Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/05/2008 G Issue 13004
الثلاثاء 01 جمادى الأول 1429   العدد  13004
الدقائق الأخيرة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم!
فوزية منيع الخليوي (*)

عندما ارتفع قرص الشمس في ذلك اليوم الربيعي.. حيث لم يكن كسابقيه, بل يومٌ سطرته البشرية جمعاء... وضج بالبكاء.. وارتفع فيه بالدعاء.. وكان كرباً وبلاءً.. إنه اليوم الذي شهد توقف أنفاس الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأودع فيه رسالته مؤذناً أنها عالمية, في كل زمان ومكان باقية إلى يوم القيامة...

لقد عظمت مصيبتنا وجلّت عشية قيل قد قُبض الرسول.

فكم من يوم سالت فيه دموعه... وكم من يوم آلمه جموعه...

ومع ذلك كان لا يشفى غليله..

ولا يسكن شوقه..

ولا ينطفئ أواره..

رغبة في لقاء ربه..

ثم أنه اختار أحب الناس إليه... يملأ منها عينيه!!

فيشتفي من حديثها..

ويستطيب خاطرها..

رحمة لضعفها..

وتصبيراً لقلبها..

وامتلاء من حبها..

أراك تزيد في عيني جمالاً وأعشق كل يوم منك حالاً.

فدعا ابنته فاطمة عليها السلام, فسارها بشيء فضحكت فسألناها عن ذلك فقالت: سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه, فبكيت, ثم سارني فأخبرني أني أول أهل بيته يتبعه فضحكت!

كان صلى الله عليه وسلم يقول: إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده في الجنة ثم يخبر، قالت: عائشة فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة أفاق فأشخص بصره ثم قال: اللهم في الرفيق الأعلى!!

قلت: إذا لا يختارنا, وعرفت أنه الحديث الذي كان يحدثنا به, فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها النبي صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري) فهكذا كان شوقه إليه لا ينقطع.. وأي وصال سواه لا يقنع!! فلما حان اليوم الموعود واشتد به وجع الموت, دخل صلى الله عليه وسلم بيت عائشة رضي الله عنها وقال لنسائه: اهريقوا عليّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن, لعلي أعهد إلى الناس فأجلسناه في مخضب لحفصة ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى طفق يشير بيده إلى أن قد فعلتن!

ثم خرج إلى الناس فصلى بهم وخطب, ولما نزل به طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه, وهو كذلك يقول: لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم (رواه البخاري).

وقالت عائشة رضي الله عنها: دخل عبد الرحمن بن أبي بكر على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبدالرحمن سواك رطب يستن به, فأحده رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره, فأخذت السواك فقضمته وطيبته ورفعته إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستن به فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استن استناناً أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يده، أمر إصبعه ثم قال: في الرفيق الأعلى.. في الرفيق الأعلى.. في الرفيق الأعلى! ثم قضى (رواه البخاري) وكانت تقول: مات بين حاقنتي وذاقنتي فحبيبي مني وفيّ, وعندي فلماذا أقول مالي وما بيّ.

(*) عضو الجمعية العلمية السعودية للسنة



 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد