Al Jazirah NewsPaper Friday  04/05/2007 G Issue 12636
الاقتصادية
الجمعة 17 ربيع الثاني 1428   العدد  12636
بصعود 78 سهماً هذا الأسبوع.. هل يبدأ مساراً جديداً للارتفاع
المؤشر يربح 3.57% رغم إغلاقه السلبي والغياب الطوعي لبعض الأسهم عن حركة التداول

*د. حسن أمين الشقطي(*)

أغلق سوق الأسهم هذا الأسبوع عند 7533.11 نقطة محرزاً مكاسب بحوالي 259.77 نقطة بنسبة 3.57%، ورغم ذلك فقد جاء إغلاقه سلبياً يوم الأربعاء الماضي بعد طيلة يوم من التذبذب الضيق. وقد شهدت حركة التداول هذا الأسبوع انتعاشاً كبيراً في أول أيام التداول مع بدء الاكتتاب في كيان، ليخالف المؤشر كافة التوقعات بانتكاسته في ظل توقع انحسار السيولة النقدية نتيجة توجيهها إلى كيان. وما لبث السوق أن أنفك من مخاوف اكتتاب كيان حتى بدأت تثار مخاوف جديدة من طرح اكتتاب جديد من العيار الثقيل من يمكن أن يعلن عنه في أي لحظة، فهل لها ما يبررها؟ كما أثير الجدل مرة أخرى حول الإيقافات الشهيرة في السوق متمثلة في بيشة وإنعام، وأثيرت تساؤلات عديدة حول أمد استمرارها وتجاهل مصالح المساهمين فيها. ولم يقتصر على هذه الإيقافات الجبرية قبل هيئة السوق المالية، بل امتد إلى أسهم تجمدت طوعياً عن الحركة، فكيف ولماذا تجمدت هذه الأسهم؟ أكثر من هذا، فإنه بعد مرور 440 يوماً على انتكاسة السوق، كيف يمكن تقييم مساره التصحيحي؟

المؤشر يربح 3.57%

رغم إغلاقه السلبي

افتتح السوق حركة التداول هذا الأسبوع على مستوى 7273.3 نقطة، وحقق صعوداً قوياً بحوالي 188.1 نقطة ليربح 2.59% عندما أغلق عند 7461.5 نقطة. ثم انكسر صعوده يوم الأحد عندما أغلق عند 7372.8 نقطة خاسراً 88.6 نقطة، ثم عاود الصعود يوم الاثنين ليربح 50.7 نقطة، ثم أحرز صعوداً قوياً ثانياً يوم الثلاثاء ربح خلاله 150.9 نقطة. ومع ذلك، فقد أغلق سلبياً يوم الأربعاء عندما خسر 41.4 نقطة. ورغم الإغلاق الأسبوع السلبي للمؤشر، إلا إنه ربح بإغلاقه عند 7533.11 نقطة ربح 259.77 نقطة أو ما يعادل 3.57%. وقد تماسك مسار المؤشر هذا الأسبوع كلية منذ صعوده الأول يوم السبت، حيث بلغت أدنى نقطة حققها المؤشر هذا الأسبوع 7330 نقطة، أي أنه لم ينحدر إلى نقطة افتتاحه. ومن ثم فإن مساره الصاعد أعطى بعض الدلائل على ثبات صعوده نسبياً. وعليه، فإن استمر هذا المسار حتى الثلاثة أيام الأولى من الأسبوع المقبل، فإنه يمكن التدليل على موجة صعود جديدة قد تتشابه في خصائصها من حيث الفترة والقمة مع آخر موجة صعود. ولكن ما هي دلائل ومحددات هذه الموجة؟.

ملامح إخضرار كلي جديد

منذ الأربعاء قبل الماضي، والسوق يعيش حالة غير مؤكدة ما بين صعود وتذبذب، إلا إن حصيلتها النهائية ربح صافي. وقد ظهر هذا الصعود في شكل ليس مكاسب انتقائية لبعض القطاعات أو بعض الأسهم، ولكن في شكل ربح لمعظم قطاعات وأسهم السوق، حيث ربحت الأسهم الصغيرة والكبيرة، التي تنتمي لشركات استثمارية أو مضاربية، ذات النشاط وغير ذات النشاط. إن تحرك القطاعات الاستثمارية متمثلة في البنوك والأسمنت مع تحركات قطاعات المضاربة ليعطي مؤشر على أن موجة صعود ربما تبدأ الأسبوع المقبل إن أمهلها ورغب فيها صناع السوق. ومع ذلك، فإنه ينبغي الحذر في الأخذ بمقولة أن سيولة استثمارية دخلت السوق، لأن هذا المضمون ينطوي على محاذير واسعة، فالسوق يعيش مجرد حالة انتعاش، حتى رغم حدوثها في ظل اكتتاب ضخم أيضاً. إلا إن ذلك لا يعني أن سيولة استثمارية دخلت السوق لتبقى وتتمركز فيه. فهي مجرد موجة صاعدة ينبغي التعامل معها بأعتى مهارة ممكنة للحصول على أعلى ربح ممكن، ولكن دونما الانخداع وراء من يروجون إلى أن مسار هذه الموجة سيستمر إلى ما لا نهاية.

ما هي ضمانات تكوين موجة الصعود الجديدة؟

إن تماسك مسار السوق مبني هذا الأسبوع على تماسك سابك وبعض البنوك وبخاصة خلال تداولات نهاية الأسبوع. فسابك مستمرة في ثباتها منذ فترة. في حين أظهرت البنوك مساراً صاعداً، ولكنه غير مؤكد. وفي هذا السياق، إن استمر تماسك سابك والبنوك عامة، والراجحي وسامبا خاصة، ربما لتأكدت بوادر موجة الصعود الجديدة.

جاهزية السيولة في السوق غير محدودة وأعلى من حدود الاكتتابات المحتملة

لقد جاء الصعود القوي في بداية هذا الأسبوع بنحو 2.59% متزامناً مع بدء الاكتتاب في كيان، وهو ما يثير الدهشة التي نوهنا عنها سابقاً بأن السوق مفعم بالسيولة النقدية التي لا يمكن توقع انحسارها بفعل تأثير أي اكتتاب مهما كانت ضخامته. ولكن كل ما يثار من مخاوف انحسار السيولة غالباً ما يكون مفتعلا لإضفاء حالة من الخوف والقلق لدى المتداولين وتحقيق مآرب معينة من ورائها. ورغم أننا لم ننته من اكتتاب كيان بعد، إلا إن الشائعات بدأت تثار من جديد حول المخاوف من اكتتاب جبل عمر الذي يشاع أنه بات قريباً. إلا إننا ننوه من جديد حول أن قدر السيولة النقدية في محافظ المتداولين لا تزال كبيرة، وقادرة على تغطية أية اكتتابات جديدة بدون صعوبات. بل إن السيولة التي خارج نطاق السوق أيضاً ضخمة وغير محدودة. ناهيك عن سيولة نقدية في أسواق ومشاريع استثمارية أخرى يمكن بسهولة تغيير مسارها ناحية سوق الأسهم عندما يتم الاطمئنان الكامل لأوضاعه ومساره الصاعد. إن القيمة السوقية لسوق الأسهم ناهزت الـ 3.1 تريليونات ريال في نهاية فبراير 2006، والآن تتحرك ما بين 1.1 و1.2 تريليون ريال، إلا إنها ورغم خسارتها لهذا الفارق، فإنها تبدو مؤهلة لتعويضه من مصادر تعويضية يعول الجميع على جاهزيتها. ومع ذلك، فإنه ينبغي التفرقة بين وجود سيولة نائمة في السوق، وبين القول بأن سيولة استثمارية دخلت السوق.

دخول مآسي مساهمي المتعلقات (بيشة وإنعام) في مرحلة جديدة

أثير هذا الأسبوع من جديد الجدل حول الأسهم التي تم إيقافها، ووصل الجدل إلى حد التقاضي ما بين الجهة المسئولة وبين إدارة إحدى هذه الشركات. إن هذا الأمر لا يبدو مستغرباً كثيراً، فالنظام يسمح به، حيث إنه حدث ويحدث في كثير من الدول، وإن دل إنما يدل على بيئة صحية للتعامل. إلا إن الأمر المثير هو حالة الحيرة لأولئك المساهمين الذين لا يمكن معاقبتهم أو تركهم ليواجهوا مصيرهم لوحدهم لمجرد أنهم ضاربوا في شركات حتى وإن كانت خاسرة أثناء دخولهم فيها. فهذه الشركات هي شركات كانت مدرجة في السوق، وكانت تمتلك كافة التراخيص المنصوص عليها، وكان عملها والتداول عليها نظاميا. ومن ثم فلا يمكن تحميل المساهمين المسئولية وتركهم لمصيرهم المجهول فيها. يفترض أن يمتلك نظام الشركات وأيضاً نظام السوق المالية نصوصاً وقواعد تنظم عمليات الإيقاف وتضمن أن لا يحدث مثل هذا التجميد لأموال المساهمين، بل وتقنن كيف هو الحال إن حدث هذا الإيقاف؟.. فحتى الآن غير واضح إلام يسير هؤلاء المساهمين؟ ولنتساءل من جديد حول كيف إن كان هؤلاء المساهمين من المقترضين؟ كيف إن كانت عليهم التزامات بتوفير سيولة نقدية في آجال معينة؟ كيف إن رغب أحدهم في اقتناص فرص استثمارية أخرى؟ وغيرها الكثير من التساؤلات التي لن تنقضي في ظل عدم وجود أية ملامح لأجل زمني لانقضاء هذه المشكلة. إن هذه المشكلة لا تفقد الثقة في مجرد شركة أو عدة شركات، ولكنها تضعف الثقة في ضمانات السوق ككل بحماية والحفاظ على حقوق المساهمين.

الأسهم المجمدة طوعياً في السوق!

بجانب الأسهم التي تم إيقافها جبرياً من قبل هيئة السوق المالية، فإن هناك العديد من الأسهم الأخرى التي يرى أنها تعاني من توقفات طوعية أو ذاتية دونما تدخل من طرف آخر. فمنذ منتصف العام الماضي، ويشهد السوق حالة من الركود أو التكاسل للعديد من الأسهم في السوق. فالأسهم ذات الحركة والنشاط في السوق معروفة، وتتسم بخصائص وصفات معينة، من أبرزها صغر عدد الأسهم أو كونها أسهماً خفيفة، وأنها في الغالب تنتمي لشركات خاسرة وغير استثمارية، كما أنها في الغالب من الأسهم التي تنتمي لشركات لا تمتلك الدولة حصصاً فيها، أي يسهل السيطرة والاستحواذ فيها، وأخيراً أنها أسهم ليست لشركات عائلية أو لشركات أسسها أفراد. وعليه، فمن المعتاد أن غالبية أسهم البنوك والأسمنت والاتصالات والتأمين، وقليل من القطاع الصناعي، جميعها تعد من الأسهم ذات النشاط الضعيف أو الثقيلة. في المقابل معظم أسهم القطاع الزراعي، وغالبية أسهم القطاع الخدمي، وبعض الصناعيات تعد من الأسهم ذات النشاط القوي. إلا إنه منذ بداية عام 2007 برزت تغيرات في ملامح هذه الظاهرة، حيث إن بدأت ملامح ضعف في نشاط العديد من الأسهم، وأصبحت في حالة من الركود، وذلك كما يلي:

* تم بناء هذا الجدول حسب مقارنة معدلات دورانها في عام 2005 و2006م.

* وقد تم تقدير معدل دوران السهم = (%) (عدد الأسهم المتداولة خلال الفترة \100) - عدد الأسهم المكتتب بها في نهاية الفترة).

إلا إن التساؤل الذي يطرح نفسه: هل يعتبر ركود هذه الأسهم تحسناً أم تراجعاً في أدائها؟ إن حالة الركود النسبي التي انتابت هذه الأسهم في عام 2006 مقارنة بعام 2005 (رغم عدم قبولها من المضاربين) يمكن أن تفسر بتحسن واستقرار في أدائها، حيث إن عمليات التدوير فيها تقلصت كما انخفضت حدة عمليات المضاربة التي كانت تشتعل فيه من حين لآخر.

سيناريو المستقبل البعيد لسوق الأسهم ... كيف يكون؟

يوضح الجدول رقم (3) مقارنة بين المؤشرات المالية الرئيسية للسوق في 23 فبراير من العام الماضي وبين مؤشراته في نهاية إغلاق الأربعاء الأخير، حيث يتضح مدى التحسن الكبير الذي طرأ على متغيراته الرئيسية، بحيث زاد عمق السوق من نحو 3.1 مليارات سهم إلى 21.02 مليار سهم. كما تحسن مكرر ربحية السوق من 47.3 مكرراً في 23 فبراير 2006 إلى 15.12 مكرراً في الأربعاء الأخير. أيضاً تحسن بقوة مؤشره (السعر السوقي إلى القيمة الدفترية) من 11 مرة إلى 3.32 مرة، وهو تحسن كبير، بل متميز، قد لا يمكن تصور حدوثه على مدى يناهز العام الواحد. إن ما حدث في السوق من تصحيح وتحسين وإصلاح ربما يعد فريداً في سماته. فرغم عنف سبل الوصول إلى هذه التحسينات، إلا إنه ينبغي الإشادة بها. وإذا كنا نشيد بمؤشرات السوق الحالية، فكيف إذا عرفنا أن هذا المسار الإصلاحي للسوق لم ينته بعد، بالطبع ينتظر أن تزداد عناصر التميز المالي في مؤشرات السوق بشكل تجعله أكثر تنافسية عالمياً. وعليه، فإن أسهم السوق في ظل استمرار حدوث العديد من الإصلاحات قد تصل إلى حد عدم المقدرة على شرائها إلا في السوق السوداء مستقبلا لدرجة أنك ستطلب السهم أياماً وأياماً ولا تجد من هو راغب في بيعه. ولكن مخاوف كبيرة تدور حول طبيعة من سيمتلكون المقدرة على هذا الطلب مستقبلاً؟.

* محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد