Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/04/2008 G Issue 12980
السبت 06 ربيع الثاني 1429   العدد  12980
أسرار زيارة ماكين إلى إسرائيل

في الوقت الذي كان فيه باراك أوباما يحاول النأي بنفسه علانية عن تصريحات راعي الأبرشية المثير للجدل والذي سبق لأوباما أن وصفه بأنه مرشده الروحي -بما في ذلك (وجهة نظر ترى أن الصراعات في الشرق الأوسط تعزى في المقام الأول لتصرفات حلفاء مشاكسين مثل إسرائيل)- كان السيناتور جون ماكين بنفس الوقت في القدس يقوم بجولة لياد فاشيم بصحبة السيناتور جوزيف ليبرمان، ويقول للإسرائيليين: (إننا كأمة وكعالم قد اخترنا التأكيد لكم على التزامنا المطلق بأمنكم). زيارة ماكين لإسرائيل لم تفاجئ الأوساط المقربة منه التي تحدثت عن نقاشات عدة دارت بين ماكين والمشرفين على حملته الانتخابية حول كيفية الحصول على أكبر عدد ممكن من الناخبين اليهود وخصوصاً إذا حسمت هيلاري كلينتون - التي تحظى بدعم اليهود الديمقراطيين- السباق الديمقراطي وضمنت ترشيح حزبها لتنافس ماكين على لقب الرئيس الأمريكي.

وهكذا بدا ماكين الذي ضمن ترشيح حزبه للانتخابات الرئاسية، وكأنه بدأ بالفعل تدشين السياسة الخارجية لإدارته، ويحاول في خطوة إستراتيجية أن يضع نفسه في الانتخابات العامة كالمرشح الأول الصديق لإسرائيل واللوبي اليهودي في الولايات المتحدة.

ففي الأسبوع الماضي وخصوصاً بعد تصريحات القس رايس التي وصفت بأنها (معاداة للسامية)، عبر الكثير من الخبراء والمراقبين والمحللين في وسائل الإعلام عن توقعاتهم بأن يؤدي الصوت اليهودي إلى إلحاق الضرر بالمرشح الديمقراطي باراك أوباما في بنسلفانيا، لافتين إلى أن المفارقة هي أنه من بين النسبة الضخمة بشكل ملحوظ من الناخبين الذكور البيض لا تزال نسبة مئوية يهودية صغيرة جداً من ذلك الجمهور التي تشكل أغلب المخلصين التقليديين من المصوتين الديمقراطيين.

ومع ذلك فقد بدت (الهواجس العصبية) لدى الجالية اليهودية تبرز على السطح حول ترشيح أوباما - وهم ليسوا جميعاً (موالين لليكود) كما علق سيناتور الينوي في وقت سابق- وقد انعكس ذلك عبر حملات تشويه السمعة عبر البريد الإلكتروني والتي تركز على خلفيته الأسرية وتعليمه في مرحلة الطفولة وجذوره (الإسلامية)، وخروجه من وسط سياسي أمريكي ذي أصول إفريقية كانت فيه وجهات النظر المتطرفة غير مقبولة للتيار الأساسي الأمريكي (ومعاداة الصهيونية ليست سوى واحدة من وجهات النظر غير المقبول بها هذه).

ولكن أوباما تحدث بفصاحة وإقناع في الخطاب الذي ألقاه يوم الثلاثاء قبل الماضي حول هذه النقطة الأخيرة موضحاً الأسباب من وراء تشكل مثل وجهات النظر هذه، والأسباب التي جعلته يرفضها (مع أنه لم يرفض جميع هؤلاء الأفراد الذين يعتنقونها، مثل القس جيميرياه رايت).

وعندما خص أوباما بالذكر (الأيديولوجيات المتطرفة) باعتبارها المصدر الرئيس للصراع في المنطقة، فمن المرجح أنه فعل ما كان ضرورياً لكي يحتفظ بأغلب هؤلاء المصوتين اليهود ممن كانوا بالفعل على استعداد لتأييده باعتباره المرشح الديمقراطي.

ولكن يبدو أن قيام ماكين بزيارة إسرائيل ضمن وفد يجمعه مع سيناتورين أحدهما جمهوري، لينسي غراهم والآخر (مستقل يهودي الأصل) جوزيف ليبرمان على حساب الكونغرس في رحلة تم تسميتها (رحلة جمع الحقائق) هي محاولة منه لدعم ما يسميه خبرته في مجال السياسة الخارجية والأمن القومي من جهة، كما أنها (إستراتيجية استباقية) لضمان ورقة أصوات الناخبين اليهود عندما يدخل السباق الرئاسي أشواطه النهائية.

وقد رأت صحيفة جورساليم بوست في افتتاحيتها تحت عنوان (تحدي ماكين) أن (زيارة السيناتور جون ماكين المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية في وقت قريب جداً من الانتخابات الرئاسية تظهر الأهمية التي يكنها للعلاقات الأمريكية الإسرائيلية، وتأتي زيارته لتل أبيب بعد زيارته للعراق وقبيل زيارته لفرنسا وبريطانيا).وتضيف الصحيفة (اختيار هذه الدول يشير إلى أهمية ومركزية إسرائيل ضمن منظومة السياسة الخارجية الأمريكية بين الحرب التي تخوضها أمريكا في العراق واثنين من أهم حلفاء الولايات المتحدة).

وتعتقد الصحيفة أن هذه الزيارة هي مناسبة (يستطيع ماكين من خلالها أن يعطينا صورة عن الكيفية التي سيعيد بها تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية إذا ما أصبح رئيساً).

وتركت زيارة ماكين ارتياحاً واسعاً في إسرائيل إذ أعرب المرشح الجمهوري عن تفهمه ودعمه للرد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة في مواجهه إطلاق الصواريخ الفلسطينية.

وقال ماكين خلال مؤتمر صحفي عقده مع وزير الدفاع الإسرائيلي يهود باراك: إنه (ما من دولة في العالم تتعرض لهذه الهجمات المتكررة دون أن ترد عليها).

وأشاد ماكين بشجاعة وزير الدفاع يهود باراك في الدفاع عن إسرائيل مضيفاً في الوقت ذاته أن إطلاق الصواريخ المتكرر على المدن الإسرائيلية يؤكد الحاجة الملحة إلى التوصل إلى اتفاق سلام بين إسرائيل والفلسطينيين.

بيد أن ماكين شكك في إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام بنهاية العام الجاري بقوله: إنه ليس متأكداً من إمكانية التوصل إلى اتفاق للسلام خلال تلك الفترة، غير أنه أعرب عن ثقته من أن الإدارة الأمريكية تبذل ما بوسعها لتحقيق ذلك، مشيراً إلى عملية السلام التي ترعاها الولايات المتحدة والتي تأمل واشنطن في أن تؤدي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة قبل انتهاء ولاية الرئيس بوش.

وأضاف ماكين أن الحكومة الأمريكية مصرة على وضع حد للعنف، مشيراً إلى اعتقاده أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يرغب في دفع عملية السلام قدماً وأنه لا يؤيد ما يجري في قطاع غزة.

وكان ماكين قد كشف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني عقب اجتماعهما في القدس النقاب عن أنه أجرى اتصالاً هاتفياً مع عباس لتعذر عقد لقاء مباشر معه.

وتعتقد صحيفة (جوراسليم بوست) أن (الأمر لا يحتاج إلى توضيح فسياسة سياسة الاستمرار على نفس الطريق التي ينتهجها بوش لن تكون مناسبة للرئيس القادم، وأننا نتفق مع ماكين في أن نجاح الإستراتيجية الأمريكية لابد أن يتم البناء عليه بدل أن يرمى به عرض الحائط كما يقترح منافسوه، فنحن نفهم أن طلب الانتصار في العراق ليس سياسة خارجية وهذا أمر يفهمه ماكين).

من الواضح أن افتتاحية الصحيفة الإسرائيلية تبدو مثل دعم واضح للسيناتور ماكين ورفض لمواقف الحزب الديمقراطي في مجال السياسة الخارجية وخصوصاً نحو العراق وإيران.

هذا الدعم من قبل هذه الصحيفة المحافظة يلقي الضوء على موقف المحافظين اليهود في إسرائيل والولايات المتحدة.

كما أن تصريحات ماكين ضد إيران ومواقفه المتشددة تجاه الفلسطينيين ورفضه لقاء عباس خلال الزيارة كلها تدل على نجاح الجانب الإسرائيلي في توجيهه ونجاحه في الحصول على الدعم الإسرائيلي واليهودي لحملته الرئاسية.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد