Al Jazirah NewsPaper Wednesday  12/12/2007 G Issue 12858
رأي الجزيرة
الاربعاء 03 ذو الحجة 1428   العدد  12858
استثمار للمستقبل

يلفت النظر بوجه خاص في الموازنة الجديدة، إلى جانب كونها الأضخم من نوعها في تاريخ المملكة، المخصّصات الكبيرة لقطاعات التعليم والتدريب والأبحاث والتقنية، بما يقدَّر بحوالي 25 في المائة من حجم الموازنة، في مؤشّر واضح على إيلاء المستقبل ما يلزم من اهتمام، من خلال الاستثمار في العناصر الأساسية التي تبني هذا المستقبل، مع المحافظة على التنمية المستدامة في مختلف المجالات.

فهناك 8 مليارات ريال تم تخصيصها للخطة الوطنية للعلوم والتقنية، والتي تمثِّل قطباً مهماً في السعي المتواصل للأخذ بناصية التقنيات المتطوّرة وإخضاعها للاحتياجات، ويؤمل أن تؤدي هذه الخطة، إلى إحداث نقلة في دعم البحث العلمي والتطوير التقني.

ويعكس كلّ ذلك حرصاً شديداً على الانتقال بالمملكة إلى ساحة المنافسة الدولية في مختلف المجالات، خصوصاً في مجال التقنيات التي من شأنها إحداث التغيير اللازم، فيما يتصل بتحقيق طموحات المجتمع التقني العريض، القادر على التعامل مع معطيات العصر ، وفي ذات الوقت الاهتمام أكثر بمسألة الأبحاث العلمية، التي يمكن أن تنقل المملكة إلى قائمة الدول التي تسهم في التطوُّر الحضاري الإنساني، من خلال إضافة بصمتها الخاصة في مجمل المنتجات والاختراعات التي يحفل بها عالم اليوم، وبالطريقة التي تمكِّنها من استثمار ثرواتها وموادها الخام، بما يحقق الفائدة القصوى في جميع مراحل الإنتاج، وهذا لن يتأتّي إلاّ بتوطين وترسيخ التقنيات والإضافة إليها بالجهد الذاتي الوطني.

ويفيد واقع الحال في المملكة، التوجُّه المتواصل نحو إحداث هذه النقلات المأمولة، ولعلّ بضعة أمثلة تؤكد ذلك، فالمدن الصناعية والاقتصادية الجديدة، التي لا يزال معظمها في طور الإنشاء، تجسِّد هذا التوجُّه نحو إيجاد بيئات بحثية متطوّرة، كان ذلك في مدينة الملك عبد الله الاقتصادية برابغ، وفي مدينة الأمير عبد العزيز بن مساعد في حائل، ومدينة المعرفة بالمدينة المنورة، إلى جانب منشآت مماثلة في جازان. وفي الجانب الأكاديمي يدعم هذا التوجُّه بصورة واضحة، الآمال الطموحة المعقودة على جامعة الملك عبد الله للعلوم التقنية، وتتجاوز الاستثمارات في كلِّ هذه المشروعات 260 مليار ريال.

فالتنمية المستدامة التي أشار إليها خادم الحرمين الشريفين وهو يقدم هذه الموازنة، مؤكداً ضرورة استمرارها، تستوجب توافر مثل هذه التقنيات والاهتمام بالبحث العلمي والتدريب، وهذه من بين المستحقات في أي نقلة بالحجم الكبير المتصوّر.

فالتعاون الخلاّق مع الآخرين، الذين قطعوا شوطاً طويلاً في مجال البناء والنّماء، يتطلَّب أن نكون في المستوى الأقرب إليهم، لاستيعاب ما لديهم والانطلاق معهم في تعاون يرتقي إلى مستوى الندية، حتى يمكن قطف الثمار والأرباح على قاعدة الجهد والعطاء المتماثلين، والاّ فإنّ القعود عن إدراك هذه الأهداف، يزيد من الفجوة العلمية والتقنية، ويخل بمعادلة التعاون على الأسس المتساوية أو حتى المتقاربة.

*****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244








 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد