Al Jazirah NewsPaper Sunday  27/05/2007 G Issue 12659
رأي الجزيرة
الأحد 10 جمادى الأول 1428   العدد  12659
بغداد ولقاء الأضداد

العراق وما يمر به من احتراب داخلي وُظفت فيه القناعات المذهبية والطائفية بشكل أساسي، وأصبح من أهم مهددات الأمن الإقليمي لكثير من الدول المجاورة له التي باتت تخشى أن تمتد منه إليها شرر الانفلات الأمني وسلبيات عدم الاستقرار والارتباك السياسي والاجتماعي, ومع أن هذه الفتن التي تعصف بالشعب العراقي تنطلق من أسس مذهبية وإثنية مرتكزة على طموحات ونزعات استقلالية بالانسلاخ عن حضن الوطن والدولة الأم, إلا أن الأمر في الوقت ذاته لا يخلو من عوامل ومؤثرات خارجية لعبت ولا زالت تعلب دوراً مهماً في إذكاء تلك الطموحات الانفصالية وترسيخ القناعات الإقصائية بين مكونات الشعب العراقي. ومن هنا تنطلق أهمية اللقاء التاريخي المزمع عقده غداً بين ممثلين من الولايات الأمريكية وإيران كأول لقاء يعقد بين الطرفين منذ القطيعة التي حدثت بين طهران وواشنطن بعد قيام الثورة الإيرانية، حيث تتهم أمريكا الجانب الإيراني بدعم بعض الأطراف الشيعية العراقية على حساب مكونات الطوائف الأخرى في البلاد؛ وهو الأمر الذي أصبح واضحاً وجلياً للقاصي والداني، ولا يختلف عليه اثنان، إذ يصر الإيرانيون من جانبهم على أن رحيل القوات الأمريكية المحتلة هو أول الشروط لاستعادة الأمن في هذا القطر العربي الجريح في ثنائية اتهام متبادل تستند بالمقام الأول إلى المصالح الإستراتيجية والقومية لكلا الطرفين.

اللقاء (الإيرانو أمريكي) وإن جاء متأخراً، إلا أنه يمتلك في طياته كثيراً من أوراق اللعبة السياسية التي تمارس على الأراضي العراقية. فالأمريكيون يعلمون خير العلم الآن أنهم بخطئهم الفادح في احتلال العراق وتدمير دولته وديمومته ومؤسساته وحل جيشه قد قذفوا به في أحضان إيران وسلموه لها على طبق من ذهب بلا مقابل؛ وهو الأمر الذي استغلته إيران وما زالت تستغله للمساومة في صراعها مع المجتمع الدولي حول برنامجها النووي وصداماتها مع الغرب, بعد تحويله إلى مجال حيوي وإستراتيجي لخدمة مصالحها وطموحاتها الإقليمية؛ ما يعني أن المرحلة المقبلة ما بعد اللقاء الأمريكي الإيراني قد تكون حبلى بكثير من المفاجآت والاتفاقات والصفقات التي قد تعقد تحت الطاولة بين الطرفين، ويرجى حدوثها وإبرامها بمعزل عن المساس بوحدة هذا البلد الذي أصبحت تهدده أشباح التشرذم والتفكك إلى دويلات تتناهش بعضها بعضاً، وتنقاد إلى تقمص أدوار أحصنة طروادة الجامحة في فضاء وميادين خدمة مصالح وإستراتيجيات الآخرين سواء كان ذلك بناء على أسس مذهبية وطائفية أو من خلال منطلقات وقناعات أخرى.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد