Al Jazirah NewsPaper Friday  01/02/2008 G Issue 12909
الجمعة 24 محرم 1429   العدد  12909
قطاع غزة.. هل هو شمَّاعة جديدة لإسرائيل؟
عبدالله بن راشد السنيدي

منذ احتلال إسرائيل للأراضي العربية سنة (1967م) وهي الضفة الغربية بما فيها مدينة القدس الشريف، وقطاع غزة، وهضبة الجولان السورية، وصحراء سيناء المصرية والمجتمع الدولي يطالبها بالانسحاب من تلك الأراضي لتعارض احتلالها مع الشرعية الدولية، فقد أصدر مجلس الأمن الدولي القرارين رقم (238) و (242) اللذين يطالبان إسرائيل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة، كما أن إسرائيل لم تتفاعل مع الكثير من الجهود الدولية التي بذلت لإحلال السلام بسبب تمسكها بالأراضي العربية المحتلة، ومن تلك الجهود مؤتمر مدريد لإحلال السلام في الشرق الأوسط الذي عقد في مدريد سنة (1991م) واتفاق أوسلوا الذي عقد بين الفلسطينيين والإسرائيليين والمبادرة التاريخية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله.

فبالنسبة لاتفاق أوسلو انسحبت إسرائيل من عدد من المدن الفلسطينية، ولم تكمل عملية الانسحاب من كامل الضفة الغربية بسبب اعتراض اليمين المتشدد في إسرائيل الذي وصل به الأمر إلى التخلص بالاغتيال من رئيس وزراء إسرائيل الأسبق (اسحاق رابين) الذي سبق أن وصفه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بأنه شريكه في صنع السلام، وهو بالفعل كذلك، فقد أبدى رابين مرونة واسعة في هذا المجال عندما وقع اتفاقا مع ياسرعرفات أمام الرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) الذي سمح بموجبه بعودة الزعماء الفلسطينيين إلى بلادهم وانسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية المحتلة سنة (1967م).

أما بالنسبة لمبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رعاه الله- والتي تبناها جميع العرب ورحب بها المجتمع الدولي فإن إسرائيل بدلا من أن تعتبرها فرصة لها للتعايش مع جيرانها العرب طالبت بإجراء مفاوضات حولها مع أن هذه المبادرة ليس فيها ما يتطلب التفاوض لوضوحها ومصداقيتها، وذلك باعتبارها تستند إلى مبدأ الأرض مقابل السلام، فهذه المبادرة تضمن لإسرائيل الاعتراف بها من قبل العرب مقابل أمر مشروع يقع على إسرائيل تبعة إنجازه وهو الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة بما فيها القدس الشريف.

وإسرائيل وإن كانت قد انسحبت من صحراء سيناء المصرية بعد مفاوضات طويلة ومريرة والتي جاءت بعد انتصار مصر في حرب (1973م) فإنها لا تزال تحتفظ بالضفة الغربية وقطاع غزة وهضبة الجولان.

وتعلل إسرائيل استمرار احتلالها لهذه الأراضي تارة بأن ذلك سوف يضمن لها الأمن، وتارة بسبب سياسة الرئيس الراحل ياسر عرفات، وتارة بسبب انتفاضة الشعب الفلسطيني.

ولأن هذه الأسباب التي أثارتها إسرائيل وأعلنت أنها السبب في عدم انسحابها من الأراضي المحتلة وإحلال السلام في المنطقة قد تلاشت؛ فالعمليات الانتحارية التي يقوم بها بعض الفلسطينيين داخل إسرائيل قد توقفت بسبب إدانة المجتمع الدولي لها، والرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لقي وجه ربه، والانتفاضة ليست قائمة حالياً، فإن إسرائيل استغلت الاختلاف الفلسطيني الذي حصل بين منظمة فتح وحركة حماس والذي أدى إلى الانقلاب الذي قامت به حركة حماس وانفردت بموجبه بحكم قطاع غزة لكي تكون شماعة جديدة تعيق أو تؤخر- على الأقل- عملية السلام خاصة بعد أن لاحظت نشاط الرئيس الأمريكي (جورج دبليو بوش) في هذا الاتجاه، ورغبته في تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين قبل نهاية فترة حكمه في العشرين من يناير 2009م بدليل دعوته إلى مؤتمر (أنا بوليس) الذي عقد في الولايات المتحدة، والذي حضره كثير من دول العالم بما فيها الدول العربية الفاعلة، والذي يهدف إلى إطلاق عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، ثم قيامه بزيارة العديد من دول المنطقة بما فيها إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

فالتصريحات التي أدلى بها (أولمرت) رئيس الوزراء الإسرائيلي والذي تمسكن فيها أمام الرئيس الأمريكي أثناء زيارته لإسرائيل بأن الشعب الإسرائيلي يعاني من صواريخ القسام التي تطلق من قطاع غزة، وأن إسرائيل لن توقع سلاماً مع الفلسطينيين حتى يتوقف ذلك، جاءت مخيبة للآمال، وربما أن هدفها هو الحد من اندفاع الرئيس الأمريكي نحو السلام، وإلا فأين إسرائيل من السعي نحو السلام قبل وقوع الاختلاف الفلسطيني بين فتح وحماس عندما كانت السلطة كلها في الضفة والقطاع بين فتح وحماس، بل وقبل أن تشارك حماس في الحكم؟.

والسؤال الآخر الذي يطرح نفسه: هل أصبح قطاع غزة بوضعه الحالي شمَّاعة جديدة تعلق عليها إسرائيل مساعيها المستمرة في إعاقة عملية السلام؟

Asunaidi@mcs.gov.sa



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد