Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/04/2008 G Issue 12980
السبت 06 ربيع الثاني 1429   العدد  12980
المفخرة العظيمة لخدمة الحرمين الشريفين
أ.د. أحمد معاذ حقي

الحمد لله حمداً يوافي نعمه ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على رسوله الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين.. وبعد:

فقد أدرك الخلفاء والأمراء والولاة عبر التاريخ الإسلامي أن خدمة الحرمين الشريفين تُعدُّ مفخرة عظيمة لا يضاهيها مفخرة، ولذا أطلق بعض الخلفاء والولاة على أنفسهم لقب خادم الحرمين الشريفين عبر التاريخ الإسلامي، وقد سعى هؤلاء في عهودهم أن يقدموا الخدمات لحجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، فتارة كانت بالتوسعة، وأخرى بتهيئة السبل والطرق إليهما، وبتوفير المياه أحياناً أخرى، ولا شك أن أضخم الإنجازات التي شهدها الحرمان الشريفان كانت في عهد الدولة السعودية، في عهد كل من الملك عبدالعزيز والملك سعود، والملك فيصل والملك خالد، والملك فهد - رحمهم الله جميعاً - وقد شهد عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - مشاريع عملاقة وطموحة ورائدة، ولن نستطيع الإلمام بها في هذه المقالة وحسبي أن أشير إلى أهمها كأحد المسلمين الذين أكرمهم الله سبحانه وتعالى بزيارة تلك الديار، وأداء شعيرة الحج، كنت أحس بحاجة إليها وسأركز على ثلاثة مشاريع أراها رائدة، ومتميزة، ولن يقتصر نفعها على حجاج بيت الله الحرام بل تؤكد تلك المشاريع لكونها تسهل على حجاج بيت الله الحرام أداء مناسكهم. إن هذا الدين هو دين يواكب العصر والمتغيرات كما أنها تحسن من صورة المسلمين في العالم.

المشروع الأول: الجمرات: كل مسلم على وجه هذه البسيطة يتعلق فؤاده ببيت الله الحرام، فهو يتوجه إليه في اليوم خمس مرات، ويزداد تعلق المسلمين بالبيت أثناء فترة الحج وكلنا يعلم أن حجاج بيت الله يأتون من أقطار مختلفة وكل يحمل ثقافة معينة وتفكيراً وسلوكاً وعند نفرة الحجاج من منى إلى مكة شرفها الله سبحانه وتعالى لم يكن الحجيج يلتزمون بالتعليمات التي وضعت من أجل سلامتهم، مما كان يؤدي إلى التدافع والزحام ومن ثم يقتل الحجيج جراء التدافع فكانت تحبس أنفاس المسلمين عبر العالم عند النفرة الأولى، ولما أصبح من المستحيل تقيد الحجيج بالتعليمات كان لابد من مشروع عملاق يقضي على هذه الظاهرة فكان قرار خادم الحرمين الشريفين بتوسعة الجمرات، وأذكر حين كنّا نذهب للسلام على إخواننا الذين قدموا من الحج كان أول سؤال كيف كانت الجمرات فكان جوابهم كلهم أنها نظمت تنظيماً بحيث إنك إذا ذهبت إليها في وقت الذروة لن تجد الزحام الذي كنت تخشاه من قبل فلله الحمد والمنة.

المشروع الثاني: توسعة المسعى: من المعلوم في أوقات المواسم يحدث ازدحام وتجمع كبير عند الصفا والمروة، حيث يقف البادئون للسعي للتكبير والدعاء والمنتهي من السعي للتكبير والدعاء ينتج عن هذا التجمع الكبير الزحمة الشديدة خصوصاً وقد وضع باب أو أبواب على الحدود القريبة من النهاية وتحصر الجموع في مكان ضيق جداً، في حين أن في الأمر سعة من الناحية الشرعية حيث يمكن توسيع المكان لهذه الأعداد الكبيرة دون مضايقات، أو مساس بصحة أداء الشعيرة فكان مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله - حفظه الله - بتوسعة منطقة المسعى من ناحية الساحة الشرقية بزيادة قدرها 20 متراً ليصبح عرض المسعى الكلي 40 متراً وزيادة طابق علوي ثالث للمسعى ليصبح عدد الطوابق الكلي للمسعى ثلاثة طوابق ويتوقع أن ترتفع الطاقة الاستيعابية حال إنجاز كافة مراحل المشروع لتصبح قادرة على استيعاب 118 ألف شخص لكل ساعة للسعي و115 ألفاً و600 مصل، وهو الأمر الذي أسهم في زيادة الرقعة المساحية للمسعى، فمساحة المسعى قبل التوسعة كانت تقدر بنحو 29 ألفاً و400 متر مربع، أما بعد التوسعة فتسترفع لتبلغ نحو 87 ألف متر مربع، شاملة كل الطوابق من الطابق الأرضي والأول والثاني، وندرك في السنوات الأخيرة في مواسم الحج ورمضان، وبخاصة العشر الأواخر منه ما كان يحدث من زحام شديد في المسعى وبخاصة عند المروة، وبعد التوسعة إن شاء الله تعالى لن يجد الحجاج والمعتمرون هذا الزحام مرة أخرى.

المشروع الثالث: ربط الأماكن المقدسة بالمترو: أعلنت حكومة خادم الحرمين عن مشروع ضخم وهو ربط الأماكن المقدسة بالمترو، ونعلم أن حكومة المملكة سعت إلى شق أنفاق وجسور وطرق متعددة حتى تقضي على ظاهرة الاختناقات المرورية في المشارع، ونظراً لكثرة عدد الحجيج وصغر مساحة الأرض بالنسبة لعدد الحجيج ووجود الجبال، ومع بذل رجال المرور والشرطة والجيش جهوداً مشكورة لتيسير حركة المركبات إلا أنه كانت تحدث الاختناقات مما يتسبب عنها تأخر بعض الحجاج في الوصول إلى مزدلفة، ولكن مع المشروع الرائد الجديد فسوف يستغنى عن كثير من الحافلات وستكون عملية التنقل بين المشاعر سهلة ميسرة بإذن الله تعالى.

هذه المشاريع العملاقة حققت مقاصد الشريعة الغراء بالتيسر على الحجاج والمعتمرين، كما أن فيها من الرفق بالحجاج والمعتمرين ما لا يخفى على أحد، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به).

والله أسأل أن يبارك في جهود خادم الحرمين الشريفين، ويجزيه عن المسلمين والمعتمرين وحجاج بيت الله الحرام الجزاء الأوفى.

أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة بالإمارات العربية المتحدة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد