Al Jazirah NewsPaper Saturday  21/04/2007 G Issue 12623
الرأي
السبت 04 ربيع الثاني 1428   العدد  12623

وزير العدل الأسبق الشيخ إبراهيم بن محمد إبراهيم آل الشيخ
فقيد العلم والوطن والأمة ومكارم الأخلاق (2/2)
صالح بن إبراهيم المنيف

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده

تحدثت في الحلقة الأولى من هذا المقال عن بعض جوانب من حياة الفقيد الكبير معالي الوالد الشيخ إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ شملت نشأته - وتعليمه - وبعض أعماله ومناصبه.. إلخ.

وأشرت إلى عظم المصاب بفقده.. وهول الفاجعة برحيله.. وفداحة الخسارة التي نالت الأمة بوفاته.. وذلك لما كان يتمتع به معاليه رحمه الله من مكانة سامقة.. وما يحتله من قدر كبير ومحبة صادقة ومودة لدى مختلف فئات المجتمع.. ولما قدمه لدينه ثم لمليكه ووطنه وأمته من خلال المناصب التي تولاها - من إنجازات وعطاء وأعمال لا مجال لحصرها.. إلخ.

وفي هذه الحلقة عن سيرة وحياة معاليه رحمه الله سوف نتناول أجزاء وجوانب أخرى حسب ما يسمح به المجال..

نظرته للإعلام وتقديره لأهميته

كان معالي الشيخ إبراهيم - غفر الله له - إضافة إلى ما ناله من علم شرعي غزير ومتعدد الجوانب.. ذا ثقافة عامة واسعة.. واطلاع على ما يجري في العالم من تحولات.. وتطورات.. وما ينشأ من مفاهيم ونظريات جديدة.. ولهذا كانت نظرته الموضوعية للإعلام.. وأهميته في تأثيره البالغ على ثقافة الناس ومفاهيمهم ورؤاهم العامة.. ولهذا أوجد أول برنامج تلفزيوني (للتوعية الإسلامية) في الحج عام 1394هـ كان اسمه (في رحاب الإيمان) شرفني معاليه بإعداده وتقديمه.. وافتتح معاليه - رحمه الله - أولى حلقاته بكلمة ضافية بين فيها أهمية الدعوة والتوعية.. وأثنى خلالها على ما تقدمه حكومة هذه البلاد أيدها الله من من بذل سخي.. واهتمام بالغ بأنشطة الحج ومشاعره المقدسة وبالحرمين الشريفين.. إلخ.

وهذا البرنامج كما سبق أن أشرت منهجه أنه يستضيف في كل حلقة عدداً من العلماء والقضاة والمشائخ ويطرح للنقاش بعض الأمور والقضايا التي تهم المسلم في أمور دينه وعقيدته ويركز على المتعلق منها بالحج ومناسكه وأحكامه.. الخ.

الأمر الآخر من علاقة معاليه رحمه الله بالإعلام وهي علاقة قديمة.. أنه كان يقدم عندما كان مديراً عاماً لدار الإفتاء ثم نائباً للمفتي في حياة سماحة والده العلامة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمهم الله تعالى جميعاً برنامج (الفتاوى) في الإذاعة السعودية حيث تتم الإجابة عن استفتاءات المستفتين واستفساراتهم واسترشاداتهم سواء من الداخل أو الخارج.. وقد نفع الله بهذا البرنامج نفعاً عظيماً حيث كانت الإذاعة في ذلك الزمن هي الوسيلة الإعلامية الرئيسية تقريبا التي تضطلع بمهمة التوعية والتوجيه.. رأس معاليه رحمه الله - طيلة فترة رئاسته لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والافتاء التي كانت تتولى الإجابة عن استفتاءات المواطنين والمقيمين والهيئات والمؤسسات والجمعيات الخيرية والدينية في الداخل والخارج.. كما تعد هذه اللجنة الدراسات والبحوث العلمية في مختلف الشؤون والمواضيع التي تتطلبها أعمال هيئة كبار العلماء.. المرتبطة إدارياً بالرئاسة.. وقد أشرف الشيخ على ما صدر عنها من دراسات وبحوث باعتباره رئيساً لها.

معاليه رحمه الله وزيراً للعدل

تم تعيين الشيخ إبراهيم رحمه الله - وزيرا للعدل وفق المرسوم الملكي رقم 1-23 وتاريخ 8-1-1395هـ وقد لاقى هذا التعيين أصداء طيبة لدى مختلف فئات المجتمع وذلك لما يتمتع به الشيخ من مكانة عالية وصفات ذاتية هي محل التقدير وقدرات عملية.. وصفات شخصية رائعة نالت الثناء والإشادة؛ ولكونه رحمه الله حفيد أئمة وعلماء الدعوة وسليل هذه الأسرة المباركة.. وهذه الفترة التي تعين فيها معاليه كانت تشهد المملكة حراكا ونشاطا حضارياً واسعاً وتعمها نهضة شاملة على كافة الاصعدة والمسارات الاقتصادية والعمرانية والزراعية والعقارية والاجتماعية - كان من محصلة ذلك ارتفاع هائل في عدد القضايا وضخامة في المعاملات.. وظهور أنماط جديده من القضايا والمشاكل المعتددة في العالم ولوجود أعداد كبيرة من الوافدين في مختلف التخصصات للمشاركة والعمل في ميادين تلك التنمية ولتواجد شركات ومؤسسات ودور خبرة عالمية للمساهمة في تلك الأنشطة.. وكانت الوزارات والإدارات الحكومية تسعى جاهدة لمواكبة العصر وتلبية احتياجات التحول الحضاري السريع الذي تعيشه البلاد في مختلف المجالات.. وأمام التزايد والارتفاع في عدد السكان والمقيمين حرصت وزارة العدل - وبهمة وعزيمة معالي الشيخ إبراهيم - رحمه الله - وعلى مواجهة متطلبات هذه المرحلة بالسرعة الممكنة في المجال القضائي والعدلي بما يحقق أهداف الرسالة السامية المناطة بالوزارة ومرافقها ويحقق توجيهات وتطلعات القيادة الرشيدة في تطوير القضاء ومرافقه.. وقد وجه رحمه الله بالعمل على أكثر من اتجاه ومحور أهم ذلك تطوير جهاز الوزارة بما تقتضيه المرحلة وليكون قادراً على الاضطلاع بمهامه المناطة به بما يتطلبه العصر.. ويلبي احتياجاته الواسعة، وكان أمام معاليه منظومة متعددة من الأعمال الجديدة والمتطلبات والمشاريع والخطوات التطويرية والتنموية ذات الصفة العاجلة والمرحلية ولعلنا نشير إلى نماذج وأمثلة لما نشير إليه.. ما تحقق وأنجز.. لأن الحصر لا يمكن بأي حال في هذه الصفحات المحدودة.

في البداية وجه معالي الشيخ إبراهيم فرق العمل واللجان المتخصصة التي تم تشكيلها بما يأتي:

- إجراء الدراسات التنظيمية لجهاز الوزارة وقطاعاتها وتقييم أساليب وإجراءات العمل وإعادة النظر في لوائحه بهدف التحديث والتطوير وما يرفع معدلات الأداء وسرعته.

- إعادة هيكلة الوزارة بما يحقق انسيابية الأعمال وسرعة الإنجاز دون إجراءات طويلة أو ازدواجية أو تضارب في الصلاحيات من القاعدة إلى القمة.

- تحديد الاحتياجات من المحاكم الجديدة وكتابات العدل والكوادر الوظيفية وسوى ذلك من الإجراءات والمتطلبات والدراسات اللازمة.. وبدأت المسيرة التنموية العامة للوزارة.. يقودها معاليه بكل همة وعزيمة.. واقتدار وتفان ويساهم فيها فريق عمل جاد ومخلص.. وباسم الله تعالى وبعونه بدأت مرحلة التنفيذ والإنجاز بمتابعة معاليه وسوف أقتصر على إيراد بعض النماذج أيضا والأمثلة في هذه الميادين المتعددة فعلى سبيل المثال لا الحصر على صعيد جهاز الوزارة تم استحداث عدد من الإدارات والوحدات والشعب الإدارية الجديدة المتخصصة مثل..

- إدارة التنظيم والأساليب.

- إدارة البحوث والوثائق.

- شعبة القضاه وكتاب العدل.

- الإدارة الهندسية ضمت 30 موظفا من مهندسين ومساحين وفنيين وغيرهم - للإشراف والتخطيط لمشاريع المجمعات وفقرات المحاكم.

- وحدة التدريب.

- التخطيط والميزانية.

إضافة إلى الموجود من الأقسام والإدارات القائمة..

المحاكم وكتابات العدل

نال موضوع دعم المحاكم وكتابات العدل وتجهيزها وافتتاح المزيد منها وإمدادها بالقوى العاملة اللازمة المؤهلة اهتماماً كبيراً من لدن معاليه - فبعد إعداد مسح شامل لجميع مناطق المملكة بواسطة لجان متخصصة وتحديد الأماكن والجهات ذات الحاجة.

ارتفع عدد المحاكم - بعد التنسيق مع مجلس القضاء الأعلى إلى 292 محكمة أي بنسبة 41% عن ما هو موجود عام 92-93هـ تم تزويدها بالقضاة والكوادر البشرية وكافة المستلزمات.

كما تم دعم ميزانية الوزارة بالأموال اللازمة لمشاريعها الهامة - من المباني والمقررات فقد وضعت الوزارة خطة مرحلية لاستبدال المباني المستأجرة القديمة بمبان حديثة مملوكة للوزارة تتناسب ومكانة القضاء الشرعي وذلك على مراحل تم تنفيذ عدد منها بلغ 36 مجمعاً ومقراً للمحاكم في مختلف المناطق ومنها على سبيل المثال - بعد استكمال المبنى الحالي للوزارة وتجهيزه والانتقال إليه عام 1400هـ من المبنى القديم.

1- مبنى مجمع الدوائر الشرعية بالرياض.

2- مجمع الدوائر الشرعية بمحافظة جدة.

3- مجمع الدوائر الشرعية بالدمام.

4- مجمع الطائف.

5- مجمع أبها.

6- مجمع نجران.

7- مجمع الأحساء.

8- مجمع حائل.

9- مجمع عنيزة.

10-مجمع الرس - وغيرها من المجمعات الشاملة والمقرات المفردة الحديثة.. وإيجاد مواقع للمحاكم بلغت عام 1404هـ - 118 موقعاً في مختلف المدن.

كتابات العدل

نتيجة لحركة التنمية النشيطة ومن ضمنها الحركة الاقتصادية والعمرانية فقد باتت الحاجة تستدعي افتتاح عدد جديد من كتابات العدل في مختلف المدن والمناطق فجرى العمل في عهد معالي الشيخ إبراهيم رحمه الله على تنفيذ خطة على مراحل لافتتاح المزيد من كتابات العدل وعلى ضوء الإمكانيات المادية والبشرية المتاحة.

فقد كان عدد كتابات العدل 90-91-33 كتابة عدل كانت كافية إلى حد ما في إنجاز أعمال تلك الفترة.. إلا أنها لم تعد بإمكاناتها ذلك في هذه المرحلة.

فبلغ عددها بانتهاء الخطة الخمسية الأولى 54 كتابة عدل ثم بانتهاء الخطة الثانية 102 كتابة عدل وفي نهاية الثلاث سنوات من الخطة الثالثة 1403هـ وصل عددها إلى 120 كتابة، فتصبح تبعا ذلك نسبة الزيادة 264%.

فروع جديدة في أمهات المدن لكتابات العدل

رأى معالي الشيخ إبراهيم رحمه الله ضرورة افتتاح فروع لكتابات العدل سميت كتابات العدل الثانية حددت اختصاصاتها بتوثيق الوكالات والرهون وما في حكمها وقد تم في عهد معاليه افتتاح 11 كتابة عدل ثانية في المدن الرئيسية وهي: الرياض - مكة المكرمة - المدينة المنورة - جدة - الدمام - بريدة - الطائف - الأحساء - تبوك - أبها - جازان، الفروع وانتهاج أسلوب اللا مركزية حرص معالي الشيخ إبراهيم على الأخذ بأساليب ومعطيات الإدارة الحديثة بما يتلاءم واحتياجات وزارة العدل ويحقق رفع معدلات الأداء وسرعة إنجاز المهام توفيراً للجهد والوقت وتحقيقاً للأهداف وانتهاج أسلوب اللامركزية ومن المنطلق تم افتتاح عشرة فروع للوزارة في المناطق الرئيسية.

بداية الحاسب الآلي وفي هذا العهد تعاقدت وزارة العدل مع جامعة البترول والمعادن على تنفيذ نظام الرواتب آلياً لجميع منسوبي فرع الوزارة بالمنطقة الشرعية والدوائر المرتبطة به وتم تدريب عدد محدود من موظفي الفرع للقيام بهذا العمل ورغم أنها كانت بداية محدودة جداً إلا أنها تدل على سعة أفق الشيخ إبراهيم رحمه الله وبعد نظره وحرصه مع الأخذ بالجديد المفيد ما أمكن.

ولعلنا نذكر بهذه المناسبة وبمزيد من الإشادة والتنويه والتقرير أن الحاسب الآلي وتقنياته أصبح الآن في عهد معالي وزير العدل الحالي الشيخ الهمام الدكتور عبدالله بن محمد إبراهيم آل الشيخ يمثل مشروعاً عملاقاً شاملاً لأعمال ومهام الوزارة والدوائر الشرعية وفقه الله وبارك في جهود معاليه وسدد خطاه، وفي سباق إنجازات معاليه رحمه الله ارتفعت اعتمادات بنود ميزانية الوزارة وإحداث أعداد كبيرة في الوظائف لمختلف التخصصات للمحاكم وكتابات العدل وغيرها وتم تدريب أعداد من الموظفين لمختلف التخصصات للمحاكم وكتابات العدل وغيرها وتم تدريب أعداد من الموظفين وتأهيلهم وأجريت الدراسات لتنظيم المحاكم وكتابات بالاشتراك مع الجهات ذات العلاقة كمعهد الإدارة ووزارة المالية ممثلة في إدارة التنظيم والأساليب والديوان العام للخدمة المدنية آنذاك.

كما تم دعم ورفع معدلات كادر القضاة - وتجهيزات المحاكم وكتابات العدل.. وأعدت الأدلة التنظيمية والهياكل الإدارية المتطورة، كما أعدت الخطط الخمسية الطموحة لأنشطة الوزارة.

رئاسة معاليه لمجلس القضاء

وبعد وفاة سماحة رئيس مجلس القضاء الأعلى الشيخ عبدالله بن حميد رحمه الله تم تكليف معالي الشيخ ابراهيم رحمه برئاسة المجلس إضافة إلى عمله في الوزارة فحرص مع أصحاب الفضيلة أعضاء المجلس على استقطاب مجموعات من خريجي كليات الشريعة للانضمام إلى سلك القضاء ودعم المحاكم واستمر في رئاسة المجلس في طلب الإعفاء عام 1409هـ.

اشتراك الوزارة في المؤتمرات

مثل معالي الشيخ إبراهيم المملكة في عدد من المؤتمرات والاجتماعات القضائية والعدلية الدولية والعربية منها المؤتمر الأول لوزراء العدل العرب المنعقد في الرباط عام 1400هـ والمؤتمر الثاني المنعقد في صنعاء ورأس مؤتمر الرياض 1403هـ والمؤتمر الأول لوزراء العدل لدول مجلس التعاون، والمؤتمر القضائي المنعقد برعاية الأمم المتحدة في مدينة رينو بولاية نيفاد الامريكية.

وغيرها من المؤتمرات والملتقيات التي كان رحمه الله يحرص على حضورها لإبراز تجربة المملكة القضائية الناجحة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية الغراء، وكان له رحمه الله دور بارز في تطبيق الشريعة وأن تكون المصدر الرئيسي لكل القوانين التي تصدر عن تلك المؤتمرات وقد شاركت الوزارة بنخبة من العلماء والمختصين في وضع تلك القوانين المستمدة من شريعة الله اختارهم رحمه الله - لتستفيد منها الدول المشاركة من منطلق شرعي التي هي بحاجة إليها.. مشيرا دائما - رحمه الله - إلى أن المملكة ولله الحمد تستند على الأصل في كل أمور التقاضي على كتاب الله تعالى وسنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه وهي المصدر الوحيد في كل شؤون الحياة وتقاضيها الذي ضمن الخير والعدل والأمن والرفاهة لهذه البلاد حرسها الله.

كما كانت لمعاليه مشاركات مهمة في وضع بعض الأنظمة في الدولة كالنظام الأساسي للحكم وإعداد بعض الدراسات الأولية لبعض الأنظمة العدلية كما كان للوزارة جهود في وضع خطط وأنظمة المحاكم المتخصصة التجارية والمرورية والعمالية.

بذل الخير ونفع الناس

كان الشيخ إبراهيم - رحمه الله - حريصاً بل شغوفاً بعمل الخير وبذل المعروف.. وتقديم المساعدة والعون لمحتاجيه.. كما كان باذلاً لماله وجاهه بالشفاعة الحسنة.. يقف بجانب ذوي الحاجات بعدما يثبت له ذلك ويتأكد منه يسعى لدى الموسرين والقادرين في بناء المساجد وصيانتها وفرشها.

يرغب كثير من ذوي الغنى واليسار أن يتم توزيع صدقاتهم وزكواتهم وإعاناتهم للمحتاجين تحت إشراف معاليه أثابه الله تعالى - فيدفعها إلى رؤساء المحاكم والقضاة موجها بتوزيعها بواسطتهم.

يسعى لدعم الجمعيات الخيرية وصناديق البر والمؤسسات الدعوية في الداخل والخارج بعد تأكده من توجهاتها وسلامة منهجها وشفافية عملها.

كان رحمه الله - يقوم بمهمة عمل احتسابي للمواطنين وهي قيامه بالتصديق على عقودهم وبيوعهم ووثائقهم بعد معرفته لعدالة الكاتب وثقته وكانت الأمور في تلك الحقبة الزمنية سهلة ويسيرة وكثير من الناس لا يهتم ولا يرغب في مراجعة كتابة العدل لذات الغرض أي التوثيق.

وقد خصص معالي الشيخ فترة بعد صلاة العصر لهذا العمل في منزله وكان يقوم بهذه المهمة قبل معاليه عمه سماحة الشيخ العلامة عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ - وكان الناس يلهجون لهما بالدعاء وأن يجزيهما الله تعالى خير الجزاء في الدارين ومن أعمال الشيخ إبراهيم - رئاسته لمجلس إدارة الدعوة الإسلامية الصحفية في عهد سماحة والده الشيخ محمد بن إبراهيم فعمل رحمه الله مع أصحاب الفضيلة أعضاء مجلس الإدارة على تطور هذه المؤسسة والاهتمام بها لتكون قادرة على الاضطلاع برسالتها السامية.

مسيرته وأخلاقه وسجاياه

أما الحديث عن أخلاق ومحامد وسجايا الفقيد الكبير فحدث ولا حرج - وهو أمر ناصع يشهد به الجميع فمن المؤكد أنني في هذه العجالة - لن أوفي للشيخ حقه.. ولكن ما أورده عناوين وشذرات محدودة..

إن معالي الوالد الشيخ إبراهيم يمثل - وبدون مواربة - بحراً لا ساحل له من الأخلاق العالية.. والمكارم السامقة والفضائل المتعددة.

من السمات البارزة فيه رحمه الله أنه كان متواضعاً حليماً لم أره غاضباً او معنفاً.

يهتم بالناس ويتعامل معهم بلطف ودماثة.. متسامحاً لا ينتصر لنفسه فيما هو حق له.. لطيفا أنيساً لا يعرف علظة ولا قسوة.. نزيهاً باذلاً كريماً في سبيل الخير وميادين المعروف رقيق القلب منيباً خشوعاً مستحضراً دائما لعظمه الله تعالى بشوشاً طلق المحيا لا يعرف العبوس صاحب ابتسامة مشرقة تنشر الحب والود للآخرين.. وكان رحيب المحيا.. كان - رحمه الله - لبيبا مهيباً لا عن خوف أو رهبة بل عن محبة خالصة وإجلال وتقدير شخصي له من كافة الناس وكان له تأثير وقبول عجيب لدى الناس..

حباه الله الكثير من الفضائل والمحامد والمناقب ومكارم الأخلاق والخلال الكريمة.. وصفات النبل والشهامة.. ماذا تراني أقول عن فضائله وأخلاقه ومناقبه.. الحديث يطول ويطول ولا ينتهي فيضه، ولعله تتاج فرصة أوسع في الحديث عن سيرة وحياة هذا الرجل العظيم - رحمه الله- التي تمثل معيناً لاينضب.. من العطاء.. والنبل والسمو.. وبعد:

لقد كان معالي الفقيد فيما تولاه من مناصب وأعمال يمثل عطاء متواصلاً.. ونجاحاً مطرداً وحركة نشطة دائمة نحو الأمثل والأفضل.. قضى رحمه الله تعالى وقضى في عمره كل واجب وزاد عليه كثيراً.. قدم لدينه وأمته ووطنه.. الكثير والكثير.. مما سيبقى في ذاكرة التاريخ.. وفم الزمان.

كما ذكرت لقد تشرفت وبدأت حياتي الوظيفية تحت مظلة ورئاسة معاليه بداية في دار الإفتاء في منتصف الثمانينات ثم في رئاسة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد ثم في وزارة العدل مديرا عاماً لمكتبه وكانت علاقتي به لا تقتصر على الجانب الرسمي بل كنت أعده والدا ومعلما وشيخاً ومدرسة لي تعلمت فيها الكثير، لازمته في الحل وكثير من الأسفار، منحني رعايته وتشجيعه ودعمه وأياديه التي لا تنسى وسيبقى رحمه الله في السويداء متجدد الذكرى حاضراً في القلب والذهن على مر الأيام والليالي.. رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين..

بقي أن أشير إلى أن للفقيد الغالي رحمه الله ستة أبناء هم: المشائخ: عبدالمحسن - وصالح - وعبداللطيف - وعبدالملك وعبدالعزيز وأحمد، تربوا ونشأوا في ربوع وكنف والدهم العظيم ورضعوا من لبان مكارم أخلاقه وسجاياه ومحامده وصفاته العالية.. جعلهم الله تعالى مباركين أينما كانو ووفقهم لما يحبه ويرضاه.

توفي معالي الشيخ رحمه الله تعالى يوم الثلاثاء الموافق 22 ربيع الأول، وأحدثت وفاته حزنا وأسى ولوعة في النفوس وحضر الصلاة عليه خلق كثير وشيعه الكثيرون إلى مثواه الأخير بالدعاء والثناء والذكر الجميل وأم الناس في الصلاة عليه سماحة الشيخ الجليل عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ.

لن يسلو القلب ذكراه إذا أبداً

والجرح مذ بان فينا ليس يندملُ

رحم الله الفقيد الغالي وأسكنه فسيح جناته إنه سميع مجيب.


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد