Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/10/2007 G Issue 12798
الرأي
السبت 02 شوال 1428   العدد  12798
الزيادة السكانية في الوطن العربي والنمو الاقتصادي
د.أحمد العثيم

لاشك أن قضية الزيادة السكانية استأثرت لفترات طويلة على انتباه الباحثين والمعنيين بمستويات النمو الاقتصادي، هناك من يرى أن نمو السكان هو عامل محفز يؤثر إيجابياً على معدلات نمو الدخل القومي، فمع زيادة السكان يزداد خزين المعارف نتيجة التقدم التكنولوجي الذي تولده زيادة الطلب على إنتاج السلع والخدمات، وهناك من يرى أن النمو السكاني يؤثر سلباً على النمو الاقتصادي فارتفاع نمو السكان يعيق نمو الدخل القومي، فمع تزايد أعداد السكان يزداد استنزاف الموارد المادية والطبيعية والاقتصادية.

ويقدر إجمالي عدد السكان في الدول العربية في عام 2003 بنحو 300 مليون نسمة مع تفاوت كبير في حجم السكان فيها بين الدول العربية، ويقدر متوسط معدل النمو السكاني خلال الفترة من 1995 - 2003 بنحو 2.4% متراجعاً من نحو 2.6% خلال الفترة من 1985 - 1995، ورغم هذا التراجع لازال هذا المعدل الأعلى بين الأقاليم الرئيسة في العالم عدا إفريقيا جنوب الصحراء، حيث بلغ متوسط معدل الدول المتقدمة 0.8% والدول النامية 1.9% خلال الفترة 1975 - 2001 وقد أثرت هذه الزيادة في معدل النمو السكاني على الخطوات التي تخطوها الدول العربية نحو التقدم الاقتصادي وأنتجت عدداً من المشاكل منها:

مشكلة غذائية:

فالعالم العربي يستورد ما قيمته 20 مليار دولار منه سنوياً من السلع الغذائية، فيما يمثل حجم الصادرات العربية الزراعية حوالي 5% فقط من حجم الصادرات الكلية، كما تمثل الواردات الزراعية نحو 16% من حجم الواردات العربية، إلى جانب أن الدول العربية تخصص الكثير من مواردها لتوفير الاحتياجات الغذائية وتتجه المدفوعات نحو الزيادة، كما أن منحنى الطلب على المواد الغذائية في ارتفاع مستمر وينعكس ذلك في تزايد قيمة الواردات من المتجات الزراعية حيث ازدادت الفجوة الغذائية بين عامي 1980 - 1990 من نحو 10.575 مليار دولار إلى نحو 11.700 مليار دولار، وازدادت أيضاً بين عامي 1991 - 2000 من نحو 8.6 مليار دولار إلى 13.9 مليار دولار، وارتفعت في نهاية العام 2002 إلى 14.7 مليار دولار.

وبدأ عجز السلع الغذائية يظهر بصورة واضحة منذ أوائل الستينات نتيجة لارتفاع معدلات النمو السكاني التي تعتبر من أعلى معدلات النمو في العالم، فقد تضاعف عدد سكان الوطن العربي خلال ربع قرن من 122 مليون نسمة عام 1970 إلى 240 مليون نسمة عام 1993 ثم ارتفع إلى 293 مليون نسمة عام 2002 ويتوقع أن يصل إلى 480 مليون نسمة بحلول عام 2030 إذا استمرت معدلات النمو السكاني بنفس النسب الحالية، في الوقت الذي لم يقابله ارتفاع من معدلات الإنتاج الزراعي والغذائي تساوى أو تزيد على معدل النمو السكاني.

البطالة:

تعاني البلدان العربية من ظاهرة البطالة بمختلف أنواعها، وتشير بيانات الجامعة العربية إلى أن عدد العاطلين في البلاد العربية بلغ نحو 15 مليون عاطل بما رفع معدل البطالة في الدول العربية إلى 15% من قوة العمل، وهذا المعدل المرتفع للبطالة في البلاد العربية يشكل إهداراً لطاقة عنصر العمل من جهة، ويشكل من جهة أخرى تهديداً للاستقرار السياسي والاجتماعي، كما أنه يوفر أرضاً خصبة لنمو التطرف السياسي والعنف الجنائي.

وأحد الأسباب التي أدت إلى تفاقم معدلات البطالة هي الزيادة السكانية المطردة في العالم العربي، ومع هذه الزيادة سوف يحتاج العالم العربي إلى توفير ما بين 80 إلى 100 مليون فرصة عمل بحلول عام 2020م.

التعليم:

قضية التعليم للمواطنين في العالم العربي من الضرورات الأساسية ليس فقط لدى الدولة ومتخذي سياسات التعليم أو المفكرين والمثقفين، بل عند كل فرد وأسرة وفي ظل الأرقام المتراكمة في الزيادة السكانية في الوطن العربي سوف يصبح توفير المقاعد التعليمية في جميع مراحلها مقلق للجميع، وكلما زاد عدد السكان في الدولة زادت صعوبة توفير مقاعد تعليمية مما يفرض ضرورة البحث عن معالجات لبناء المدارس والجامعات ويمكن الاستفادة هنا من خبرات الدول ذات الضخامة السكانية للوصول إلى معالجات لهذه المشكلة في البلاد العربية، ومن هذه الدول الصين التي بلغ عدد الطلاب فيها 215 مليون طالب في عام 1997 في جميع المراحل الدراسية موزعين على 729 ألف مدرسة، وفي الهند بلغ عددهم عام 1996 حوالي 179 مليون طالب لجميع المراحل التعليمية.

ومن هنا يمكن القول: بأن الزيادة السكانية في الوطن العربي التي تفوق معدلات نموها المعدلات العالمية هي التي تؤخر مسيرة التقدم والتنمية في البلاد العربية ما لم يتم التعامل مع هذه المشكلة كأحد جوانب التنمية الشاملة.

كاتب اقتصادي



 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد