Al Jazirah NewsPaper Saturday  13/09/2008 G Issue 13134
السبت 13 رمضان 1429   العدد  13134
يارا
فرج الله وأبو مسامح
عبد الله بن بخيت

المعروف في هذه الدنيا أن لكل صنعة أصولاً مهنية ومهارات لها حد أدنى يعرفها أو يجب أن يعرفها كل من ينخرط في هذه المهنة. قف عند أقرب منجرة واسأل النجار عن أنواع الخشب الأساسية وعن المطرقة والمسمار والشاكوش وعدد معين من المهارات والأدوات الأخرى ستجد أن كل النجارين بغض النظر عن قدراتهم وإمكانياتهم وخبراتهم يعرفونها ويقدرون أهميتها. وسيحدثك أيضاً عن المهارات والأدوات الأخرى التي لا يتقنها أو لا يملكها. وسوف يبرر لك الأسباب التي غيبت تلك المهارات أو الأدوات عنه. صاحب المهنة المحترف يعرف ما ينقصه ويعرف كيف يحصل عليها إذا توفرت القدرات.

كل مؤسسات الإنتاج الدرامية السعودية تملك معظم التجهيزات الأساسية التي تسمح لها بإنتاج أعمال تلفزيونية تشي بالمهنية والمعرفة وإذا كانت لا تملك هذه الأدوات تستطيع أن تستأجرها. يلاحظ أن أجور إنتاج الأعمال الدرامية تصاعدت حتى بدأنا نسمع عن عقود بأرقام مالية مذهلة ولكن هذه الأرقام وتوفر الأدوات لم تنعكس بعد على الدراما السعودية. الفرق بين مسلسلات أبو مسامح وفرج الله في الستينيات والسبعينيات وبين أعمال اليوم يقع في الأسماء واليابان. أسماء الممثلين تغيرت ونوعية كاميرات سوني اليابانية أصبحت ديجتال. أما علاقة الممثلين بالكاميرات مازالت كما هي منذ أيام البساطة والطيبة. عندما تتابع مسلسلاً سعودياً ستلاحظ أن دور الكاميرا يقتصر على نقل صورة جامدة تقع في مجلس أو شارع يمكن الاستعاضة عنها بكاميرا ثابتة. تلاحظ دون عناء أن المخرج يسلط الكاميرا الجامدة على مجموعة الممثلين الجالسين أو الواقفين ويتركهم يتحدثون ما وسعهم الحديث. لا فرق بين ما يقدمه المخرج في الدراما السعودية وبين ما يقدمه مخرج سؤال اليوم في القناة الأخبارية. عمل إذاعي مصور. تستطيع في معظم المشاهد الدرامية السعودية أن تستغني عن الصورة. لا الكاميرا تتحدث ولا الديكورات ولا الخلفيات. تابع واحد من المسلسلات السعودية ستجد أن الكاميرا ميتة. لو أغلقها المصور وترك الصوت فقط لما فاتك شيء من المشهد.

أعطيكم مثالاً. راجع كل مشاهد الاستراحة في مسلسل كلنا عيال قرية. ستلاحظ مجموعة من الرجال يجلسون في زاوية قصية على الأرض تأخذهم الكاميرا من مكان واحد ومن زاوية واحدة ومن مسافة واحدة. يمكن بكل سهولة الاستغناء عن كاميرا الفيديو التلفزيونية بكاميرا ثابتة أو حتى الاكتفاء ببث الحوار فقط. الكاميرا هي روح العمل الدرامي التلفزيوني. أهم من الحوار لكن في تلك المشاهد لم تستطع الكاميرا ولا حتى الحوار أن يقدما لنا أي شيء عن ثقافة الاستراحة. المشاهد غير السعودي سيظن أن الاستراحة مجرد زاوية في حديقة منزل لا أكثر ولا أقل. رغم أن حضور الاستراحة في المسلسل أساسي إلا أن دورها الدرامي كان صفراً. يمكن القول إن كل المشاهد في الاستراحة لم تكلف أكثر من ساعة عمل واحدة. ربط المخرج الكاميرا في مكان وأخذ سيجارة وترك الكاميرا تدور. هذا يدخل الكادر وهذا يخرج إلى أن انتهى من تصوير كل مشاهد الاستراحة. نفس الأسلوب الذي كان ينتهجه أبو مسامح وفرج الله في الستينيات.



yara.bakeet@gmail.com
لإبداء الرأي حول هذا المقال أرسل رسالة قصيرة SMS  تبدأ برقم الكاتب 6406 ثم إلى الكود 82244

 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد