Al Jazirah NewsPaper Saturday  05/04/2008 G Issue 12973
السبت 28 ربيع الأول 1429   العدد  12973
الذاكرة الوطنية

في السيرة الذاتية للكيانات السياسية المعاصرة، هناك الكثير من الإضاءات التي اعتادت المجتمعات والشعوب على إعطائها نوعاً من الاحترام والتقدير والالتفات إليها من حين لآخر بنظرة إعجاب تعتبر نوعاً من رد الجميل المتواضع إزاء تضحية قدمها أشخاص معينون خلال المسيرة الوطنية وفلسفة تكوين الدولة أو الذود عن حياض الأمن الوطني والقومي، ونعني بذلك على سبيل المثال لا الحصر فكرة (المحاربون القدامى) أولئك الأشخاص الذين خاضوا غمار الحروب واندفعوا في هيجائها وحملوا أرواحهم على أكفهم من أجل قناعات الوطنية والولاء للأرض والمجتمع، للأسف الشديد هذه الفئة من المجتمعات في العالم العربي لم تنل ما تستحقه من تكريم وعناية مقارنة مع مثيلاتها في الشعوب الأخرى، فلايزال هذا الأمر مقتصراً على البرستيج النضالي والشكلي بل إن مكونات المجتمع المدني تجاهلتهم وولت شطرها إلى قضايا وإشكليات أخرى، ففي مصر وفي العراق وغيرها من البلدان العربية التي دخلت حروب طاحنة, اقتصر الأمر على مجرد مكاتب صغيرة مهملة واشتراكات مالية هزيلة لا تغني ولا تسمن من جوع.

إننا حينما نكرم كل محارب قديم ومقاتل باسل ذاد عن حياض الوطن فإنما نكرم بذلك ماضياً من التضحيات الجسام ونزرع في ذاكرتنا الوطنية وفي مستقبل أجيالنا أنّ التضحية الوطنية أمر لا يذهب أدراج الرياح بل تسطره الأيام بأحرف من ذهب، وهو الأمر الذي التفتت إليه الشعوب الأخرى ففي أمريكا وفي الصين واليابان وغيرها من الدول لم يصبح أولئك الأشخاص نسياً منسياً بل لهم تأثيرهم الاجتماعي والمعنوي, فجميعنا شاهد في الأيام الماضية كيف كان المرشحون الأمريكيون يخطبون ود أولئك الأفراد ويلقون المحاضرات في جمعياتهم وتكتلاتهم المدنية لتوظيفها في السباق الانتخابي، في إشارة واضحة على ما يعنيه أولئك القوم ليس من الناحية الفردية بل من الناحية الفكرية والمعنوية.

يظل العالم العربي في حالة قصور ذهني ومعنوي فيما يخص مثل هذه القضايا وإنْ استثنينا دول المغرب العربي, وكما قلنا في بداية الحديث ليس الأمر مقتصراً على فئة المحاربين بل يتعداه إلى جميع من وظف جهده البشري والعقلي للتضحية من أجل الوطن, فعندما نُعلي من شأن من يقوم بذلك ونوليه الاهتمام والتقدير فإننا نولي الاهتمام والتقدير قبل ذلك إلى ذاكرتنا الوطنية وفلسفة الفداء والتضحية من أجل الوطن, التي لا يسرنا ولا يسر فهمنا العام أن تذهب سدى.

****

لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«9999» ثم أرسلها إلى الكود 82244






 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد