Al Jazirah NewsPaper Sunday  19/10/2008 G Issue 13170
الأحد 20 شوال 1429   العدد  13170
انتخابات استثنائية

الأجواء الانتخابية التي تعيشها الولايات المتحدة الأمريكية حالياً هي استثنائية ولا شك، وذلك لعظم التحديات التي تواجهها هذه الدولة على عدة مستويات، وهو ما يضع أعباء ثقيلة على كاهل الرئيس المقبل قد ترهقه لسنوات عديدة. فمن ناحية تعاني أمريكا من أزمة كبيرة في السياسة الخارجية. فأمريكا كانت تهيمن على العالم بالاعتماد على ما أسماه العالم السياسي جوزيف ناي (القوة الناعمة) المتمثلة في نشر قيمها الديمقراطية وأفكارها الليبرالية البراقة عبر الوسائل الدبلوماسية والإعلامية والثقافية وحتى الاقتصادية، حتى جاءت أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م ومن ثم انتقال أمريكا إلى استخدام القوة الخشنة عبر إشعال الحروب، في إطار ما يسمى (الحرب على الإرهاب) التي أطلقتها إدارة الرئيس الحالي جورج بوش، وتحول أمريكا من تلك الدولة الديمقراطية المسالمة إلى الإمبراطورية التي تريد إخضاع العالم قسراً لتوجهاتها عبر استراتيجية (إما معي أو ضدي). ومع ذلك فشلت حتى الآن في حسم هذه الحرب، وخاصة بعد تعثرها في العراق وأفغانستان، وعدم استطاعة بوش حتى الآن الوفاء بوعده بالقبض على أسامة بن لادن قائد تنظيم القاعدة.

ومن ناحية أخرى تعاني أمريكا من أزمة اقتصادية كبرى أثرت على العالم، بعدما انهار عدد من المصارف الأمريكية الكبيرة، واختفاء ما يزيد على تريليون دولار من ثروات سوق الأسهم خلال يوم واحد فقط وهو الأمر الذي وضع حداً لحقبة شكلها الرئيس الأمريكي الراحل رونالد ريغان عبر سياساته الاقتصادية المغرقة في الرأسمالية، وما استدعى ذلك من تحرك فوري لإنقاذ الاقتصاد الأمريكي باللجوء إلى أموال دافعي الضرائب وتأكيد دور الدولة في الاقتصاد، مما يعني تسيير الدفة نحو اليسار.

ومن ناحية ثالثة وبسبب ما سبق اهتزت الصورة الأمريكية لدى الرأي العام العالمي، وخاصة بعدما ظهرت صور التعذيب في سجن أبو غريب، وظروف الاعتقال غير الإنسانية في غوانتنامو، وأساليب التنصت التي لم يكن مسموحاً بها في الماضي، مما ضيّق من الحريات المدنية في أمريكا، وهذا ما حدا بالفيلسوف الأمريكي الشهير فرانسيس فوكوياما إلى القول: (إن الصورة الأمريكية تتعرض لاختبار قاسٍ... فاستعادة سمعتنا الطيبة... يعد تحدياً لا يقل صعوبة عن التحدي المرتبط بتحقيق الاستقرار داخل القطاع المالي). ولذلك فإن المرحلة القادمة ستكون امتحاناً حقيقياً للرئيس القادم سواء كان باراك أوباما أو جون ماكين، وعند الامتحان يكرم المرء أو يهان!










 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد