Al Jazirah NewsPaper Friday  02/05/2008 G Issue 13000
الجمعة 26 ربيع الثاني 1429   العدد  13000
هل يستمر الوضع العربي مشرذماً كما هو؟
عبدالله بن راشد السنيدي

كان أمل كل عربي مخلص بعد أن نالت سائر الدول العربية استقلالها من النفوذ الأجنبي، وبعد أن أسست الجامعة العربية سنة 1945م أن يقوم الإخلاص والاحترام والتعاون بين هذه الدول وأن يتم التقريب بين الشعوب العربية وألا يكون للتآمر أو الكراهية مكان في المحيط العربي

وذلك بسبب الروابط المتينة التي تجمع الدول العربية وشعوبها ومن أبرز هذه الروابط ما يلي:

* العقيدة الواحدة: فالدول العربية كلها تتخذ من الشريعة الإسلامية عقيدة لها بل أن دساتير هذه الدول قد جعلت الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع وبعض هذه الدول ذهب إلى أبعد من ذلك حين اعتبر الشريعة الإسلامية هي الدستور نفسه، كما أن نسبة المسلمين من العرب نسبة كبيرة تكاد أن تصل إلى الحد الأقصى إلا قليلاً جداً.

* اللغة: إذ تعتبر اللغة العربية لغة القرآن الكريم هي اللغة الأولى والرئيسة للشعوب العربية، ومعلوم دور اللغات في التقريب بين الشعوب والمساعدة على الإحاطة بالثقافات والمعلومات الخاصة بالأمم، ولا يؤثر على كون اللغة العربية هي اللغة الأساسية للعرب وجود اللهجات المحلية للدول العربية، فهذه اللهجات وإن كانت مشوبة باللحن وبعض الألفاظ الدخيلة إلا أن الغالب عليها في النهاية الطابع العربي.

* الوحدة الاجتماعية: فالعرب باعتبارهم من الشعوب المحافظة التي تحرص على القيم والعادات والتقاليد يوجد بينهم تقارب في الأنساب والأحوال الشخصية.

* وحدة المصير: فالدول العربية وشعوبها تعيش على مساحة جغرافية واحدة لا يفصل بينهم عناصر أجنبية وقد وجدوا في هذه البقعة من بداية التاريخ ولن يقبلوا بغيرها حتى من هاجر منهم للعيش أو العلم لدى الأمم فإنه طال الوقت أم قصر سيعود يوماً إلى هذه المنطقة، ولذا فإن وجود العرب في هذه المنطقة واحد ومصيرهم واحد.

إذاً إنها روابط قوية تلك التي توحد العرب ولكن مع الأسف لم يستثمر ذلك لخدمة المصلحة العامة للعرب، ذلك أنه رغم مرور هذه السنين ورغم كثرة المؤتمرات والندوات واللقاءات إلا أن الجدية في العمل العربي المشترك لا تزال محدودة رغم نداءات الكثير من المخلصين بأن يقوم العرب بتطوير نهجهم فيما يتعلق بالعمل الموحد وأن تسبق وحدة العمل وحدة القلوب والمشاعر كما طالب بذلك خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله أثناء مؤتمر القمة العربي الذي عقد في العاصمة السعودية الرياض في شهر مارس سنة 2007م حيث طالب العرب بالشفافية والصدق والمحبة فيما بينهم والعمل بجد وإخلاص لصالح الأمة، إضافة إلى وحدة المواقف والتعاون المشترك والالتزام بالإجماع العربي وعدم الخروج عليه وتجنب إثارة الفتن وهو أمر نابع من إحساسه بالمسؤولية الكبرى تجاه أمته مصداقاً لقول المولى عز وجل في سورة المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَانًا وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}

وما أورده الملك عبدالله في هذا الصدد هو عين الحقيقة فبدون تآلف ومحبة وصفاء وشفافية بين العرب لن يصلوا إلى تحقيق أهدافهم كما فعلت بعض الأمم الأخرى، فأوروبا مثلاً خرجت من الحرب العالمية الثانية سنة 1949م أي قبل (60) عاماً فقط وهي محطمة ومدمرة ومع ذلك بلغت حالياً مكانة متقدمة في العالم وتوصلت في الأخير إلى نوع من الوحدة (الاتحاد الأوروبي) الذي يجمع دولها فيما يتعلق بالمصالح ولا يؤثر على سيادة أي دولة فيها، فقد فتحت الحدود ووحدت العملة، وتوحدت المواقف في مختلف المجالات.

ولذا فإن غالبية العرب تتطلع إلى عمل جاد صادق كما يتم لدى الكثير من الأمم الأخرى لكي يخرج الأمة إلى بر العلم والتقدم والرفاهية، وهو أمر يتطلب العديد من العوامل ومنها:

* العمل بإخلاص للأمة، ونهج الأسلوب الملائم لحل الخلافات.

* الاحترام المتبادل بين الدول العربية، والاحتكام للشرعية في حالة الخلاف.

* عدم قيام أي دولة عربية بالتدخل في الشؤون الخاصة لدولة عربية أخرى.

* تطوير التعليم والاهتمام بالبحوث والتشجيع عليها، فالإحصائيات تفيد أن العرب هم الأقل في ذلك.

* التنسيق في مجال الموارد الاقتصادية والقوى العاملة وسبل التقدم ومسايرة الاستحقاقات العالمية في مجالي الاقتصاد والتقدم العلمي وإيجاد سياسة اقتصادية موحدة.

* تطوير الزراعة في العالم العربي إلى درجة تؤدي إلى الاكتفاء الذاتي.

* التوعية الدينية السليمة البعيدة عن التطرف والغلو.

* تقليص حجم الأمية لدى العرب.

* إيجاد بدائل مناسبة لمعالجة وقت الفراغ لدى الشباب خاصة في العطل المدرسية إما بتدريبهم في مجالات أو مهارات معينة أو تشجيعهم على إعداد بحوث علمية مفيدة.

* الرد على الحملات التي تسيء لعقيدة العرب وتاريخهم وتقاليدهم بأسلوب حضاري مقنع.

* توحيد السياسة الخارجية للدول العربية في أبرز القضايا العالمية حتى يظهر العرب أمام العالم بأنهم أصحاب مواقف موحدة.

* تقوية عامل الثقة بين العرب قياديين وشعوباً.

asunaidi@mcs.gov.sa



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد