لو تكلمنا قليلاً بإنصاف لقلنا إن المنطقة الشمالية - وأعني بها من محافظة القريات إلى منطقة حفرالباطن مروراً بمنطقة الحدود الشمالية- منطقة عاشت في السابق حياة بادية نتيجة العوامل الجغرافية للمنطقة التي أعطت غطاءً نباتياً ورعوياً كبيراً كان هو الأساس الذي كان يبحث عنه مربو الماشية وأصحاب الإبل في الماضي. وفي هذه المنطقة ترعرع ونشأ وولد شعراء كثيرون ولكنهم ظلوا ولفترة طويلة على الرغم من ظهور الوسائل الإعلامية المتعددة من صحافة وفضائيات ومنتديات إنترنت أو من خلال الأمسيات التي تجمع الشاعر بجمهوره بعيدين كل البعد عن التواجد الإعلامي رغم أنها من المناطق التي تزخر بكم هائل من الشعراء والشاعرات المعروفين والتي انحصرت بسبب ذلك معرفتهم بين أبناء محافظاتهم وأقاربهم لأنهم في نظري كانوا مقصرين جداً في توجيه مواهبهم نحو الظهور الإعلامي وذلك لعدم اقتناعهم بما قد تضيفه لهم هذه الصحافة الشعبية أو لعدم وجود منتديات وأندية ثقافية يمكن أن تحتضنهم وتبرز مواهبهم الشعرية، ولذا أصبحت أشعارهم مجرد كلمات يتداولها الزملاء والأقارب فيما بينم برسائل الجوال وعبر الأوراق المسطرة أو كتلك التي يرددها بعض الحفاظ، وإن برز في وقت من الأوقات عدد بسيط من الشعراء الشماليين عبر الإعلام إلا أن توهجهم خفت فجأة وقلّ فيها عطاؤهم إلى درجة أن المتلقي افتقدهم كثيراً وصار يتساءل عن أسباب هذا الغياب غير المبرر، كما أن الحال ينطبق أيضاً على الشاعرات فلسن هنّ أوفر حظاً منهم وإن كنا نجد العذر لهن في ذلك بحكم التقيد بالعادات والتقاليد الاجتماعية والقبلية التي تمنع وتحجم ظهور أي شاعرة حتى لو أرادت الظهور من خلف أسماء مستعارة. أعود لا أقول إن المنطقة الشمالية عامة منطقة غنية جداً بموروث شعبي هائل وفيها كم كبير من الشعراء ولكننا لا ندري من المقصر في هؤلاء هل هو الإعلام أم الشاعر نفسه!
محمد بن راكد العنزي