Al Jazirah NewsPaper Tuesday  25/12/2007 G Issue 12871
رأي الجزيرة
الثلاثاء 16 ذو الحجة 1428   العدد  12871
تنمية الإبداع في العالم العربي

عندما نتطرق إلى ظاهرة اضمحلال الإبداع في الفضاء العربي, فإن الحديث عن هذه الإشكالية له شجون وتداخلات لا بد من التطرق لها بشيء من التفصيل الذي يتناول أولاً مفهوم الإبداع ذاته، الذي يمكن فهمه على أنه تجاوز لمرحلة التقليد إلى مساحات الجديد غير المنتظر من إنتاج العقل البشري التي تهيئ الظروف والمعطيات إطلاقه بعد تأصيله وتطعيمه بالدعم المادي والاجتماعي الذي هو بلا شك من أهم ضروريات إطلاق ماكينة الإبداع الوطني وتقوية مكوناتها وأذرعها الإنتاجية.

في العالم العربي يعيش المبدعون أزمة المحيط الحاضن ونعني به غياب المؤسسات المدنية والحكومية التي تُعنَى بظاهرة الإبداع وتأخذ على نفسها عبء الصرف عليها ورعايتها فلا يكون أمام الظاهرة الإبداعية سوى البحث عن مخارج ومنافذ أخرى تتيح لها متطلبات وعوامل الإنتاج ولعل ذلك كان من أهم أسباب ما يُعرف ب( هجرة العقول العربية) التي وقع أصحابها بين مطرقة غياب التمويل والتبني من قبل المؤسسات الوطنية وبين سندان الإغراءت المتوفرة في الخارج وخصوصاً بالمجال العلمي في البلدان الأخرى والغربية منها بالذات.

كما أن رأس المال العربي لا يُستثَى من الإدانة في هذا الصدد حيث يلاحظ الغياب التام من قبل المستثمرين العرب في مجال العلم والأبحاث العلمية والإبداعية, التي لو أُعطيت الاهتمام المطلوب ووجدت ركيزتها الأساسية من التمويل لكان لها دور مهم في تدوير رأس المال بشكل علمي واستثماري يعود على التنمية الإبداعية وعلى رأس المال نفسه بالربح الوفير. إن أكثر ما يحتاج إليه العالم العربي، وهو يمر وبشكل متأخر في مرحلة ما بعد العولمة، هو الاهتمام بالتنمية الإنسانية التي تمر بما يمكن تسميته بأزمة (التأخر المرحلي) بسب عدم استثمار الإنسان نفسه حيث جاوزت الحداثة الإنسانية والعصرنة المدنية دول العالم العربي بمراحل عدة وبات على المهتمين بشئون المجتمعات العربية إلقاء الضوء على عدة مفقودات لا تتوافر في واقع المجتمع العربي ومن ضمنها غياب ميزانيات التنمية الإنسانية التي بلا شك يتصدرها قضية وإشكالية المبدعين العرب الذين لم تعطهم مجتمعاتهم ولا مؤسساتهم الرسمية ما يستحقونه من توفير الدعم المادي والمؤسسي من أجل الاستفادة منهم في التطوير والبناء الإنساني فأصبح غيابهم أو تغييبهم عاملاً آخر يُضاف إلى عوامل تأخير التحديث في المجتمعات العربية.

***

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد