Al Jazirah NewsPaper Wednesday  16/01/2008 G Issue 12893
مقـالات
الاربعاء 08 محرم 1429   العدد  12893
يارا
عبد الله بن بخيت

من أصعب الواجبات وأتعسها أن يعمل المرء على إقناع الآخرين بالبديهيات. البديهيات هي العناصر الأولية التي يحتاجها المرء للبدء بالتفكير والتخيل، وليست النتائج التي ينتهي إليها التفكير، هي الأشياء المقبولة عند كل إنسان يتمتع بالحس السليم خلال العشرين سنة الماضية استطاع فكر الصحوة أن يضع المثقف السعودي أمام مأزق منهجي خطير حينما نسف الحس السليم ودمره بين الشباب.. قد يفهم المرء أن ما يجري في المملكة من حوار ثقافي هو استقطاب بين تيارين: ليبرالي ومحافظ بينما واقع الحال يقول إن ما يجري هو محاولات إعادة بناء العقل والحس السليم تقابلها ممانعة شرسة. يقود هذه الممانعة طائفتان الأولى تعي ما تفعل وتحافظ على مصالحها والأخرى ضحية هذا التدمير وتعمل وفقاً لآلياته. إذا دققنا سنرى أننا صرفنا معظم الحرية التي تمتع بها الكاتب السعودي في عهد الملك عبدالله في إثبات أن الطعام والهواء والحرية أشياء ضرورية لحياة الإنسان وحتى الآن مع الأسف ونحن في الخطوة الصفر لإثبات أن الحياة هي أهم شيء في هذا الوجود وأن المرأة هي إنسان مثلها مثل الرجل. لا أريد أن أسرد الكمية الكبيرة من البديهيات التي يتوجب على المثقف السعودي العمل على إقناع البعض بها. ولا يعلم إلا الله كمية الوقت التي تحتاجها الحركة الثقافية في المملكة لإنجاز هذه المهمة التعيسة.

من الطبيعي إذا ألا يفهم الدكتور محمد النجيمي فحوى مقالي بخصوص الطلبة الذين طلبوا منه أن يقدم لهم فتوى تقرر مصيرهم، هؤلاء الطلبة مثلهم مثل الشباب الذين ذهبوا للعراق لتفجير أنفسهم. كلاهما فاقد للحس السليم إلى درجة أن رهن حياته في يد مفت. هؤلاء ضحايا التخريب المنهجي الذي اعتمده فكر الصحوة. عندما قدم النجيمي فتواه المتساهلة وسمح لهم بالاحتماء بالكنائس. كان يعتقد أنه مفت متسامح. لم يدرك الدكتور أنه بفتواه تلك هو في الواقع يكرس الاستلاب ويبرهن بفتواه تلك على أنه هو نفسه ضحية لفكر الصحوة الاستلابي. العقل السليم في الأساس لا يمكن أن يقدم فتوى مثل هذه. العقل السليم يرفض السؤال ذاته لأنه يرفض أن يوجد إنسان يستفتي الآخرين على حياته. مجرد أن يطلب مني إنسان فتوى تقرر مصيره سينهض في داخلي على الفور السؤال: ما الذي دفع هذا الشخص إلى هذا المستوى من التردي والارتهان؟ من كسر شوكة هؤلاء الشباب وجعلهم مستلبين فاقدي الإرادة يتصلون بالنجيمي أو غير النجيمي ليقول لهم ما يجب أن يفعلوه عندما تداهمهم موجة ثلجية قد تودي بحياتهم. هذا هو سر اختلافي مع الدكتور محمد، فالدكتور محمد يبدو أنه غير مدرك للبديهيات التي تنطوي عليها أطروحات الليبراليين. وظيفة الليبرالية هي أن تعيد لهؤلاء الشباب إرادتهم الحرة التي سلبت منهم وفي نفس الوقت تريد أن تسلب الصحويين وغيرهم حق السيطرة عليهم.

فاكس: 4702164


yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد