Al Jazirah NewsPaper Tuesday  06/05/2008 G Issue 13004
الثلاثاء 01 جمادى الأول 1429   العدد  13004
سجن غوانتانامو
عبد الله بن محمد السعوي

لأنه يروم عبر كاميرته توثيق الجبروت الأمريكي الذي يمارس ولا يزال أعلى مستويات الظلم على أراضي أفغانستان، اعتقل مصور قناة الجزيرة سامي الحاج، وزُج به في ظلمات معتقل غوانتانامو، ولأكثر من ست سنوات، غيب فيها عن الدنيا، وحيل بينه وبين أسرته التي يعولها؛ هذا الاعتقال - له وللمئات سواه - الذي عجزت أمريكا عن تبريره، بات شاهد عصر على تطاول أمريكي لا يعمل إلا على خنق الحريات، ووأد الكلمة النزيهة، وانتهاك الحقوق، ومصادرة الإنسانية في بني الإنسان؛ حينما تتوارى العدالة، وتنتهك القوانين وتسود شريعة الغاب، فيتم العمل بمنطق الأقوى ويجري تجسيد الرغبة في الانتقام، فإن الأبرياء والأبرياء فقط هم الضحايا الذين يدفعون رغماً عنهم الثمن، ويصطلون بنار الدكتاتورية.

قصة سامي الحاج نموذج لعشرات القصص لمواطنين عرب كان تواجدهم على أراضي أفغانستان أو باكستان بعد إحداث الحادي عشر من سبتمبر لعوامل متباينة، كان سبباً كافياً لاعتقالهم حيث تم بيع الكثير منهم للسلطات الأمريكية، فدفعوا ضريبة وجودهم هذا سنوات طويلة من الاعتقال والتعذيب المتناهي الحدة.

لقد أسفر هذا الاعتقال المفتقر لما يمنطقه، وكشفت الآلية التي تعتمد في إطلاق سراح المعتقلين، ونقلهم في سرية تامة إلى بلدانهم، أن الولايات المتحدة تتعمد التضليل وتمارس قلب الحقائق وتزيف الأشياء وتضمر خلاف ما تظهر، وأنها تحيل من غياهب سجن غوانتانامو إلى بؤر نارية، تجسد فيه وبسادية بشعة، ضراوة رعيبة في البطش والتنكيل، وتجعل منه بعبعاً مفزعاً لإرهاب الدول العربية والإسلامية عبر الزج بمجموعات من شعوبها المغلوبة على أمرها فيه تحت ذريعة تجفيف منابع الإرهاب ومكافحة بواعثه. شعور أمريكا بالعظمة، وإحساسها النرجسي بالقدرة اللامحدودة، جعلها تحصر جهدها بعد تأمين حياتها، في تأكيد تفوقها، وإخضاع العالم - كل العالم - لإرادتها عبر توسل سياسة إذلالية تركيعية، إن لم تنجح في الترغيب فالترهيب الإرهابي هو البديل المتاح!؛ إن من مظاهر الإذلال لبني البشر الزج بمجموعة من الجنسيات المختلفة ونسيانهم في هذا المعتقل لمدة سنوات طويلة دون أن توجه لهم تهمة واحدة.

إنها مهزلة إنسانية أن يحتجزوا وفي معسكر معزول عن العالم فيفصل بينهم وبين أولادهم ويحال بينهم وبين الدنيا وتحت ظروف بالغة القسوة مع أنهم في غاية البراءة مما نسب إليهم؛ إن إطلاق سراح سامي الحاج لا بد أن يكون حافزاً للدول العربية والإسلامية ولمنظمات حقوق الإنسان أن تنطلق وبمنهجية موحدة، وأن تسعى وبرؤية مشتركة، من أجل إغلاق معتقل غوانتانامو، لا سيما وأنهم يدركون أن ثمة حالات مقلقة، وأوضاع خطيرة السوء تحيط بالمعتقلين الذين يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، هذا فضلاً عن كسر إرادتهم، واستفزازهم في معتقداتهم، وإشعارهم بالدون.

إطلاق سراح المعتقلين لا يكفي بل لا بد من محاسبة الضالعين الرئيسيين في احتجاز الأبرياء العزل لعدة سنوات بغير مسوغ وفي ظروف غير إنسانية - تتناقض مع مقتضيات حقوق الإنسان التي ما فتئت أمريكا ترفع الشعارات الجوفاء الفارغة زاعمة مناصرتها ومساندة أربابها وهي في الحقيقة والواقع أول مناهضيها ومنتهكي مبادئها الشرعية!!.



Abdalla_2015@hotmail.com

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد