تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف وبحضور وكيل الإمارة المساعد الأستاذ عبد الرحمن المفرج انطلق مساء الاثنين 17 شوال 1428هـ ملتقى سيسرا الثقافي الذي ينظمه النادي الأدبي بالجوف في مركز الأمير عبد الإله الحضاري بمدينة سكاكا وبحضور عدد من مسؤولي المنطقة ومثقفيها.
في بداية الملتقى رحَّب الأستاذ إبراهيم الحميد المدير الإداري للنادي بسعادة وكيل الإمارة المساعد والحضور في ملتقى سيسرا الثقافي، ثم ألقى رئيس النادي الأستاذ عبد الرحمن الدرعان كلمة شكر فيها سمو الأمير على رعايته الكريمة ورحب فيها بالحضور، وذكر الدرعان: إننا في أدبي الجوف نعلم جميعاً أن أهالي المنطقة يسألون عما أنجز النادي بعد مرور عامه الأول على مجلسه الجديد، مؤكداً أنهم يعترفون أن النادي مقصر في نشاطاته التي يطمح لها، ولكن على رغم ذلك فالنادي يعتبر قدم الكثير على رغم الصعوبات التي تعمل عائقاً في مسيرة النادي، مشيراً إلى أنه لم يكن عاماً محفوفاً بالورود بقدر ما كان محفوفاً بالمعوقات، ولكن بتوفيق الله ثم بفضل الذين ساعدوا النادي ووقفوا بجواره استطاع النادي تقديم العديد من المناشط الثقافية بالمنطقة. وذكر الدرعان أن من إنجازات النادي خلال العام إنشاء صالة منبرية سيتم تجهيزها خلال الشهور الثلاثة القادمة، كما أن النادي دشَّن موقعه على الشبكة العنكبوتية مؤخراً، كما شكل النادي لجانه الثقافية ولجاناً ثقافية في محافظة دومة الجندل ومركز طبرجل، وقريباً سيحصل النادي على أرضه بالتنسيق مع أمانة منطقة الجوف ليبدأ بمبناه الجديد، كما انتقل النادي لمبنى جديد مستأجر. وذكر الدرعان أن النادي سينظم الشهر القادم ملتقى (جهات الوطن)، وأشار إلى أن النادي يعمل مع الجهات المعنية لإحياء سوق دومة الجندل، كما تم تأسيس النوادي الطلابية.
وفي ختام كلمته شكر الدرعان صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز أمير منطقة الجوف على ما يقدمه من دعم للنادي، كما شكر كل مَن وقف وساعد النادي من الجهات الحكومية.
بعدها قدّم مدير المحاضرة الأستاذ خليفة المسعر نبذة عن الدكتور سعيد السريحي :
سعيد السريحي من مواليد مدينة جدة، استقبلته الدنيا في عام 1373هـ، وحصل على درجة البكالوريوس في عام 1396هـ، ثم على درجة الماجستير في الأدب العربي من جامعة أم القرى عام 1402هـ، وعمل مدرساً في ثانوية الفيصل بجدة عام 1396هـ، ثم معيداً بقسم اللغة العربية بكلية الشريعة، فمحاضراً بجامعة أم القرى، ثم حصل على درجة الدكتوراه في الأدب العربي حول التجديد في اللغة الشعرية عند المحدثين بالعصر العباسي. وقد تدرج بالعمل الصحفي حتى عُين نائباً لرئيس تحرير جريدة عكاظ. ولديه علاوةً على ذلك الكثير من الإسهامات الثقافية والأدبية المنتشرة هنا وهناك.
ثم بدأت الفعالية الأولى للملتقى بمحاضرة (نص القهوة) للدكتور سعيد السريحي؛ حيث بدأ السريحي محاضرته بتعريف القهوة ومفهومها الاجتماعي، كما تحدث السريحي عن تاريخ القهوة، مشيراً إلى أنها ظهرت في القرن التاسع، وكانت محرمة في بداية ظهورها، وسبب تحريمها أن القهوة اسم من أسماء الخمر في الجاهلية، وقد تغزل فيها الشعراء بمواضع عدة، وبدأ شرب القهوة في أماكن مخصصة كان يُطلق عليها بيوت القهوة أو مجالس القهوة، وكان لا يرتادها إلا الكرماء من القوم، ويصحب شرب القهوة في هذه البيوت الطرب والرقص والغناء، وهذا ما جعل القهوة تقترن بالخمور. وبعدها حلَّل فقهاء المسلمين في مصر شرب القهوة، وبدأت تتواجد في كل بيت.
ويرى السريحي أن سبب بعض العادات والتقاليد الحالية التي تمنع الطفل والمرأة من شرب القهوة هو تاريخها القديم.
قال الناقد الدكتور سعيد السريحي: إن مشايخ دول عربية عدة حرموا شرب القهوة في بداية ظهورها قبل نحو أربعة قرون، وقال: (يقتصر شرب القهوة على كبار السن فقط، ويمنع الأطفال من تناولها، وفي بعض مناطق المملكة تمنع النساء من تناولها). وأضاف: (في محاولة لإضفاء صبغة دينية على القهوة فإن الأهالي في الحجاز يقولون (صلِّ على النبي) حين تقدَّم القهوة، وتردف بعبارة (زيد النبي صلاة) لسكب فنجان آخر، أما في نجد فإنه يقال (سم) لمن تقدم له القهوة؛ أي بمعنى (سمّ الله) قبل تناول القهوة). وذكر أن طريقة تقديم القهوة في السعودية متنازع عليها ما بين الثقافة الدينية والعربية؛ إذ (ينادي الدين بتقديم اليمين، أما الثقافة العربية فإنها تركز على الوسط، من أجل ذلك يعمد البعض إلى تقديم اثنين من (المقهوين) واحد يقدم القهوة من يمين المجلس، والآخر يذهب إلى وسطه).
وفي نهاية اليوم الأول من ملتقى سيسرا دشّن وكيل الإمارة المساعد الأستاذ عبد الرحمن المفرج موقع النادي الأدبي على الشبكة العنكبوتية على الرابط
http://web.adabialjouf.com
عقب ذلك قدَّم رئيس النادي الأدبي بالجوف عبد الرحمن الدرعان درعاً تذكارياً لصاحب السمو الملكي الأمير فهد بن بدر بن عبد العزيز لرعايته الملتقى تسلمها نيابةً عنه وكيل إمارة منطقة الجوف المساعد، كما سلم الدرعان هدية مماثلة لوكيل الإمارة المساعد لحضوره هذا الملتقى ودرعاً تذكارياً للدكتور سعيد السريحي.
الرواية السعودية في ثاني أيام ملتقى سيسرا الثقافي
في اليوم الثاني من ملتقى سيسرا الثقافي الذي ينظمه النادي الأدبي الثقافي بمنطقة الجوف جاءت محاضرة (الرواية السعودية الجديدة) للدكتور عالي القرشي بحضور عدد كبير من مثقفي المنطقة بمركز الأمير عبد الإله الحضاري مساء الثلاثاء 18 شوال 1428هـ، وأدار الجلسة الأستاذ نواف الراشد صاحب منتدى صحارى الثقافي عضو المجلس الثقافي بمؤسسة عبد الرحمن السديري الخيرية ومدير بنك التسليف السعودي بمنطقة الجوف ورئيس وفد منطقة الجوف لمهرجان الجنادرية عدة سنوات.
وفي بداية المحاضرة قدّم الأستاذ الراشد نبذة عن الضيف الدكتور علي القرشي مبتدئاً بسيرته الذاتية، ومن ثم تحدث القرشي عن ظهور الرواية بالمجتمع السعودي في العام الأخير بشكل كبير بعد اندثارها سنوات طويلة، مشيراً إلى أنه ظهر خلال العام أكثر من 40 رواية جديدة كان أغلب كتّابها نساء. بعدها تحدث القرشي عن الرواية من عدة زوايا: اللغة، وتجارب النصوص، والبناء الروائي. وذكر الدكتور عالي أن الرواية كانت قريبة من المجتمع بسبب أنها خاطبت الفئات المهمة والبسيطة بالمجتمع، بخلاف الشعر الذي يخاطب وجهاء القوم فقط. وقال الدكتور عالي القرشي: إن الرواية الجديدة في السعودية اقتربت من الإنسان المهمش؛ ما جعلها قريبة من المجتمع السعودي، بعكس الشعر الذي يتجه إلى السادة وعلية القوم. ومع ذلك عبّر عن عدم اتفاقه مع المقولات العامة التي تشير إلى أن عصر الشعر ولى، (وإن كانت الرواية أقرب للمجتمع من الشعر). وأضاف رداً على سؤال لمراسل (الحياة) الزميل عبد العزيز النبط حول مكانة الشعر في ظل الاهتمام المتزايد بالرواية: إن الرواية الحديثة أفرزت اتجاهاً نحو الاعتناء بالإنسان، (وصاحبت الإنسان المهمش والمقهور)، وزاد: (الرواية الجديدة نرى صورنا وعالمنا في ثنايا فصولها، على عكس الشعر الذي يوجه عادةً إلى السادة وعلية القوم).
وأشار في محاضرة عن الرواية السعودية الجديدة مساء الثلاثاء الماضي ضمن فعاليات ملتقى (سيسرا الثقافي) الذي ينظمه نادي الجوف الأدبي في مدينة سكاكا: إن الرواية السعودية الجديدة حققت حضوراً لافتاً؛ إذ (صدر العام الماضي 40 رواية أكثرها لسعوديات، ويفوق هذا ما صدر في عقود طويلة ماضية). ولفت إلى أن التنوع في الرواية الجديدة صاحبه متابعات ودراسات عدة، وقال: (أكثر الدراسات تناولت ما احتوته الروايات من جرأة في الطرح وكلام حول المسكوت عنه، وقليل منها تكلم عن جماليات النص الروائي). وركز القرشي في محاضرته على ثلاثة محاور، هي: اللغة، وتجارب النصوص، وبناء النص الروائي. وذكر أن الرواية الجديدة شهدت تنوعاً في لغة السرد، وكشف عن توجُّه الروائيين والروائيات السعوديين إلى إيجاد مسرح للحوار بين القارئ والكاتب في الرواية؛ (رغبةً منهم في إشراك القارئ وتفاعله مع فصولها).
وفي مداخلات الجمهور، قال الدكتور محمود البادي: إن الرواية السعودية الحديثة (تناولت مشكلات وهموم المجتمع بسطحية). واعترض نائب رئيس (أدبي حائل) عبد السلام الحميد على رأي البادي وقال: (حققت الرواية السعودية الجديدة اختراقاً كبيراً في (التابوهات) المسكوت عنها، وتناولت روايات مثل (القرن المقدس) لطيف الحلاج و(الآخرون) لصبا الحرز وغيرهما قضايا اجتماعية حساسة)، وأكد أن الرواية السعودية الجديدة حققت نجاحات متقدمة تجاوزت بلداناً لها باع طويل في هذا المجال. أما الطالب في جامعة الجوف مروان الشمري فطالب دور النشر السعودية بنشر أعمال الروائيين والروائيات السعودية.
وأورد القرشي عدداً من الأمثلة للروايات الحديثة التي صدرت مقدماً نماذج لروايات ليلى الجهني ورجاء عالم وعبده خال وغيرهم.
وفي نهاية المحاضرة قدّم رئيس النادي الأدبي بالجوف الأستاذ عبد الرحمن الدرعان درعاً تذكارياً للدكتور عالي القرشي.
الصيخان يختتم الملتقى بأمسية شعرية
في آخر فعاليات ملتقى سيسرا الثقافي الذي نظمه النادي الأدبي الثقافي بمنطقة الجوف اختتمت فعاليات الملتقى بعد مغرب يوم الأربعاء 19 شوال 1428هـ الموافق 31 أكتوبر 2007م بأمسية شعرية للشاعر عبد الله الصيخان في مركز الأمير عبد الإله الحضاري وسط حضور من المثقفين ومحبي الشعر، وأدار الأمسية الأستاذ عبد العزيز بن حمود الغثيان الروضان.
وقد بدأت الأمسية بتقديم من مدير الأمسية الأستاذ الروضان قال فيه: قامة الشعر السعودي الحديث مديدة، والحديث عنها يطول، ويسمو فوق الكثير من التجارب، فكلما جاء التحديث عن الشعر وانثيالاته الجديدة برزت في الأفق تجربة الشاعر الأستاذ عبد الله الصيخان علامة مميزة في مشروعنا الشعري الحديث. وقال: إن (الصيخان) الشاعر تأسرك إليه طروحاته الواعية، وتشدك إلى أعماله الشعرية إنسانية الخطاب الذي يرى في الكائنات وجودها الوجداني الآسر. وأشار إلى أن الشاعر عبد الله الصيخان وقف على المنابر الثقافية العربية قبل أن يقف على منابر الثقافة المحلية، وقد اختلف على تجربته؛ لمحاولتها التجديد في نص القصيدة الشعرية، وحاول الكثير إلصاق تهم الحداثة المجردة على تجربته على الرغم من ريادتها وإثرائها للمشهد الشعري المحلي والعربي. ونادي الجوف الأدبي الثقافي، وهو يقدم الشاعر عبد الله الصيخان، ليدرك أن تجربة الثمانينيات الميلادية الشعرية تجربة تعبِّر عن مرحلة تميزت بوجود العديد من الأصوات الشعرية التي أثرت المشهد المحلي، ومنها شاعرنا الكبير عبد الله الصيخان الذي خرج بنصوصه إلى آفاق عبر بها حدود الوطن لتصل إلى الوطن العربي كله.
وقال الروضان: إن الشاعر الصيخان يعود إلى الأمسيات الشعرية بعد غياب طويل ليثبت أن الشعر لا يزال سيد المكان، وفي الوقت الذي تتعدد فيه أشكال القصيدة نجد أن الصيخان يثبت على صلته بالقصيدة الأصيلة، حيث يرى في إحدى الحوارات المنشورة معه أن هناك أشخاصاً غيره يكتبون قصيدة النثر، بل إنه يرى أنه لا يجب أن نثقل المتلقى بقصيدة النثر وهو الذي لم يستوعب بعد قصيدة التفعيلة.
وقد ألقى الشاعر عبد الله الصيخان عدداً من قصائده الوطنية وقصائد الرثاء والغزل.