Al Jazirah NewsPaper Wednesday  26/12/2007 G Issue 12872
الرأي
الاربعاء 17 ذو الحجة 1428   العدد  12872

دمشق تحتضن العظماء
وسيلة محمود الحلبي

 

ألست دمشق للإسلام ظئراً

ومرضعة الأبوة لا تُعق

صلاح الدين تاجك لم يُجمَّل

ولم يوسم بأزين منه فرقُ

بنيتَ الدولة الكبرى وملكاً

غبارُ حضارتيه لا يُشقّ

جزاكم ذو الجلال بني دمشقٍ

وعزّ الشرق أولّه دمشق

هكذا تغزل الشاعر وأمير الشعراء أحمد شوقي بدمشق في قصيدته دمشق قلعة العروبة.. في عصور مضت تألق فيها نجم دمشق وغدت مركز اشعاع لسائر العالم العربي والإسلامي بما نالته من نهضة وحياة حرة كريمة على يد رجالاتها.. ودمشق تحتضن العظماء من الأعلام والصحابة والقادة والعلماء ومنهم: معاوية بن أبي سفيان مؤسس الدولة العربية في الشام الذي تولى الخلافة بالشام بعد معركة صفين عام (28 للهجرة) وتوفي في الشام عام 61هـ ويوجد ضريحه في الباب الصغير ضمن غرفة صغيرة من الطين، وكذلك الخليفة الأموي عمر بن عبدالعزيز الذي دفن في دير سمعان قرب حلب، وهشام بن عبدالملك في الرصافة، وسليمان في مرج دابق. وكذلك السلطان نور الدين (محمود بن عماد الدين زنكي بن آق سنقر). ولد في حلب ثم خلف أباه وضم دمشق وسائر بلاد الشام إلى مملكته عام 549هـ وتوفي في قلعة دمشق ودفن في مقبرة كانت في ركن من أركان المدرسة النورية التي بناها في سوق الخياطين.

كذلك تحتضن دمشق الشام (يوسف بن أيوب) الملقب بالسلطان الملك الناصر الذي كان وزيراً للخليفة الفاطمي العاضد، ثم انفرد بحكم مصر وقضى على الخلافة الفاطمية عام 566هـ ثم ضم الشام الى حكمه بعد وفاة نور الدين وبذلك وحد مصر والشام وأقام دولة تمتد الى ما وراء الجزيرة شمالاً والى البحر الهندي جنوباً وتونس غربا والعراق شرقا. وتوفي في قلعة دمشق عام 589هـ (1193م) ودفن فيها ثلاث سنوات، ثم الملك العادل الأيوبي سيف الدين محمد ابوبكر بن أيوب اشترك مع أخيه صلاح الدين الايوبي في محاربة الافرنج وإدارة البلاد. وتولى السلطنة على دولة العربي في مصر والشام واليمن عام 1199م توفي في قلعة دمشق ودفن فيها، ثم نقل الى المدرسة العادلية مقر المجمع العلمي اليوم. ودفن معه حفيده المغيث بن عمر سنة 642هـ وكان نائباً لأبيه الصالح ايوب على دمشق حين استولى عليها عمه الصالح اسماعيل فأسر في القلعة ومات فيها.

الملوك والأمراء

كذلك احتضنت دمشق أضرحة عدد من الملوك الأيوبيين الآخرين ومنهم المنصور حسن وقبره في التربة النجمية الكائنة في سوق ساروجة غرب المدرسة الشامية، ثم المعظم عيسى بن العادل الذي توفي في قلعة دمشق ودفن بها ثم نقل إلى مدرسة له تعرف بالمعظمية في الصالحية، كذلك الكامل محمد بن الملك العادل الذي توفي في دمشق ودفن في القلعة ثم نقل الى تربة أعدت له خلف جدار الجامع الأموي الشمالي شرقي خانقاه السمبساطية. كذلك الأشرف موسى بن الملك العادل الذي توفي في القلعة ودفن بتربة الأشرفية شمال الجامع الأموي بين المدرسة الجقمقية والمدرسة العزيزية.. كذلك احتضنت دمشق ضريح السلطان بيبرس المملوكي وهو الملك الظاهر ركن الدين بيبرس البندقداري أشهر سلاطين دولة المماليك وأول من وطد حكمهم في الشام بعد زوال دولة بني أيوب بدخول جيش هولاكو دمشق وكان له فضل في النصر على التتار في معركة عين جالوت التي أدت الى طردهم من الشام وتوحيدها مع مصر من جديد. خلد اسمه على أكثر من حصن وقلعة ومدينة وقام بأعمال عمرانية كبيرة وتوفي في القصر الأبلق الذي كان يقطنه في دمشق حيث تقع التكية السليمانية اليوم ودفن في المدرسة الظاهرية.

وتضم دمشق الشام السلطان العادل زين الدين كتبغا المدفون بسفح قاسيون في الحديقة التي تضم ضريح الشهيد عدنان المالكي.

ومن المعروف أن كثيراً من القواد والقادة ماتوا في دمشق ودفنوا في ثراها منذ بداية العهد العربي الى اليوم وكان لأكثرهم بطولات وأعمال جليلة يستحقون معها ان تحفظ الأجيال ذكراهم فيما يلي أورد بعضا منهم: شاهنشاه بن أيوب - وتوران شاه بن أيوب - وفروخ شاه بن شاهنشاه بن أيوب - والملك الأمجد بهرام شاه بن خروخ شاه- والأمير ناصر الدين محمد بن شيركوه - والأمير عز الدين أيبك- والأمير حسام الدين محمد بن عمر - والأمير فخر الدين سركس أو جهاركس، والأمير فخر الدين إبراهيم - والأمير غورلو - والأمير تنكز - وسيف الدين جقمق - ودرويش باشا - ومراد باشا.

الصحابة

هذا وقد احتضنت دمشق في ترابها عدداً من الصحابة أشهرهم: (أبو الدرداء) عويمر بن عامر الخزرجي الانصاري وهو من أفضل الصحابة ولاه عمر بن الخطاب القضاء على دمشق في عهد ولاية معاوية فكان أول قاضٍ فيها، توفي في خلافة عثمان سنة 32 للهجرة ودفن في مقبرة الباب الصغير بجانب قبر أم الدرداء. وله مقام في قلعة دمشق الذي ذكره المؤرخ ابن طولون في الشمعة المضيئة في القرن العاشر الهجري. - (صهيب الرومي) و(أبي بن كعب) وقبره عند باب شرقي خارج السور وقد بني عليه جامع عام 1030هـ. (ضرار بن الأزور) قتل أثناء فتح دمشق ودفن خارج باب توما (الصحابة السبعة في جامع الأقصاب) ويوجد في هذا الجامع غرفة كتب عليها بخط حديث هذا مدفن سبعة من أصحاب رسول الله حجر بن عدي الكندي ورفاقه، والثابت أن حجراً وأصحابه قتلوا بأمر معاوية وهم قادمون من الكوفة عند قرية (عدرا) سنة 51هـ. وان قبورهم في (عدرا). (صحابة جامع الشهداء) في الصالحية مسجد صغير يعرف بالشهداء فيه قبور ثلاثة من الصحابة هم حرملة بن وائل، وجابر بن مسعود ومساعد. (ابوذر الغفاري) وقبره في القراونة بالشاغور.

آل البيت

هذا وان أكثر قبور آل بيت الرسول صلى الله عليه وسلم رغم شهرتها وفخامتها لا تمت إليهم بصلة وهي قديمة في دمشق يذكر الرحالة ويؤمها الزوار من كل مكان وأصحاب هذه القبور: سكينة بنت الحسين - فاطمة بنت الحسين - زينب الصغرى بنت علي - مشهد الحسين - الست رقية - أم حبيبة.

العلماء

وتحتضن دمشق الشام عدداً كبيراً من العلماء الذين اشتهروا خلال العصور كقضاة أو محدثين، أو مؤرخين أو أطباء أو صوفية.. الخ.. وهم فوق الحصر والتعداد وأخبارهم تملأ كتب التراجم إلا ان قبورهم ضائعة ومن أشهرهم:

(ابن تيمة) (وابن عساكر) (وابن كثير) و(محي الدين بن عربي).

لحظة صدق:

قال الإمام الشافعي رضي الله عنه

وأفضل الناس ما بين الورى رجل

تقضى على يده للناس حاجاتُ

لا تمنعن يد المعروف عن أحدٍ

ما دمت مقتدراً، فالسعد تاراتُ

وأشكر فضائل صنع الله إذ جُعلت

إليك لا لك عند الناس حاجاتُ

قد مات قوم وما ماتت مكارمهم

وعاش قوم وهم في الناس أمواتُ

فهم قد توفوا ومآثرهم وأعمالهم ومآزرهم وكتبهم وسيرهم باقية في تاريخنا العربي زاهية ومضيئة للأجيال القادمة.

لحظة عطاء

يقول الشاعر مصطفى عكرمة.. وأردد معه بكل جوارحي..

دمشق وما أحلى دمشق بمسمعي

هي البوح والآهات والحب ثاويا

لكِ الوردُ والنسرينُ والفلُ ضاحكاً

وأنت السَّواقي كالجُمان جواريا

وأنتِ عصافير الربيع غواديا

يوشوشن آذان الزهور غوافيا

ويا بسمة الأيام، يا رفة الندى

وقفتُ عليك القلب مني وماليّا

للتواصل تليفاكس 2317743

ص.ب 40799 الرياض 11511


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد