ابن آدم بطبيعته لا يقدر قيمة الشيء إلا عندما يفقده أو يحرم منه فعندما يحس بالألم فإنه يتذكر نعمة الصحة التي أنعم الله بها على بني الإنسان. وعندما يخلو جيبه من المادة يدرك القيمة الكبيرة لها. وعندما يشعر بالوحدة والقلق يبحث عن أصدقاء كثر لتبديد وحدته. وهذه هي طبيعة بني البشر الإنسان ذلك المخلوق الضعيف لا يفكر ولا يهتم ولا يبحث إلا عما يفقده أو يحرم منه في لحظة ضعف إنساني من لحظات حياته.

قد استيقظ يوماً من الأيام وأنا أحس بزكام شديد يمنعني من مغادرة الفراش. فتحضى الدقائق والساعات وأنا أتململ في فراشي وأحاول إزاحة الغطاء عن جسمي لكي أقوم وألبس ملابسي وأذهب للمدرسة لإلقاء دروسي على طلابي. ولكن محاولاتي تذهب أدراج الرياح. ولقد قيل إن الصحة تاج على رؤوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى. ولقد عشت هذه التجربة. وأحسست بها ولمست هذا التاج وأنا مصاب بهذا الزكام الشديد وعندما غادرت فراشي واستأنفت حياتي بحثت كثيراً فلم أجد هذا التاج فوق رأسي. حقاً إنها أنانيتنا نحن البشر.