا هل ترى صدقت انا عوفك..

وانسى علي فضلك ومعروفك

خايف اموت وبعد ما اشوفك..

واحزن على نفسي واواسيني

ما وفيتك

لو عيوني اللي بتراضي خاطرك لا ما رضيتك

او دموعي اللي بكت لمفارقك لا ما بكيتك

لو اجي لك كلي عاشق كلي عاشق ما وفيتك

ما وفيتك يا حبيبي عمري كله ما وفيتك

في عمل تمكن الفارس من خلاله من اعادة الشاعر سعود البابطين إلى الساحة الفنية بعد فترة غياب عنها ليست بالقصيرة ومن ألحان بشار الشطي الذي يتعاون معه الفارس لاول مرة بعد ان لمس منه القدرة على رسم الجمل الموسيقية الجديدة وما يتمتع به من فكر موسيقي مستقل خطى من خلاله خطوات واسعة في الفن.

وعودة إلى العمل الجميل الذي اثمر عن التعاون بينه وبين الفارس والذي برهن ايضا هنا انه لا يستطيع اداء أي عمل الا بعد ان يعايش كل الكلمات ويتعمق في بحر الالحان ويتنفس كل وصلة وجملة موسيقية حتى يقدم عملا (راشديا) خالصا.

يالله رد بكلمتك وارجع تراني في انتظارك

كل ليلة من حياتي ودها برجعه نهارك

وانت ما جربت بعدك لا ولا جربت نارك

ما وفيتك يا حبيبي عمري كله ما وفيتك

تحداني

ليبقى آخر الأعمال (تحداني) من كلمات الشاعرة بنت العطا وألحان ناصر الصالح ومنها:

تحداني على البعد وتحديته..

تذكرني وانا كله تناسيته

نسيت اسمه ولا اكر يوم جيته..

يحسب اني اليامن غاب افكر به

لينهي بذلك الفارس مرحلة جديدة في مسيرته الفنية وقد استطاع من خلالها التنقل من المحيط إلى الخليج ليكون بين جمهوره هنا وهناك في خطوة جميلة للانتشار وارضاء جميع متذوقي الفن العربي.

كثير من الشعراء والملحنين أبدوا ارتياحا كبيرا من العمل إلى جانب الفارس لما يملكه من اهتمام ودراية وتقدير وحب الاستماع إلى الآراء المختلفة مع سعة التفكير والحس الفني والذي يوما بعد يوم يرسم ابعادا كثيرة لأعمال لا تقبل الا الحرص على النجاح حتى يكون عند حسن ظن جمهوره به وهو قلما تجده في أي فنان جعل من رضاهم الهاجس الأول.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد