Al Jazirah NewsPaper Friday  04/05/2007 G Issue 12636
الريـاضيـة
الجمعة 17 ربيع الثاني 1428   العدد  12636

وقفات مع الدعوة إلى الرياضة النسائية في المملكة

عندما تنسب المرأة لهذه البلاد (المرأة السعودية) تصبح لتلك النسبة قيمتها ودلالتها ووقعها، كيف لا؟! وهي ربيبة بلاد الحرمين ومهبط الوحي ومهوى أفئدة المسلمين وقبلتهم ومقصد رحالهم لحج بيت الله؛ فهي لذلك رمز لمعاني الطهر والحياء والحشمة والوقار، وهي محل الاقتداء وموضع الاهتداء.

وهذه الخصوصية (وان كرهها بعضهم) مما تفاخر به المرأة السعودية، حامدة ربها على هذا الشرف. ولذا كان على كل من أراد خيرا بهذه البلاد ونسائها أن يسهم في تعزيز هذه المكانة والمحافظة على هذا الشرف، وأن يَحذر ويُحَذر من كل وسيلة تفضي إلى تشويه تلك الصورة الجميلة أو الإخلال بذلك الشرف، وان يأخذ العبرة من التاريخ ودروس الزمان وتجارب الآخرين وبالأخص فيما يتعلق بالدعوات المغرضة الموجهة للمرأة المسلمة.

* ومن يقلب بصره وفكره في حال المرأة في بعض البلدان الإسلامية والعربية التي طالتها يد التغريب يرى كيف كان أسلوب (التدرج) وطريقة (بطيء لكن فعال) هو الأسلوب الأمثل والسلاح الامضى لدعاة التغريب وأرباب الشهوات في إفساد حال (المرأة المسلمة) واخراجها من بيتها (مملكتها) والزج بها في ميادين تخالف فطرتها وتسلبها انوثتها وتشغلها عن دور مهم في حياتها تحت شعار (المساواة) و(الحرية)، ومن ذلك ما حصل في جانب (الرياضة النسائية) في تلك البلدان، فقد كانت البدايات عبارة عن نواد نسائية (خاصة) ودروس للتربية الرياضية في المدارس والجامعات، ثم تدرج الأمر إلى المطالبة بإنشاء فرق نسائية في بعض الرياضات وتمضي الأيام لتظهر أصوات تطالب بمشاركة المرأة في جميع أنواع الرياضة وتؤكد على ضرورة مشاركتها في جمع الفعاليات الرياضية المحلية والاقليمية والعالمية (مساواة) بالرجل؛ لتُرى (المسلمة) بعد ذلك (سباحة) و(عداءة) و(مصارعة) و(بطلة كمال أجسام) ولتصعد على منصات التتويج أمام العالم أجمع ليس عليها إلا ما يستر سوءتها المغلظة!! ضاربة بمعاني الحياء والحشمة والستر عرض الحائط، كل ذلك لتقول (أنا هنا)، حتى ولو كانت الضريبة التنازل عن القيم التي كانت محل شرفها. لقد حصل هذا في وقت لم يكن يدور في خلد (بعض) من تهاون في الأمر وركب موجة الدعوة إلى فتح الاندية النسائية وتعزيز الرياضة النسائية في تلك البلاد ان يصل الحال إلى تلك الصورة المأساوية، بل ربما اتهم من عارضه ودعا للانتباه من خطر ذلك التوجه بالتخلف والرجعية ومعاداة حقوق المرأة أو المبالغة والتهويل وغيرها من مفردات تلك (الشنشنة).

* أقول هذا وأنا أسمع بعض دعوات بني قومي - هدانا الله وإياهم للحق - تدعو لمشاركة (المرأة السعودية) في المحافل الرياضية وأقول لهم: أيسركم أن يصل حال المرأة عندنا إلى أن تصبح محط أنظار العالم في وضع تتخلى فيه عن القيم والآداب الشرعية التي قامت عليها هذه البلاد المباركة والتي اتخذت القرآن وآدابه منهجا تحتكم إليه ليضبط مسيرتها؟! وماذا ستقول نساء العالم أجمع واللاتي كانت لهن (المرأة السعودية) مثالا يحتذى به في التمسك بآداب الإسلام من الحياء والحشمة ماذا سيقلن وهن يشاهدنها في وضع يخالف ما عرفت به؟! أظن انهن سيقلن بصوت واحد:

إلى الماء يسعى من يغص بلقمة

إلى أين يسعى من يغص بماء؟!!

* كما أقول لمن ينادي بالبدء بالأندية الرياضية النسائية في المملكة في (أماكن مغلقة) وفق الضوابط الشرعية: انظر كيف كانت البدايات في تلك الدول الإسلامية وكيف وصل الحال فيما يختص بقضية الرياضة النسائية، (والسعيد من اتعظ بغيره) فالبداية (أماكن مغلقة) ثم يتطور الأمر ليصبح مشروعا رياضيا نسائيا له جمهوره وإعلامه.

* واما مقولة (وفق الضوابط الشرعية) فهي عبارة اعتدنا قراءتها في كتابات (بعض) من ينادي بأي مطلب يتعلق بالمرأة؛ ليمتص بها غضب معارضيه، وهي عبارة (مطاطية) كلٌّ يفصلها بحسب ما يريد، مهما كان مستوى فقهه لتعاليم الشرع ومقاصده، ولو أن هؤلاء رجعوا في وضع الضوابط الشرعية للراسخين في العلم الشرعي من العلماء لكان الامر مقبولا، ولكن أكثرهم هو من يتولى وضع الضوابط الشرعية بحسب هواه مع قلة بضاعته في العلم الشرعي!!

ثم لنفترض ان تلك الأندية بدأت فعلا بضوابط شرعية فإن التجارب تثبت ان تلك الضوابط - في كثير من الأحيان - تبدأ في التفكك مع مرور الوقت، وتصبح أثراً بعد عين ويقال فيما بعد (كان هناك ضوابط شرعية) ثم تدون في سجل (الارشيف).

وقفة مع الدعوة إلى تطبيق حصة التربية الرياضية في مدارس البنات

مما يحتج به من ينادي بتطبيق حصة التربية الرياضية في المدارس النسائية هو ظاهرة ازدياد نسبة السمنة عند النساء وان تطبيقها من وسائل علاج هذه الظاهرة، والذي يبدو ان من ينادي بذلك ليس لديه اطلاع كاف على وضع حصة التربية الرياضية عند البنين، فالواقع يشهد انها حصة ترفيه أكثر من كونها بناء رياضيا للأبدان، ولهذا فإن من لم يعزز لياقته البدنية بتدريبات ورياضات خارج المدرسة فانه لا يحصل الجسم الرياضي النشط، ولهذا فان اقحام حصة مماثلة في مدارس البنات لن يحقق المغزى المراد لأبدانهن بقدر ما سينخر في حيائهن وأخلاقهن، وفق ما سار عليه الطالبات في بلاد أخرى، ومما يؤكد هذا الواقع الاحصاءات الدالة على ارتفاع نسبة السمنة في الشباب (إحدى الدراسات أظهرت أن (52%) من البالغين في المملكة العربية السعودية يعانون من البدانة، ويعاني منها أيضاً (18%) من المراهقين و(15%) من الأطفال دون سن المدرسة) (جريدة الرياض الخميس 3 شوال 1424هـ العدد 12942).

واقع بعض الأندية

النسائية الخاصة

ان انكشاف العورات من أهم أهداف الشيطان وخططه في اغواء العباد كما قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا}

(الأعراف: 27)، أقول هذا والواقع

يشهد على أن (بعض) الأندية النسائية الخاصة التي تم افتتاحها منذ أمد قد حصل فيها تساهل كبير في مسائل اللباس وابداء العورات وغيرها من المحاذير التي تتوارى عندها معاني الحياء والحشمة، مع أن بعض تلك الاندية قد وضعت عبارات تدعو للاحتشام لكن العبارات شيء والواقع شيء آخر.

وإذا كنا نسمع عما يندى له الجبين من واقع (بعض) النساء في حفلات الأفراح وغيرها من تساهل في إبداء العورات وتسابق في مقدار المساحة المكشوفة من اجسادهن، فكيف سيكون الحال في الأندية الرياضية النسائية التي تتطلب تخففا من اللباس؟! ثم ان المرأة التي ترتاد تلك الأندية الرياضية ستحتاج إلى خلع ملابسها المعتادة لأجل لبس الملابس الرياضية، ومثل هذا العمل جاء فيه الوعيد الشديد والتحريم الأكيد، فقد ثبت عن أبي المليح رحمه الله قال: دخل نسوة من أهل الشام على عائشة رضي الله تعالى عنها، فقالت: ممن انتن؟ قلن: من أهل الشام. قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات؟ قلن: نعم، قالت: أما اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله تعالى) رواه أحمد وأبو داود واللفظ له وغيرهما. وفي رواية الترمذي وابن ماجة: (في غير بيت زوجها). كما أن تردد المرأة على هذه الأندية يتنافى مع أمر الله سبحانه للنساء بالقرار في البيوت إلا لحاجة {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}(الأحزاب 33) تلك البيوت التي حولتها أقلام التغريب إلى سجن تدعى المرأة للهروب منه!!

* اللجنة الأولمبية واشتراط مشاركة المرأة السعودية:

كان لاشتراط اللجنة الاولمبية على السعودية اشراك العنصر النسائي في الاولمبياد فرصة اهتبلتها أصوات كانت تنادي بالزج بالمرأة السعودية في الرياضات المحلية والعالمية، لذا وجدوها فرصة سانحة لتبرير مطالباتهم والتأكيد على أهميتها، ويقال لهؤلاء إن خسارة المشاركة في تلك الأولمبياد (إن اتفق على انها خسارة) لا تقارن بخسارة التنازل عن القيم والمبادئ التي شمخت بها هذه البلاد المباركة، إلا أن كان أصحاب هذه الدعاوى لا يعتقدون بأن الحجاب الشرعي ليس من ثوابت الشرع الذي قام عليه منهج هذه البلاد.

ما البديل؟

بداية أقول: حُق للسمنة وما يتبعها من أمراض أن تتربع في جسد كثير من النساء اللواتي لا يمارسن أي جهد بدني في بيوتهن؛ حيث إن العاملات المنزلية - في بيوتهن - هن اللاتي يقمن بكل شيء (كل شيء) من أعمال المنزل،!! أما هن فقد أصبحن لا يخرجن عن دائرة الأكل والشرب والنوم وقلة الحركة، وما كانت تلك الأمراض - بتلك الكثرة - تُرى على نساء الجيل السابق والذي كانت نساؤه شعلة من النشاط في بيوتهن، ولكي لا يتبادر إلى ذهن القارئ أن معنى ما ذكر هو (منع المرأة) من مزاولة الرياضة فإني أقول إن مما يتفق عليه هو أهمية الرياضة وفوائدها التي لا تنكر، ولكن الاختلاف في وسيلة ممارسة الرياضة ومكانها (بالنسبة للمرأة) ولذا أذكر بعض البدائل المتاحة للمرأة لممارسة حقها في العناية بجسدها مع محافظتها على أخلاق الشرع وآدابه المرعية:

1- أن تمارس المرأة شيئا من أعمال البيت بالإضافة إلى أداء بعض التمرينات الرياضية مستفيدة مما جد في هذا العصر من أدوات رياضية يمكنها أن تمارس بها الرياضة (داخل بيتها) في جو من الراحة والخصوصية، وقد أظهرت دراسة أمريكية حديثة، ان النساء اللواتي يُمارسن الرياضة في المنزل يفقدن وزنا أكثر، ويصبح شكلهن أحسن من النساء اللواتي يمارسن نفس التمارين في النوادي الخاصة (جريدة الرياض، عدد 10883) وفي دراسة قام بعض الباحثين الأمريكيين، أكدوا أن الأعمال الاعتيادية التي يقوم بها الشخص في منزله يوميا، كالكنس، والغسل، والعمل بالحديقة، والمشي له فوائد التمارين الرياضية؛ فهي تقي من انسداد الشرايين، والإصابة بأمراض القلب (مجلة الأسرة، عدد 50).

2- ممارسة (رياضة المشي) في الممرات الموجودة في الحدائق العائلية، حيث تمشي فيها المرأة بعيداً عن مضايقة سفهاء الشباب والتي قد تجدها في ممرات الشوارع العامة ناهيك عما يصحبها من هواء ملوث بعوادم السيارات.

3- الاهتمام بالنظام الغذائي الصحي، فالرياضة تفقد كثيرا من ثمارها إذا لم يصاحبها نظام غذائي صحي.

بندر بن إبراهيم العريدي

b_oride@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد