Al Jazirah NewsPaper Friday  27/04/2007 G Issue 12629
الاقتصادية
الجمعة 10 ربيع الثاني 1428   العدد  12629
بعد أن رفع صناع السوق شعار (سوق بلا قاع)
تذبذب حركة المؤشر تقلل فرص الاعتماد على نقاط الدعم والمقاومة

* د. حسن الشقطي *

سجل سوق الأسهم السعودي خسارة هذا الأسبوع بلغت حوالي 213.5 نقطة من قيمته حدثت في ظل سمات اتصف بها السوق عن السابق كثيراً. وقد اتصف السوق هذا الأسبوع بسمات مختلفة عما سبق، حيث ارتفع نطاق تذبذب مؤشره الذي كان لا يزيد عن بضعة عشرات من النقاط في الماضي ليتحرك في مدى يومين ما بين 150 إلى 200 نقطة. ولا تعتبر حالة هبوط مؤشر السوق هذا الأسبوع سمة خاصة بالمؤشر السعودي فقط، بل تكاد تكون الحالة العامة المسيطرة على غالبية أسواق المال الخليجية التي تفاوت ما بين راكد وهابط. وقد نشرت العديد من التقارير الصحفية والمتخصصة التي تؤكد على أن حالة الهبوط ناجمة هذه المرة عن حالة الاضطراب السياسي التي تعج به المنطقة حالياً. ولكن إذا كان هذا الوضع يشكل تفسيراً مقبولاً في كافة أسواق الخليج، فهل هو كذلك فعلاً في السوق السعودي المعروف بالاستجابة الضعيفة لعوامل الاضطراب السياسي في المنطقة المحيطة؟

إغلاق إيجابي

لقد افتتح المؤشر حركة التداول هذا الأسبوع بهبوط قوي نسبياً خسر خلاله 179.69 نقطة عندما أغلق عند 7307.2 نقطة، تلاه هبوط طفيف يوم الأحد خسر خلاله 18.1 نقطة، ثم تكرر الهبوط القوي ليخسر 115.3 نقطة عندما أغلق عند 7173.8 نقطة، وفي يوم الثلاثاء حدث ارتداد طفيف ربح المؤشر خلاله 29.9 نقطة، وفي يوم الأربعاء ربح المؤشر كعادته عند الإغلاق الأخير 69.6 نقطة. أي أن المؤشر على مدى كافة أيام التداول هذا الأسبوع خسر 213.5 نقطة أو ما يعادل 2.85% وذلك رغم إغلاقه الإيجابي عند 7273.34 نقطة.

اتساع نطاق التذبذب

لقد تعود الجميع على أن مسار السوق واحد من ثلاث إما صاعد أو هابط أو متذبذب في نطاق ضيق، لا يوجد أية مسارات أخرى تتحكم في المؤشر سوى هذه الثلاثة، ونحن نتكلم هنا على المدى ما بين اليومي إلى الأسبوعي. لكن هذا الأسبوع ظهرت سمة جديدة، وهي التذبذب في نطاق واسع، هذا النطاق بعد أن كان لا يتجاوز الـ 50 إلى 100 نقطة يومياً، اتسع هذا الأسبوع نسبياً ليتجاوز الـ 200 نقطة في اليوم الواحد. فخلال كامل أيام التداول هذا الأسبوع وصل نطاق التذبذب إلى أعلى من 100 نقطة يومياً. أيضاً لقد زار المؤشر هذا الأسبوع نقطة 7093 نقطة، وهي قاع تحتي تسبب في بعض الركود نتيجة تشكك بعض المتداولين بأن زيارة هذه النقطة تعني اقتراب انكسار مستوى الـ 7000 نقطة.

الأداء الأسبوعي

ما بين البنوك والأسمنت

لقد حققت معظم قطاعات السوق خسائر خلال معظم أيام هذا الأسبوع باستثناء يوم الأربعاء الذي حدث فيه الارتداد الكبير بقيادة الأسمنت. وقد برز خلال هذا الأسبوع ما يلي:

1- تراجع قطاع البنوك بنسبة 1.71% وبقيمة تداول منخفضة بشكل يشبه الركود.

2- قطاع الأسمنت يربح 2.95% بقيادة أسمنت الشرقية التي ربحت 6.3% وأسمنت الجنوبية التي ربحت 5.2%. وقد جاءت أرباح القطاع الأسبوعية تأثراً بالصعود القوي لكامل أسهم القطاع يوم الأربعاء.

3- عودة قوية هذا الأسبوع لسيطرة أسهم المضاربة على السوق، وبخاصة من الأسهم الصغيرة، والتي ينتمي كثير منها لشركات خاسرة.

4- بلغت حجم السيولة المتداولة هذا الأسبوع 43 مليار ريال، وهو دون مستوى الاستقرار في السوق، حيث إن حجم السيولة اليومية أصبح يتراوح بين 7 وأقل من 10 مليار. وقد انحدر من آخر قمة له عند 11.7 مليار ريال في 14 من هذا الشهر.

قرارات استثمارية لا عاطفية

عندما يمتلك السوق مساراً صاعداً تجد الكل يتحدث عن هذا المسار الصاعد وما يحققه من مكاسب، ولكن عندما يتخذ السوق مساراً هابطاً، فإن الجميع يتخوفون ويخشون حتى الحديث بأن هذا الهبوط هو مسار السوق. بل إن بعضهم يأخذونه على أنه كبوة مؤقتة أو مسار يومي أو أنه بداية مسار صاعد، وهذا كمن لا يرغب في رؤية صورته في المرآة. ينبغي النظر بواقعية في السوق لكي لا تؤثر حالتنا النفسية على قراراتنا الاستثمارية، حيث ينبغي تدارك أن السوق في مسار هابط، وأنه لسوء الحظ هو لا يمتلك محفزات قريبة تلوح في أفقه، فنتائج قيادياته تم الإعلان عنها، ومعظم محفزات الاقتصاد الوطني الإيجابية قد استهلكت في نفسيات المتداولين، بل على الأبواب اكتتاب ضخم، كما أن الأسابيع القليلة المقبلة قد يتخللها أخبار معكرة للصفو إما من حيث الشركات التي سيعلن عن خسائر لها أو تزايد حدة الاضطرابات في منطقة الخليج المحيطة. ولكن التساؤلات التي تثير نفسها حتى في ظل عدم وجود محفزات للسوق، ألا يوجد نهاية لهذا المسار الهابط ؟ أليس لكل مؤشر محطة؟ أليس لكل سهم قاع؟ فأين تقع تلك القيعان الصخرية التي لا نزول بعدها؟

أين تقع القيعان

الصخرية للأسهم؟

في كل سوق يوجد دورات صعود ودورات هبوط، وما بينهما تحدث فجوات أو فقاعات. وفي كل مرة تصحح المؤشرات نفسها بدافع من قوى العرض والطلب حتى تعود للتوازن. وكل مؤشر بكافة أسهمه يُكون لنفسه قمم ويبني لذاته قيعان متدرجة من نقاط الدعم التي تقسو شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى تكوين قيعان صخرية لا يمكن تجاوزها. ولكن في السوق المحلي انحدر المؤشر، وانحدرت كافة أسهمه بنسب تفاوتت ما بين الـ 50% إلى 70% تقريباً، وحتى الآن لم تصل إلى تلك الدعوم التي يمكن تسميتها بالقيعان الصخرية. والتساؤل الذي يثير نفسه من يحدد تلك القيعان، هل المؤشر يحددها للأسهم؟ أم أن صناع السوق يحددونها للجميع (مؤشرا وأسهما)؟ ولماذا صناع السوق غيروا من تحركاتهم لأعلى وأصبحوا لا يقبلون سوى الهبوط لأسفل؟ بل هل صناع السوق هم من يرفعون الآن شعار (سوق بلا قاع)؟ بالطبع إنه شعار الخوف بفقدان القاع الذي إن لم يظهر خلال فترة قريبة، فإن خسارة السوق ستصبح كبيرة ليس بمجرد خسارة نسب في أسهم معينة، ولكن في خسارة جيل من المستثمرين لا يزال ينتظر ظهور هذا القاع الصخري.

أثر العوامل السياسية في هبوط السوق السعودي؟

تعتبر سمة هبوط المؤشر إحدى السمات التي سيطرت على معظم أسواق المال الخليجية منذ بداية الأسبوع الماضي. فقد صدرت تقارير متخصصة وصحفية عن جهات مختلفة تشير إلى أن حالة الاضطراب السياسي تمثل السبب الرئيس وراء هبوط أسواق الخليج، فبداية سوق دبي الذي شهد انحداراً، ثم سوق قطر، وأخرى. وإذا كانت هذه الأسواق قد شهدت تراجعاً في مؤشراتها نتيجة تأكد ارتفاع حجم عمليات البيع عن عمليات الشراء، والتي يشار إلى أن هذه العمليات قد تمت لصالح محافظ استثمارية كبرى لمستثمرين أجانب، فقد يكون من المنطقي القول بأن هؤلاء الأجانب لا يوجد مؤثر يثيرهم سوى مخاوف اشتعال الأزمة السياسية الحالية مع إيران وتحولها لضربة عسكرية، والتي يتوقع أن تؤثر حينها على أسواق المال. كل هذه الفرضيات قد تكون مقبولة في سوق دبي أو قطر أو غيره، إلا إنها غير مؤكدة في السوق السعودي الذي أثبت للجميع أنه قادر على التماسك في وجه هذه الأزمات السياسية، فقط المؤشر يتأثر في حالة واحدة عندما تتأكد حالة الحرب أو وجود ضربات عسكرية. وطالما ذلك لم يحدث ولم تصدر أخبار تؤكده فإنه لا يتوقع أن يكون لهذا الاضطراب تأثيراً يذكر على حركة التداول أو مؤشر السوق. هذا ويمكن تأكيد أن حالة الاضطراب السياسي لا يوجد لها تأثير على هبوط السوق بمعرفة أن الاستثمار في السوق لا يزال قاصراً في الشكل الرسمي على السعوديين والخليجيين والمقيمين، أي أنه رسمياً غير مسموح بدخول الأجانب غير المقيمين حتى الآن، وبالتالي فإن المحافظ التي يقال إنها تتلاعب بأسواق الخليج الأخرى يفترض أنها غير موجودة بالسوق السعودي.

تنبؤ بتراجع الأسهم

الخليجية بنحو 30%

توقع تقرير لمصرف جوليوس بير السويسري أن تفقد الأسهم الخليجية في الفترة المقبلة حوالي 30% من قيمتها تحت اعتبار أنها لم تكمل مساراتها التصحيحية ولم تصل إلى قيعانها العادلة. ويتوقع التقرير أن يحدث نوع من التزاوج بين المسارات التصحيحية وبين الاضطراب السياسي في المنطقة بحيث أن تستعيد هذه الأسواق مساراتها التراجعية في ضوء هذا الاضطراب وتكمل الوصول إلى نقاط تعبر عن أسعارها السوقية الفعلية. الأمر المستغرب هنا فعلاً هو أن هذا التقرير يعتبر من التقارير النادرة التي لم تتنبأ بعدالة الأسعار الحالية للأسهم في أسواق المال الخليجية، فعلى مدى فترة ستة الأشهر الأخيرة، جاءت معظم التقارير الدولية لتؤكد على قوة أسواق المال الخليجية، وأنها تتحرك عند مستويات تقل عن مستوياتها العادلة، وأنها تتوقع أن تستفيق من كبوتها سريعاً. لسوء الحظ أن معظم التقارير خلال ستة الأشهر الماضية ومعظمها تقارير لجهات مرموقة لم تصدق تنبؤاتها، وجاءت مغايرة للواقع، حيث شهدت أسواق الخليج، وبخاصة السوق السعودية منها تراجعات تلو التراجعات. إلا إنه تجدر الإشارة أن معظم التقارير الدولية الآن تركز تحليلاتها على سوق دبي المالي حيث تتوقع كثير منها حدوث تراجعات عنيفة فيه خلال الفترة القليلة المقبلة.

افتقاد المعلومات

الرئيسة عن التداول

في العديد من أسواق المال تفصح الجهات المسئولة عن السوق عن معلومات هامة وضرورية للتحليل وبناء القرارات الاستثمارية، من أهمها ما يلي:

1- التفرقة بين عمليات البيع والشراء.

2- التفرقة بين عمليات التي ينفذها الأفراد والمؤسسات.

3- التفرقة بين عمليات التي ينفذها السعوديون والأجانب.

إن مثل هذه المعلومات تبدو ضرورية لعمليات التحليل وصنع القرار الاستثماري، فحركة المواطنين في البيع مختلفة عن حركة الأجانب. كما أن دخول الأجانب في عمليات شراء غيرها لدى المواطنين. أكثر من ذلك، فإن الشراء المؤسسي يختلف ويعطي صورة مختلفة عن عمليات شراء الأفراد في السوق. إن الإفصاح عن هذه المعلومات يعتبر ذو أهمية كبيرة. فحتى اليوم ورغم ما وصلت إليه قيمة التداول اليومية في السوق لا يوجد اتفاق بين الجميع حول عدد المستثمرين أو جنسياتهم أو أشكالهم الاستثمارية في السوق.

سابك وسامبا خارج نطاق التصحيح

بالنظر إلى معدلات التغير في الأسهم القيادية منذ بداية العام نلاحظ أن بعضها قد ناله الكثير من التصحيح، في حين أن البعض الآخر قد دخل في مسار صعودي أو حقق قمة وتماسك عندها. ومنذ بداية هذا العام كانت الاتصالات من أكبر الخاسرين بنسبة 27.71% تلاه الراجحي الذي خسر بنسبة 17.62%، ثم الكهرباء التي خسرت بنسبة 7.69%. وجاء سامبا كأقل خسارة بنسبة 1.25%. أما سابك فقد ربحت نسبة 12.11%. وإذا كان السوق يرى على أنه أنهى مساره التصحيحي، فإن هذا الأمر يبعث على التفاؤل، ويعطي دلائل إيجابية على اكتمال استفاقة وتصحيح الأسهم القيادية. أما إذا كان السوق لم ينهِ مساره الهبوطي، فإن هناك مخاوف كبيرة من احتمال حدوث انحدار عنيف للمؤشر في ضوء دخول كل من سابك وسامبا في مسارات تصحيحية.

نقاط الدعم والمقاومة بلا جدوى

من الصعب التوصية الآن بالاعتماد على نقاط الدعم والمقاومة في اتخاذ القرارات الاستثمارية في السوق، فكثيراً ما يلاحظ أن المؤشرات لا تحترم أية نقاط للدعم أو المقاومة، وبخاصة عند عصيان المؤشر، وهذا العصيان يحدث عندما يمتلك السوق محفزات غير اعتيادية أو أن يكون مضطراً لانخفاضات تصحيحية. لذلك، يوصى بعدم التعويل كثيراً على هذه النقاط التي تجعل المتداولين كمن يغرد خارج السرب.

* محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد