Al Jazirah NewsPaper Thursday  12/09/2007 G Issue 12767
الرأي
الاربعاء 30 شعبان 1428   العدد  12767
المقصف
د. سعد بن محمد الفياض- إدارة التربية والتعليم

المقصف المدرسي هو باختصار مكان صغير مجهز بأنواع المأكولات والمشروبات، يوجد في كل مدرسة يتوافد إليه الطلاب زرافات ووحداناً، في وقت تحدده إدارة المدرسة، وغالباً ما يكون بعد الحصة الثانية. هذا هو معنى المقصف، والهدف منه باختصار، هذا هو الظاهر من أمر المقصف، ولكن لو تأملنا حقيقة الأمر لوجدنا أن الأمر أبعد من ذلك وأبلغ، ولا عجب إذا علمنا أن المقصف يعني تربية وسلوك جيل ستظهر آثاره في مستقبل حياته ومعترك أموره، إنه صورة مصغرة لنظام مجتمع اكتسب أخلاقيات وسلوكيات معينة تظهر آثارها بعد سنوات بين أفراد المجتمع بشتى ثقافاته من خلال اتصال وتعامل بعضهم مع بعض.

المقصف ميدان لتربية النفس على حب النظام والانضباط، وميدان لتربية النفس على الرحمة بالآخرين والرفق بهم، وميدان لتربية النفس على أن لكل إنسان حقاً يجب أن يعطاه بكل عدل، وأن الجميع أمام المقصف سواء، لا فرق بين طالب وطالب، ولا طالب ومعلم. يجب أن يشعر الطالب بأن شعار المقصف هو النظام والعدل، والاحترام والتواضع، وإعطاء كل ذي حق حقه، وأنه لا يقبل من يخالف هذا المبدأ، بل لا مكان له في المجتمع المدرسي، ومتى ما عرف الطالب في مؤسساتنا التربوية هذا المبدأ وأصبح مؤصلاً في ذاكرته، عندها سيخرج لنا جيل قد غرس في قلبه حب النظام والعدل، واحترام حقوق الغير، وسنشاهد هذا في الطرقات وعند إشارات المرور، وفي المطارات وفي المتنزهات، وعند مراجعة الدوائر الحكومية والتعامل مع الآخرين. والشاب الذي نراه لا يبالي بحقوق الطريق ولا يحترم مشاعر الغير، لو أردنا أن نبحث عن الأسباب الحقيقية لذلك لوجدنا أنه منذ نشأته وهو في مدرسته لم ينشأ ويدرب من قبل معلميه على احترام النظام والذي منه آداب المقصف من الاصطفاف وعدم التعدي على حق الغير إلى الاهتمام بنظافة وترتيب المكان ومراعاة الشعور العام. لو عملنا بهذا المنهج أيها التربويون وحاولنا غرسه في نفوس طلابنا لما رأينا هذا السلوك المشين في مجتمعاتنا. وهذا لا يعني أنني أعزو بعض السلوكيات غير التربوية أو الظواهر غير السوية إلى هذا الأمر، ولكن أقول إن المقصف هو صورة مصغرة من صور مخرجات التعليم لا يمكن الاستهانة به أو التقليل من شأنه؛ فحب النظام ليس مجموعة من المحفوظات تحشى بها الأذهان، بل ملكات تصدر عنها آثارها صدور الشعاع عن الكوكب، والأريج عن الزهر.



saad.alfayyadh@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد