Al Jazirah NewsPaper Saturday  12/04/2008 G Issue 12980
السبت 06 ربيع الثاني 1429   العدد  12980
مشروع التوسعة سيدفع المشقة ويمنع الحرج والضيق
د. موسى بن محمد كوني

إن الحكومة السعودية -حرسها الله- منذ نشأتها أولت اهتمامها البالغ بالحرمين الشريفين عمارة وتوسعة وصيانة ونظافة وتوفيراً لوسائل الراحة للحجاج والمعتمرين والزوار حتى يومنا هذا.

ويأتي مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) لدفع المشقة ومنع الحرج والضيق في أعمال السعي بين الصفا والمروة بسبب الزحام الذي يعاني منه الحجاج والمعتمرون، إيماناً من خادم الحرمين الشريفين بأن الازدحام الشديد يؤدي إلى الإيذاء والإضرار ويدعس الحجاج بعضهم بعضاً، وقد تزهق بعض الأرواح ويؤدي إلى الموت الحقيقي قتلاً وهو حرام قطعاً، وبأن الازدحام يفقد العبادة غايتها وأهدافها ومنافعها من العبودية الحقة ولذة الطاعة وحلاوة الإيمان وطلب زيادة الأجر، وقد ينقلب الأمر إلى عكس المراد من ارتكاب المحرمات والمكروهات ويوقع في الحرج والمشقة غير المطلوبة شرعاً، امتثالاً منه بقوله تعالى {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.

ولئن كان الزحام موجوداً في العصور الخالية مع قلة عدد الحجاج مقارنة بعددهم في العصر الحاضر، لهو من المسلمات التي لا يختلف فيها اثنان في عصرنا الحاضر، رغم جهود الحكومة السعودية وشعبها المباركة في العناية بتوسعة المسجد الحرام والمسجد النبوي وغيرهما من المشاعر المقدسة وتيسير ما من شأنه تسهيل حركة الحجاج والمعتمرين والزوار.

وذلك لأن الله تعالى منذ أن خلق آدم وحواء والبشر في تناسل وتكاثر وازدياد مستمر، فالعالم ينمو نمواً مطرداً في كافة أنحاء المعمورة حتى وصل تعداد أمة الدعوة إلى يومنا هذا أكثر من ستة آلاف مليون نسمة، وأمة الإجابة أكثر من ألف ومائتي مليون نسمة.

ولأن الله منذ أن أذن لخليله إبراهيم عليه السلام بدعوة الناس للحج إلى البيت العتيق بقوله تعالى {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، والمسلمون يفدون إلى بيت الله كل عام بأعداد تزيد كل عام عن العام الذي قبله فبينما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أكثر من مائة ألف من أصحابه رضوان ا لله عليهم، وكان عليه الصلاة والسلام يقول في أماكن الزحام، (يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضاً..)، وهذا تحذير نبوي من الازدحام وذلك رحمة بالحجاج ورأفة عليهم وحرصاً على راحتهم وهذا ينبع من وصف الله له في قوله {بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ}.

وفي عصرنا الراهن نجد أكثر من مليوني مسلم في العام لأداء فريضة الحج والعمرة، بسبب تطور وسائل المواصلات تطوراً مذهلاً حيث حل محل الخيل والبغال والحمير والجمال كوسيلة نقل حل محلها الباخرة والطائرة والسائرة، وبسبب تيسير سبل الوصول إلى الأراضي المقدسة (مكة المكرمة والمدينة المنورة) من قبل الحكومة السعودية، وبسبب توجه أصناف المجتمعات الإسلامية كافة، وعلى مختلف الأعمار إلى الحج والعمرة، إضافة إلى النقل الحي والمباشر لأداء صلاة التراويح والتهجد والجمعة والأعياد عبر وسائل الإعلام والقنوات الفضائية إلى العالم عبر الحكومة السعودية، الأمر الذي ألهب المشاعر وحفز الهمم شوقاً إلى الحرمين الشريفين.

لذا، نقدم الشكر الجزيل لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (حفظه الله) وحكومته الرشيدة، اعترافاً وتقديراً لجهودهم المبذولة في خدمة ضيوف الرحمن في بلاد الحرمين الشريفين بمكة المكرمة والمدينة المنورة، ونخص بالذكر هذا المشروع الخيري (بناء وعمارة وتوسعة المسعى الجديد بين الصفا والمروة).

وقد شاء الله تعالى أن أسعى بالدور العلوي من هذا المسعى الجديد يوم الجمعة 14-3- 1429هـ الموافق 21-3-2008م، عقب أيام ملتقى القيادات التعليمية في غرب إفريقيا، والذي نظمته وكالة وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإسلامية بمدينة الرياض - السعودية، فكم فرحت بهذا المشروع! مع الإعجاب بإتقانه وسرعته، وكم دعوت الله للملكة العربية السعودية حكومة وشعباً، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله- باليمن والبركات، وللأمة الإسلامية بالثبات والتوفيق والسداد.

وآخر دعوانا أنْ الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المشرف العام على قسم اللغة والحضارة العربية بجامعة سونفونيا
ومدير مكتب التعاون مع الدول العربية بالجامعة بمدينة كوناكري - غينيا



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد