Al Jazirah NewsPaper Thursday  29/05/2008 G Issue 13027
الخميس 24 جمادى الأول 1429   العدد  13027
لما هو آت
لكِ وحدكِ
د. خيرية إبراهيم السقاف

هذا الفجر يكتظ بكِ نوَّارة...

دعتني إليه ثلة من المنتميات إليكِ هنا...

ربما حرَّك هذه الشهيَّة للقياكِ ما نتحدث عنه في أيامنا القليلة الماضية..

أجل نوَّارة كفُّكِ كانت أرأف بعجينة صدري من الماء بالتربة العطشى...

كنتُ عصفورة لا تنام قبل أن تسقيها حَبَّ الحُبِّ في كوب من الغيم...

حتى إذا ما وسَّدت رأسي للنوم سألتِني أن أذهب مع أحلامي لهناك.. لحيث السماء...

وفي الصباح كنتِ وأنتِ توقظينني تطلبين مني أن أمطر الحلم...

كثيراً ما ضحكنا معاً وأنا أسألكِ في حيرة: كيف أفعل فتقولين لي: عندما تعودين من المدرسة سأعرف كم قطرة من الغيمة أمطرتِ..

وربطتِ في ذاكرتي بين الغيم والمطر وبين العلم وحصاده... كان ذلك وجبة حلم ليلي ما لبثتِ أن جعلته مهمة إنجاز يومي...

لله درك لا تتكررين يا نوَّارة لا تتكررين...

وعندما كبرت تحولتْ غيمتُكِ التي تسألين إمطارها إلى مهام أخرى خارج إطاري الذاتي ليصبح الآخرون هم محور إمطارها...

كنتِ لا تتكدرين إلا حين أغفل عن مساعدة زميلة أو الابتسامة لعابر...

كثيراً ما شذّبتِ لون الابتسامة في وجهي... وأعدتِ صياغة القطرة على لساني...

وكثيراً ما رددتِ اتجاه المطر عن بوصلته في مبادرتي ليكون نحو الصوت والصدى ونبض الصامت المنتظر...... لا تعني لك المسافة ولا الرسوم ولا الأسماء شيئاً... تزجينني في الدروب... وتبسمين...

كانت الغيمات تزخ مطراً ندياً حين لم يكن يومي بكِ يعبر دون أن نكون مع الآخرين قبل أن نكون لأنفسنا...

أتعلمين نوَّارة أنني نسيت نفسي لأنكِ لم تعلميني كيف أذكرها...؟

فقدتكِ فطال بي الطريق أبحث عنها وهي أقرب لي مني... في حين علَّمتني كيف أعرفها...؟

لستِ بجواري الآن...

لكن بصيصاً من نورك فقط يعمّر الفضاء من حولي فأجدني...

ووجدتني يا نوَّارة... وأنا معك نبحث في صدور النشء عن عجين آبائهم وأمهاتهم...

دمعة دافئة سقطت فوق خدي وإباء تلتهم عيني وقد أخذت هذه اليافعة بكفوف الصغيرات من حولها لتعيد رسم عجينتها... ولتعين أمهاتهن نحو مكنونها...

كبرت إباء يا نوَّارة وهي شمعة الطريق...

إباء كبرت يا نوَّارة وهي عجينة المطر...

كبرت يا نوَّارة إباء وهي عصاتي التي أتوكأ بها نحو الغيم والحلم والندي...



لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 5852 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد