Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/04/2008 G Issue 12980
السبت 06 ربيع الثاني 1429   العدد  12980
العودة مع النصر

قرار الرئيس الأمريكي تجميد سحب القوات الأمريكية من العراق بعد يوليو تموز المقبل وإصراره على عدم إعادة انتشار الجنود الأمريكان من هناك إلا بعد تحقيق كامل الأهداف المرجوة منذ أيام الاحتلال الأولى والمتمثلة بإحداث الاستقرار الأمني والانسياب السياسي في البلاد, وإن برر هذا التأخير بعدة عوامل وضروريات ربطت برزمة وهمية من الإنجازات فارغة المحتوى -إن وجدت أصلاً- يجعلنا نتحدث من جديد عن إشكالية استهداف استقرار الدول والعبث بنسقها السياسي والأمني, فمع الوعود البراقة والأحلام الرومانسية التي سبقت ما قبل الغزو, لم يجنِ العراقيون من قدوم الدبابات الأمريكية إلى بلادهم إلا كماً هائلاً من الدمار والانفلات وانتشار أعمال الموت الجماعي, التي وللأسف الشديد دفعت وقدمت كثمن مفقود المقابل، فها هو أحد العراقيون الذين شاركوا في إسقاط تمثال صدام حسين في بغداد وضربه بالحذاء يوم السقوط يقول في إحدى اللقاءات الصحفية: "لو عاد صدام لحافظت عليه كشيء غالٍ", ويترحم على أيام النظام العراقي السابق على ما بها من بطش واضطهاد كونها قدمت الأمن والاستقرار الاجتماعي المفقود الآن.

الرئيس الأمريكي في خطابه الأخير يصر على تحقيق سياسية (العودة مع النصر) والتي تعني عدم إعادة القوات الأمريكية من العراق إلا بعد تحقيق الانتصار الكامل وتنفيذ جميع الأجندات المطلوبة، وإن أردنا أن نبحث عن حقيقة تلك العودة المزعومة مع النصر, فما هي إلا تعبير مغلف عن سقوط المشروع الأمريكي في العراق وإحباطه بعد أن هرول أعضاء النظام السياسي الجديد إلى تقاسم الكعكة بينهم وذاك ما تمثل في تفشي الطائفية والمذهبية التي أذكت نارها فوضى الاحتلال فأطلقت ثقافة الطائفة والمذهب المتقوقع، ولعل انتشار الميليشيات في الواقع العراقي خير دليل على ذلك.

فأي عودة مع النصر بعد أن سلمت البلد إلى سيطرة النفوذ الإقليمي المذهبي وأصبحت عزبة للميليشيات وأحزاب المذاهب.

من الواضح أن الملف العراقي سيترك إلى الرئيس والإدارة القادمة في يناير كانون الثاني من العام المقبل، وما نرجو للعراق إلى ذاك الحين ومن بعده أن لا يصبح ملف الحرب في العراق موضوعاً تتقاذفه أجندات وقناعات حزبي واشنطن المتباينة، وإلى ذلك نرجو أن يسارع المعنيون بأمن العراق واستقراره إلى مزيد من لم الشمل في البلاد والقضاء على بؤر التوتر الطائفي واللجوء إلى سياسيات الحوار والمكاشفة بدلاً من أساليب الحرب والاقتتال التي كانت نتاجاً طبيعياً لقناعات وثقافة الإقصاء والتهميش الموجه نحو فئات المجتمع العراقي تحت ذرائع وحجج واهية.












 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد