Al Jazirah NewsPaper Wednesday  23/01/2008 G Issue 12900
الاربعاء 15 محرم 1429   العدد  12900
ضوءٌ خَفَتْ
خالد عبدالعزيز الحمادا

المشهد مبكي والموقف محزن.. لغتي أربكها الحزن وكلماتي تعتذر وحرفي قد لا يستجيب.. وأنا حقيقة حيرني الموقف وفجعني الخبر فلا أدري كيف أعبر ولا أدري من أين ابتدئ.. لكن لعلي استجمع قواي وأشد نفسي وأحدث عن هذا العَلَم الذي فقدناه وعن هذا الشيخ الجليل والعالم الكبير الذي ودعناه وواريناه الثرى مساء الجمعة 25-12-1428هـ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

رحل عن دنيانا وودعنا الشيخ صالح بن عبدالرحمن الأطرم إثر مرض ومعاناة ألزمته الفراش سنوات طويلة.. رحل الشيخ إلى رحمة الله وإلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين.. فنسأل الله العلي القدير أن يسكنه الفردوس الأعلى فربنا رحيم (ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما).

هؤلاء العلماء هم ورثة الأنبياء والأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهما وإنما ورَّثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر، كما جاء في الحديث.. وهم حياة الأمم ونبض المجتمعات وقادتها إلى الخير والفلاح والصلاح.. وجودهم بيننا رحمة وسكينة، فالملائكة تحف حلقهم وتستمع لمجالس ذكرهم حتى الحيتان في الماء والنملة في جحرها تستغفر لهم, يا لها من درجة ويالها من عزّ وشرف ورفعة وما ألذها وأطيبها من فضل ونعمة.

فبالعلماء الربانيون نحيا وبهم نستضيء وبعلمهم وكتبهم ودروسهم تنقشع عنَّا سحائب الجهل, فهم بيننا قناديل تومض بالفضل والخير ومقابس هدى وفيض عطاء ونبع صافي رقراق يتدفق بالعلم والأدب وأنبل الخلق وأحسن الصفات.

وشيخنا الجليل أحد هؤلاء العلماء الأجلاء - نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحد - فقد قضى حياته في طلب العلم وثنى ركبه في مجالس الذكر قرأ وحفظ ودرس وتعلَّم على مجموعة من العلماء الأجلاء فمن مشايخه محمد بن إبراهيم وفضيلة الشيخ ابن باز ثم بعد ذلك أصبح أستاذا وشيخاً لكوكبة من العلماء الأفاضل الأجلاء الذين تعقد دروسهم ونستمع لخيرهم وفضلهم الآن, فهو بحق شيخ المشايخ وأستاذ العلماء, وقد درّس سنوات في المعهد العالي للقضاء.

ودَّعنا الشيخ بعد أن عمل ونفع وجاهد وصابر.. رحل عنَّا بعد أن حرث الأرض ودس البذار وسقاها بالعلم والصدق والخير فتفلقت نيته سامقة وشجرة مورقة مثمرة نقطف يانعها ونستطعم خراجها وتؤتي أكلها كل حين.

فرحمك الله أيها العالم.. ورحمك الله أيها العابد ورحمك الله أيها الصابر ونسأل الله الكريم الرحيم أن يسكنك فسيح جناته, وأن يتغمدك بواسع رحمته وأن يمنَّ على أبنائك وأهلك وذويك بالصبر والسلوان فحسبنا الله ونعم الوكيل ولا نقول إلا ما يرضي ربنا

{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}



Alhamada1427@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد