لقد استوقفت نفسي قبل كتابة هذه الأسطر المتواضعة فوجدت النفس ميالة لأن أقول ما منحني الله إياه تجاه المرحوم المربي الشيخ عثمان بن ناصر الصالح أسكنه الله فسيح جناته، أعرف تمام المعرفة أنني مهما قلت فيه من عبارات الوفاء والعرفان لن أوفيه حقه.
نعم لو أردت ذكر حسناتك.. (يا أبا ناصر) لأخذ مني هذا الشيء الكثير والكثير.. لقد أحبك الكثير قبل مماتك وذلك من خلال طيبتك ووجهك البشوش وعطفك الأبوي الحنون الذي لمسته أنا شخصياً.. لقد مددت يد العون والمساعدة لكل من طرق باب منزلكم العامر من دون من أو تردد. واسيت الضعيف وقضيت حاجته.. كل هذه الصفات الحسنة سوف أتخذ منها قدوة أسير عليها في حياتي؛ أما وقد انتقلت إلى جوار ربك فهاهم أجيالك وما أكثرهم الذين تخرجوا من تحت يديك، ويحتلون الآن مناصب مرموقة؛ ها هم يدعون لك بالمغفرة وأن يسكنك الله فسيح جناته. وكما يعرف الفاهمون أن في الحياة مسارب تجعل المرء يقف ليتأمل قدرة الله عز وجل في هذا الكون وقد جعل الله لبعض خلقه في نفوس عباده محبة وتجدهم دائماً يذكرون هذا الإنسان بالخير.. علماً منه تبارك وتعالى بمسارب نفس ذلك الإنسان فيخصه بالذكر الحسن والثناء الجميل والمحامد الطيبة؛ وها نحن أبناءك ومحبيك وها نحن نرفع أيدينا جميعاً إلى الله القائل: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}أن يسكنك فسيح جناته ويغفر لك وأن يجعل قبرك روضة من رياض الجنة إنه سميع مجيب.
إن الأخلاق الحسنة والتواضع من صفات المؤمنين يقول صلى الله عليه وسلم: (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير في من لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس).
أيها الأحبة: أعرف تمام المعرفة أنكم تعرفون هذا الشيء ولكن هذا لا يمنعني مما أود قوله:
نعم بالنسبة لواقع الألم قد يكون الأعمى في هذه الحياة أفضل من البصير لأن اهتمامه يكون منصباً على الصوت الذي يسمعه. والبصير ينفعل بما يراه مما لا يمت إلى الصوت الذي يسمعه بصلة. أما إذا كانت واسطة التعبير تعتمد على الضوء فإن الأعمى يجرد من الميزة التي كانت لأخيه البصير.
نعم أيها الأحبة:
عن قرب جلست جواره - رحمه الله - فكان العيان والمحاكاة والقرب أصدق وضوحاً لصورته - رحمه الله - تلك الصورة التي لن يعفو الدهر عليها في نفوس أبنائه ومحبيه فقد شهد الشرع والعقل بفضله واتفقت الآراء والألسن على شكره بعد الله عز وجل وهو في نفوس الكثير حقيقة بتلك الخصال الجميلة وأولى الناس رحمة بحياز هذه المرتبة الجليلة مرتبة أهل العلم الذي حل به - رحمه الله - ذروة المجد والسناء. وليس لي سواء الدعاء له بجنة الخلد إن شاء الله. إن الموت سنة الحياة فقد قال الله تبارك وتعالى لسيد الخلق {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ}راجياً أن يكون الخلف خير سلف.