Al Jazirah NewsPaper Friday  01/02/2008 G Issue 12909
الجمعة 24 محرم 1429   العدد  12909
خصخصة التعليم بين المتوقع والمأمول
د. عبدالله بن سعد العبيد

عندما أطلق الاتحاد السوفييتي أول أقماره الاصطناعية عام 1957م، هب المجتمع الأمريكي بأكمله معتبراً أن هذا الحدث يهدد الأمن القومي الأمريكي، مما جعلهم يعتقدون أن النظام التعليمي هو خط الدفاع الأول ولاسيما في مواد الرياضيات والفيزياء، وصدر تقرير في أمريكا بداية الثمانينيات يؤكد أن الحالة التعليمية تعرض أمتهم للخطر، مع أن أرقى المستويات التعليمية تتوفر هناك.

****

إن الدعوة إلى التفكير في تطوير إمكانات المدارس بما يحقق الناتج الحقيقي من التكلفة المادية والاجتماعية لهو أمر حتمي وواجب وطني غاية في الأهمية. بالأمس القريب صدر التوجيه السامي الكريم بالبدء بدراسة خصخصة المدارس عبر عدد من اللجان التي شكلت لذلك الغرض، الأمر الذي أفرحني جداً لما يمكن أن ينتج عن هذه الخصخصة من عائد إيجابي على مخرجات التعليم بالمملكة.

خصخصة التعليم بالمملكة كما أفهمه هو عبارة عن وضع عدد من الإستراتيجيات التي تستهدف الاعتماد الأكبر على آليات ومبادرات القطاع الخاص وما تفرزه من منافسات في سبيل تحقيق الأهداف المرجوة.

لذا مازلت أعتقد بضرورة أن يناط الأمر بمجمله إلى القطاع الخاص في منأى عن القطاع الحكومي الذي يفترض أن يكتفي بمراقبة الأداء ووضع اللوائح الرئيسة فقط والاعتماد على القطاع الخاص في رسم إستراتيجيات التطبيق في نطاق تلك اللوائح.

لقد أثبت التاريخ نجاح المدارس والجامعات الأهلية وتقدمها على المؤسسات التعليمية الحكومية بالرغم من أن جلّ المؤسسات التعليمية الخاصة لا تصرح بمبدأ الربحية، إلا أن استمرارها في المنافسة داخل سوق التعليم الخاص يفرض عليها الاستمرار في تقديم الجودة والمحافظة عليها وهذا المنشود.

إن خصخصة التعليم بالمملكة يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عدداً من النقاط المهمة ومنها:

دمج اللغتين العربية والإنجليزية

الاهتمام باللغة أساس من أهم الأسس التي تقوم عليها العملية التعليمية الناجحة، وهنا أدعو إلى قنوات خاصة تهدف إلى تعليم اللغة العربية واللغة الإنجليزية جنباً إلى جنب باعتبارهما أساس النهضة، والملاحظ أن اللغة العربية وبالتالي الإنجليزية في تدنٍ مستمر، وهي كارثة حقيقة، فاللغة العربية هي النهر الذي نستمد منه الوجدان والشعور من خلال التاريخ والدين والتراث والتواصل مع بعدنا العربي والإسلامي، أما اللغة الإنجليزية فهي البوابة التي نعبر من خلالها إلى العصر بتقنياته وعلومه وابتكاراته وأبحاثه المتجددة، وليس معنى هذا أن اللغة العربية ليست لغة العلم بل هي لغة تتمتع بخصائص لا توجد في غيرها، ولكن يبقى لكل ذي حق حقه، فالعلم العربي في أسوأ مرحلة من مراحله، والعلم الآن في معظمه يفكر بحروف إنجليزية ويكتب بذات الحروف، ونسخه أو تعريبه لا يعطي العربية قيمة أو يضيف لها شيئاً.

هيئة مستقلة لتقييم الطلاب

لا نجاح لأيّ جهودٍ إلا إذا تغيرت نظرتنا إلى فكرة تقييم الطالب من خلال الاختبارات الموضوعة، ولنتجاوز مرحلة البحث عما استفاد منه إلى سبر غور تطلعاته. امتحاناتنا عمياء صماء بكماء، ولذلك فهي تخرج نماذج معوَقة، ومعوِّقة في جميع المجالات، ولذا أنا أطالب بهيئة مستقلة تماماً عن وزارة التربية والتعليم تشرف على تقييم الطلاب، ولتستمر عملية التقييم على مدار العام كله وفق مبادئ الشفافية والجودة، ووفق آليات تحارب الغش والتدليس.

تقييم المعلم ومكافآته حسب نتائج

هيئة التقييم

ويرتبط تقييم الطلاب ارتباطاً وثيقاً بتقييم المعلم ومكافأته، إذ لو تم الفصل بين سلطة التربية والتعليم، وسلطة التقييم في جميع المراحل التعليمية من الابتدائي وحتى الجامعي، هنا يمكن التعرف على حقيقة عمل المدرس وتقييمه علمياً بعيداً عن ترهات وخزعبلات الوضع الراهن القائم على الحفظ والتلقين، وحتى هذان المبدآن لم يعدا كما كانا سابقاً، إذ أصبح المعلم خبيراً في كيفية إنجاح الطالب بأقل جهد ممكن، ولذلك نجد المعاناة الحقيقة عند وصول الطالب إلى الثانوية العامة التي نرى فيها شرائح متنوعة من المجتمع تعطي أولادها دروساً خصوصية في المادة الواحدة عند مدرسين وأحياناً ثلاثة، هذا للمذاكرة، وهذا للمراجعة، وذاك للتقييم.

تطوير التعليم عن بُعد

لا بد من النظر إلى القنوات الفضائية كعامل مهمٍّ في العملية التعليمية، واستخدامها كما في بعض القنوات التعليمية العربية فيه الكثير من الإيجابيات، خصوصاً إذا تم تكليف لجان تشمل متخصصين في التربية والمناهج وخبراء من التقنيين ومخرجين على أعلى مستوى، وإشراك الطلاب أنفسهم في إعداد هذه البرامج.

والله من وراء القصد..



dr.aobaid@gmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد