يُشكل على كثير من الناس ولاسيما إذا كانوا في سفر على طريق طويل للحج أو غيره، أو في رحلةٍ برية بعيدةٍ عن المدينة معرفة القبلة، ويقع اختلاف بينهم في تحديد جهة القبلة ولاسيما إذا لم يكن لديهم من الوسائل المعينة على معرفة القبلة كالبوصلة، أو النجوم، أو تتبع ظل الشمس ونحوها، وعليهم أن يجتهدوا ويتحروا القبلة إما بسؤالهم لرجل ثقة نازل في ذلك المكان، أو بحثهم عن مساجد على الطرقات، أو في المحطات، فإن لم يتيسر ذلك فعليهم أن يجتهدوا ويتحروا الصواب في معرفة جهة القبلة، ويصلوا إليها.
فإن تبين لهم أن أخطأوا جهة القبلة فيتجهوا للجهة الصواب ويصلوا إليها، ولا يقضوا ما سبق لهم أن صلوه، لأنهم صلوا باجتهاد، قال سماحة والدنا الشيخ عبدالعزيز بن باز في فتاواه (10-421) -رحمه الله-: إذا اجتهد المؤمن في تحري القبلة حال كونه في الصحراء، أو في البلاد التي تشتبه فيها القبلة ثم صلى باجتهاده، وبعد ذلك ظهر أنه صلى إلى غير القبلة، فإنه يعمل باجتهاده الأخير إذا ظهر له أنه أصح من اجتهاده الأول. وصلاته الأولى صحيحةٌ، لأنه أداها عن اجتهاد وتحر للحق. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه رضي الله عنهم حين تحولت القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة المشرفة ما يدل على ذلك. وقال أيضاً:
إذا كان المسلم في السفر، أو في بلاد لا يتيسر فيها من يرشده إلى القبلة فصلاته صحيحة، إذا اجتهد في تحري القبلة، ثم بان أنه صلى إلى غيرها.
أما إذا كان في بلاد المسلمين فصلاته غير صحيحة، لأن في إمكانه أن يسأل من يرشده إلى القبلة. كما أن في إمكانه معرفة القبلة عن طريق المساجد. انتهى كلامه رحمه الله. قلت: وكذا من كان منوما في المستشفى أو نازلا في الفندق فإنه توجد في كل غرفةٍ علامة تشير إلى جهة القبلة فعلى الجميع مراعاة ذلك ليؤدوا الصلاة بكامل شروطها.
وهنا وقفة مع بعض المستجدات العلمية حول قبلة المسلمين
ولقد ذكر د. زغلول النجار -وهو أستاذ متخصص في الإعجاز العلمي في القرآن والسنة- أن مكة المكرمة تقع في قلب العالم بمعنى أنها في قلب اليابسة أي قلب الأرض واستند في ذلك إلى أبحاث علمية كثيرة من خلال خطوط الطول والعرض فخط طول مكة الخط الرأسي، وخط عرض مكة الخط الأفقي، ومكة تتوسط اليابسة من الكرة الأرضية.
وقال: لو رسمنا دائرة مركزها مكة المكرمة فإن الدائرة تحيط باليابسة إحاطة كاملة لا يخرج عنها شيء.
وخط طول مكة يقسم العالم إلى نصفين متماثلين تماما، وإنه خط الطول الوحيد الذي يتجه مستقيما. أما باقي خطوط الطول فلديها انحراف مغناطيسي. فخط طول مكة هو الخط الأساس في خرائط العالم، لا خط جرينتش الذي فرضته بريطانيا حينما كانت مستعمرة بعض دول العالم. وهذا يؤكد الحقيقة العلمية في قوله تعالى (وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) فليس المقصود بها قرى مكة والحجاز فقط بل ما حول مكة المكرمة هو كل الأرض، أي كل بلاد العالم فإنه كما يقولون (العالم قرية صغيرة) وقد بُعث النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين. وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا)
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( أُعطيت خمسا لم يُعطهن نبي قبلي.. وكان النبي يرسل إلى قومه خاصة، وبُعثت إلى الناس كافة).
وهذا ما يؤكد عالمية رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لجميع الناس في العالم. وأيضاً وصلت للأسواق أجهزة هواتف محمولة تحوي بوصلة ومحددات قادرة على تحديد القبلة من أي مكان في العالم. ويستفاد منها في سماع القرآن الكريم وتحديد مواقيت الصلاة. فالحمد لله الذي سخر للمسلمين الاستفادة من التقنيات الحديثة في مجالات العبادة.
وثبت علميا أن الإنسان يتعرض لجرعات زائدة من الإشعاع، ويعيش معظم الأوقات وسط مجالات كهرومغناطيسية، الأمر الذي يؤثر على الخلايا، ويزيد من طاقته.
وقد تبين من خلال الدراسات أنه لكي يتم إفراغ الشحنات الزائدة لا بد من الاتجاه نحو الكعبة في السجود على الأعضاء السبعة لما في ذلك من سهولة في عملية التفريغ للشحنات في الجسم والاتجاه نحو الكعبة عندما يُصلي يثمر ذلك.
لأننا نتجه إلى مكة وهي مركز اليابسة في العالم.
وأوضحت الدراسات أن الاتجاه إلى مكة هو أفضل الأوضاع بتفريغ الشحنات، بفعل الاتجاه إلى مركز الأرض.
فيشعر المسلم بالراحة النفسية في صلاته مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم: (وجُعلت قرة عيني في الصلاة).فالصلاة عبادة تحقق دوام ذكر الله، ودوام الاتصال به سبحانه، تمثل تمام الطاعة لله تعالى، وتربي النفس وتهذب الروح وتنير القلب، فيها يقف المسلم بين يدي الله في خشوع، وخضوع مستشعرا بقلبه عظمة الله تعالى.
وعندما يتجه المصلون في أنحاء الدنيا إلى القبلة يشعرون بالوحدة والتآخي، فقبلتهم واحدة، يتجهون شطر المسجد الحرام كل يوم وليلة خمس مرات فهي مظهر من مظاهر وحدة المسلمين.
ومن المخترعات الحديثة هواتف محمولة تحوي بوصلة ومحددات قادرة على تحديد اتجاه القبلة من أي مكان في العالم.
وقال مدير الشركة المنتجة لهذا الجهاز: إن هذا الهاتف يعد الأول من نوعه في العالم حيث يتميز بخاصية الموجه الذي يشير إلى جهة مكة المكرمة وسيتيح للمسلمين في جميع أنحاء العالم معرفة اتجاه القبلة بسهولة.
ص.ب 202 الرياض 11322