Al Jazirah NewsPaper Friday  06/07/2007 G Issue 12699
الاقتصادية
الجمعة 21 جمادىالآخرة 1428   العدد  12699
بعد صعود قوي في ظل سيولة متدنية
تحسن صورة المؤشر وتوقعات بتأثيرات كبيرة لطرح وإدراج (المملكة القابضة) على السوق
د. حسن الشقطي

أغلق المؤشر العام لسوق الأسهم يوم الأربعاء الماضي على صعود قوي ربح خلاله 179.5 نقطة بعد أسبوع من الدوران حول مستوى 7000 نقطة ما بين الصعود والهبوط، الأمر الذي أدى إلى إغلاق أسبوعي على ربح بنسبة 2.57% تقريباً، وهو ربح طال انتظاره منذ أكثر من شهر. وعلى الرغم من هذا الصعود، إلا أن السوق شهد اضطراباً واضحاً خلال كافة أيام الأسبوع باستثناء يوم الأربعاء. ومن أبرز ملامح هذا الاضطراب، هو أن تحليلات الموجات الصاعدة والهابطة بدأت تتغير يومياً، ويقول البعض إن هذه موجة صاعدة، والآخر يقول إن المؤشرات الفنية قد تشبعت، وان السوق على وشك الانطلاق، وهناك من عول منذ أمس الأول على صعود الأربعاء بأنه بداية موجة صعود جديدة ستنطلق بالمؤشر إلى 8500 نقطة. ولكننا سمعنا ونسمع هذا الحديث المطول عن المؤشرات الفنية منذ أكثر من 200 يوم، فلماذا لم ينطلق المؤشر؟... إن هذا الأمر يفرض علينا الريبة حول مدى إمكانية الاعتماد على هذه المؤشرات الفنية. ولكن على الرغم من كل هذا القلق الذي أصاب المتداولين، فقد بدأت تساؤلات عديدة تحوم حول أسباب التراجع المستمر في معدلات السيولة المتداولة... هل هو نتيجة حالة التشاؤم التي أصابت المتداولين؟ أم أنها تمثل وضعاً طبيعياً لدخول إجازة الصيف؟ وهل يمكن توقع استمرار وضع السيولة المتدنية الحالية خلال شهري يوليو وأغسطس؟ وإذا استمر هذا الحال... فإلى أين يمكن أن تصل معدلاتها؟ وهل هذا ينبئ بانتكاسة عنيفة للمؤشر خلال هذا الشهر خصوصاً في ظل طرح القابضة للاكتتاب؟ فضلاً عن ذلك، فقد لوحظ اختفاء كثيرٍ من العناصر الفاعلة في السوق، فلا حديث الآن عن المجموعات ولا حديث عن الهوامير، ولا أسماء يعول عليها كما كان في السابق، ولا تعويل على قدرة سهم على تحريك السوق... فقط الحديث عن السوق وهيئته... فقد تشتت الجميع... كل مع أسهمه... وهنا نتساءل كيف وصل السوق إلى هذا الوضع الجديد؟ وهل هو يشكل تحسناً للسوق؟ بمعنى هل أصبح السوق حالياً أفضل من ذي قبل؟ هل تحسنت درجة الأمان فيه؟ هل انخفضت فعلاً معدلات المخاطر التي تكتنف الاستثمار به؟ وأخيراً.. مَن وراء هذه التغيرات؟

السوق يستعيد انتعاشه

افتتح السوق هذا الأسبوع على هبوط خسر خلاله المؤشر يوم السبت حوالي 41 نقطة، تلاه هبوط آخر خسر فيه المؤشر يوم الأحد 69 نقطة، ثم ارتد يوم الاثنين ليربح المؤشر 47 نقطة، واستمر الصعود يوم الثلاثاء ليربح 41 نقطة جديدة. ثم يوم الأربعاء تمكن المؤشر من إحراز صعود قوي ربح خلاله 179.5 نقطة بما يعادل 2.57%. وعليه، فإن المؤشر بإغلاقه عند 7169 نقطة يكون قد ربح حوالي 157.5 نقطة أي بما يعادل 2.25%.

الصناعة والبنوك تقودان صعود المؤشر:

لقد جاء الإغلاق القوي للمؤشر يوم الأربعاء كنتيجة طبيعية لارتداد كافة الأسهم في السوق، حيث شهد يوم الأربعاء اخضراراً شبه كلي نتيجة ارتفاع حوالي 81 سهماً، في مقابل انخفاض 7 أسهم. وقد سجل قطاعا البنوك والصناعة أعلى صعود حيث ربح قطاع البنوك 3.16%، في حين ربح القطاع الصناعي 3.12%. ويعتبر سهما الراجحي وسابك من القياديين الرئيسيين في هذا الصعود، حيث صعد الأول بنسبة 4.21%، في حين صعد الثاني بنسبة 3.77%.

طرح المملكة القابضة واحتمالات التغيير:

وافق مجلس هيئة السوق المالية على طرح أسهم شركة المملكة القابضة للاكتتاب، حيث سيتم طرح 315 مليون سهم للاكتتاب العام تمثل (5%) من أسهم الشركة، وسيُخصص جزء منها للصناديق والشركات الاستثمارية. وستُطرح أسهم الشركة خلال الفترة من 10 - 7 - 2007م إلى 18 - 7 - 2007م وسيتم رد الفائض في 9 - 7 - 1428هـ الموافق 23 - 7 - 2007م. ويتوقع أن يكون لطرح وإدراج القابضة تأثيرات واسعة في السوق، ربما تختلف كثيراً عن سابقاتها من الشركات الأخرى.

التفاؤل مطلوب ولكن مع الحذر:

كثيرٌ من المتداولين يعول على يوم السبت المقبل في استكمال صعود الأربعاء بصعود جديد، وتوقع استمرار هذه الموجة الصاعدة لأيام أخرى، وعلى الرغم من أن التفاؤل أمر مطلوب للتعامل مع السوق، إلا أن الحذر يبدو أكثر طلباً عن ذي قبل في التعامل مع معطيات الصعود، فحتى يوم الأربعاء لم يتعدّ مستوى السيولة المتداولة 4.9 مليارات ريال، وهو مستوى لا يزال متدنياً لكي يحفظ استقرار حركة التداول في السوق.

إجازة الصيف والاكتتابات

البعض يعول على نتائج أعمال الشركات في أنها السبب وراء ما يجري في السوق الآن، وأن تراجع السيولة يمثل حالة طبيعية لترقب المتداولين لهذه النتائج، ولكننا نذكر أن هذا التفسير لا يبدو منطقياً، وبخاصة مع الرجوع بالذاكرة لذات الفترة قبل صدور نتائج الربع الأول للشركات التي سبقتها، ففي كل مرة يعول المحللون على هذه النتائج، ولكنها لا تلبث أن تمر وتنتهي ويكتشف الجميع أنها لم تمتلك التأثير الكبير المتوقع. إن الأمر المعهود في مثل هذه الفترة، هو إجازة الصيف التي تسحب الكثير من المستثمرين إلى فترات استراحة داخلية أو خارجية، بعيداً عن السوق... بعض المحافظ تجمد وبعضها الآخر يفرغ من الأسهم... ولكن هذه السنة امتزجت إجازة الصيف بحالة الركود نتيجة الهبوط المتواصل، وبخاصة مع كسر مستوى الـ8000 نقطة. فضلاً عن ذلك، فإن الاكتتابات لا تزال مستمرة، وهي عنصر لا خلاف عليه في أنه يمتص قدراً كبيراً من السيولة التي كان الاعتماد سابقاً على فيضانها في تحريك السوق.

الأسهم تتحرك بجاذبية نحو قيمها الاسمية

من الأمور اللافتة للنظر على مدى العام الأخير، أن كافة الأسهم منجذبة ذاتياً ناحية مستوى العشرة ريالات الذي يمثل حتى الآن حد التوقف، فكثيرٌ من الأسهم التي كانت تتحرك فوق المائة ريال أو حتى المائتين انحدرت أسعارها حتى بلغت ما فوق العشرة ريالات أو ضعفها بقليل. كما أن الجميع باتوا منجذبين ناحية مستوى القيمة الاسمية للأسهم وهي 10 ريالات. وحالة سهم الكهرباء الذي يحوم قريباً من هذا المستوى السعري ليس ببعيد عنا.

إلى أين يمكن أن يصل سعر كيان؟

أغلق سهم كيان هذا الأسبوع على 12.50 ريالاً، وعلى الرغم من أن السهم قد ربح هذا الأسبوع 4.2% إلا أنه لا يزال يتحرك في مضمار أقل من المتوقع له كسهم يفترض أن يكون من قياديي السوق والمؤشر. ولعل المستثمرين مؤخراً في هذا السهم باتت تنتابهم مخاوف كبيرة من دخول السهم في مزيدٍ من الانخفاضات، والبعض بات يتساءل حول أسباب عدم تحقيق السهم لأي طفرة سعرية حتى بالتشابه مع أسهم أخرى أضعف ولا تمتلك ما يمتلكه، وهنا يظهر تساؤل حول: إلى أين يمكن أن يصل سعر هذا السهم إذا حدث تراجع عنيف مجدداً لمؤشر السوق؟ هل يمكن أن يكسر مستوى الـ10 ريالات؟ إن كيان أصبحت تسلك مسلكاً مشابهاً تماماً لمسلك الكهرباء في السوق... فهل يصبحان رفيقين؟

علاوات الإصدار تتسبب

في خسائر للمستثمرين

إذا كانت كافة الأسهم منذ 495 يوماً تقريباً تتخذ مسارات هبوطية نحو قيمها الاسمية التي تقدر بعد التجزئة بنحو 10 ريالات، وإذا كان المستثمرون الأوائل في هذه الأسهم قد اكتتبوا في غالبيتها بالسعر الاسمي وهو 10 ريالات، فإنه لا يزال هناك مجال للحديث عن ربح، والحديث هنا عن المستثمرين طويلي الأجل الذين يمثلون أهم فئة داخل السوق، إلا أن الأمر لا يبدو كذلك لأولئك الذين اكتتبوا مؤخراً في أسهم بعلاوات إصدار، تلك العلاوات التي بدأت تظهر آثارها السلبية خلال هذه الأسابيع عندما زادت معدلات هبوطها، فالكل يبدو أنه متجه ناحية القيمة الاسمية، ولكن حصول هؤلاء المستثمرين على هذه الأسهم بأعلى من قيمها الاسمية، بالطبع انها خسائر كبيرة تفوق حدود خسائر التصحيح، إن معدلات الخسائر بلغت في بعض هذه الأسهم (كما يوضحها الجدول(2)) بلغت معدلات كبيرة، حيث وصلت إلى حوالي 57.7% للحكير، وحوالي 40.6% للبابطين، و32.3% لسبكيم و1.6% للورق. والأمر اللافت للانتباه أن كلاً من الحكير والبابطين وسبكيم لم تتجاوز فترة وجودها في السوق أكثر من سبعة شهور منذ إدراجها وحتى الآن، وهو الأمر الذي يدعو للتساؤل هل أدرجت هذه الأسهم بفقاعاتها في السوق؟ وهل علاوات الإصدار هي التي تسببت في هذه الفقاعات؟

الصانع الرئيس وتهميش دور أطراف في السوق

كل يوم يطالعنا أحد المحللين في السوق بالتنبؤ بانتهاء التصحيح، بل بعضهم يؤكد أنه قد انتهى بلا عودة، والحكيم منهم هو من يبشر فقط بقرب انتهائه، ولكن للأسف كافة هذه التنبؤات لا تقوم على أي أساس من الصحة سوى الهواجس الشخصية أو تسكين الذات. فالتصحيح لن ينتهي بكلمة من أحد، ولكن أصبح واضحاً أنه مسار مدروس من المؤشر نفسه، فقد قلنا تكراراً ان الهبوط ليس مصنوعاً وأنه مسار حر طليق، على العكس من الصعود الذي هو مقيد بالعديد من المتغيرات من أبرزها الاكتتابات وانحسار السيولة وضعف كبار المضاربين وتشتت سيطرتهم وتزايد ثقل صناديق الاستثمار، ودخول الوسطاء الجدد، كل ذلك أدى إلى أنه أصبح من الصعب (وبخاصة في ظل انتقال الرقابة على الصناديق إلى الصانع الرئيس للسوق وهو هيئة السوق) ان يتمكن أي طرف من هؤلاء من قيادة المؤشر بشكلٍ منفرد كما كان يحدث سابقاً، لقد غاب عن السوق الحديث عن الهوامير، كما غاب عنه الحديث عن المجموعات، فلو طلبت من مضارب اليوم أن يشترك في مجموعة مضاربية تكلفه فقط 10 ريالات، فإنه قد لا يقبل الاشتراك بها، وذلك لأنه أصبح لا يثق في أي مجموعة وأصبح يعلم بأن قيادة المؤشر غير ممكنة لمجموعة أو حتى لتجمع من هذه المجموعات... إن هذا الأمر وعلى الرغم من استمرار الهبوط، ليستحق منا تقدير الصانع الرئيس للسوق الذي تمكن خلال فترة ليست طويلة من تغيير الصورة الهيكلية للسوق تماماً.

هل تحسن السوق؟

تقييم السوق على مدى الـ495 يوماً الأخيرة يبدو أمراً صعباً للغاية، فالكل تقريباً خاسر، وكافة الأسهم هبطت أسعارها، والمؤشر خسر أكثر من ثلثي قيمته، وكذلك الأسهم مع تفاوت نسب الهبوط، كذلك انحدرت السيولة المتداولة كثيراً من أكثر من 45 مليار ريال يومياً إلى ما يقارب 4 مليارات فقط، ولكن على الرغم من كل ذلك، فالسوق أصبح غير مخيف ولا يوجد قلق من السقوط مثلما كان عندما وصل إلى 20 ألف ريال، اليوم حتى وإن كنا نتوقع بعض الهبوط، فإنه لا يبدو كبيراً، ولا يبدو السوق خطيراً، ولكن هذا الحديث قد يكون منطبقاً على المستثمرين الجدد، ولكن لن يقبله المستثمرون القدامى الذي خسروا جل أصولهم المالية والنقدية وحتى العينية في هذا السوق. إن السوق اليوم أصبح قوياً، ولكن كأن البعض يرغبون في مزيدٍ من هذه القوة. إن صورة السوق اليوم تقول لا خوف ولا قلق، بل إن الاستثمار في السوق مستقبلاً قد لا يضاهيه سوق آخر. كافة المؤشرات المالية أصبحت تؤكد أن المؤشر وما يزيد على 60% من الأسهم بالسوق تشكل أوضاعاً ممتازة مالياً، وأن الاستثمار فيها بمجرد استقرار السوق سيكون غير عادي.

محلل اقتصادي ومالي

Hassan14369@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد