المتابع للسياسة الإسرائيلية بكل ترهاتها وتطرفها يكتشف من حين لآخر أنها قد بلغت حجماً كبيراً من التضخم في الأنا، والتي تترجمها تصرفات آلة الحرب الإسرائيلية على ارض الواقع، من تنكيل بالفلسطينيين العزل واضطهادهم واعتماد مشاريع التصفية الديمغرافية من خلال الاستيطان والتهام أراضي الغير بغير وجه حق مستندة على ترهات متطرفة ومزاعم توراتية جوفاء تؤكد أن الأرض الفلسطينية حكراً على بني إسرائيل وأنها قد جاءت لهم هبة من السماء بغض النظر عن الحق التاريخي والوطني للشعوب والأمم التي عمرت هذه الأرض، وسادت عليها على مر السنين، وهو الأمر الذي تمارسه إسرائيل بمستوطنيها ومتطرفيها الدينيين والعلمانيين على حد سواء مستندة بذلك على دعم أمريكي مطلق جعل من فتح الأذان الأمريكية للادعاءات الإسرائيلية مسوغاً مهماً وقوياً لأطماع العلمانيين الإسرائيليين قبل المتدينين المتطرفين الذين يضربون بشكل يومي أبشع صور الإرهاب الديني والجماعي بحق الفلسطينيين ومقدساتهم وارثهم التاريخي بأرض فلسطين المباركة.
آخر هذه الادعاءات والترهات الرسمية ما صدر هذه الأيام من اتهامات لجمهورية مصر العربية من بعض القادة الإسرائيليين والصحف الإسرائيلية والتي تتهم مصر بالتساهل في ضبط الحدود مع قطاع غزة, وتسهيل تهريب الأسلحة إلى القطاع, في طرح سياسي وإعلامي ينضح بالاستغلال والتجني الواضح, الذي يصل إلى حد الغباء، فالقاصي والداني يعرف التباين الايدويولوجي الكبير بين السياسة المصرية والقناعات والمسلمات التي تتبناها حركة المقاومة الإسلامية حماس، التي هي على ارتباط واضح وكبير مع حركة الإخوان المسلمين بمصر، الحركة التي ليست على ود دائم مع الحكومة المصرية.
في اليوم ذاته التي صدرت به هذه التصريحات ضد مصر صدر أيضا تصريح صحفي آخر من مصادر الصحافة الإسرائيلية يؤكد أن المصريين قد اشتروا نظاماً متطوراً أمريكياً لكشف الأنفاق على الحدود وان قيمة هذا النظام قد اقتطعت من المعونة والمساعدة السنوية الأمريكية ما يطرح تناقضاً واضحاً في كلام الإسرائيليين بين الاتهام برفع يد الرقابة عن تهريب الأسلحة وتأكيد بذل الجهد المصري للسيطرة على أنفاق تهريب السلاح، كل ذلك يوضح للمتابع تخبط السياسة الإسرائيلية واستغلاليتها وممارستها لضغوط رخيصة وصلت حد القول إن السلطات الإسرائيلية لديها أشرطة فيديو تثبت تهاون المصريين في منع تهريب السلاح إلى غزة، وان ساسة تل أبيب لا يرغبون في عرضها على الكونغرس الأمريكي في الوقت الحالي.
لقد أصبحت المعنويات العالية للساسة الإسرائيليين والمتشدقين من حين لآخر بالدعم الأمريكي اللامحدود من اكبر معوقات السلام وجهود الساعين إليه وحان الوقت لكل الحريصين على مسيرة السلام في الشرق الأوسط وفي مقدمتهم الولايات المتحدة الأمريكية, أن يبذلوا ما هو مترتب عليهم من واقع المسئولية الدولية والإنسانية من اجل تخفيف تضخم الأنا والغرور والمراوغة الإسرائيلية التي وصلت حد إزالة بعض المستوطنات المقامة مسبقاً قبيل الزيارة المرتقبة للرئيس بوش في تصرف لا يخلو من الدهاء والمراوغة والتهرب من التزامات السلام من خلال إطلاق الاتهامات وممارسة التضليل والضحك على الذقون الدولية!!
