Al Jazirah NewsPaper Sunday  30/11/2008 G Issue 13212
الأحد 02 ذو الحجة 1429   العدد  13212
محدودية نشاط البنوك والتعامل في منتجات تقليدية قلص التداعيات
تحويل الأرصدة خففت تداعيات الأزمة في القطاع المصرفي الأردني

عمان - (الجزيرة)

قال محللون إن الخطوة التي اتخذها البنك المركزي الأردني والمتمثلة في تحويل أرصدة البنك المودعة لدى البنوك التجارية الأميركية إلى البنك المركزي الفيدرالي الأميركي ومؤسسات مالية حكومية أخرى أدت إلى تخفيف تأثيرات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الأردني. وكان من أبرز أسباب محدودية تأثير الأزمة المالية على البنوك الأردنية صغر حجمها وانحصار معظم عملها في البيئة المحلية وهيمنة العمليات التقليدية على أنشطتها.

وعلى الرغم من أن عملية تحويل الودائع قللت من معدلات الفائدة نظراً لارتفاع فوائد لودائع لدى البنوك التجارية أكثر من الحكومية في الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن الخطوة جاءت من منطلق التحوط من احتمال فقدان تلك الاحتياطات والودائع في حال بقائها في خزائن البنوك التجارية التي تعرضت لهزة قوية خلال الأشهر القليلة الماضية.

وكان مسؤولون أردنيون قد أكدوا في وقت سابق أن القطاع المالي الأردني لم يتضرر من الأزمة المالية الدولية نظرا لقوة المؤسسات المالية الأردنية. لكن في الجانب الآخر تأثر الاقتصاد الحقيقي في البلاد بشكل ملحوظ خصوصاً قطاعات التصدير والسياحة وذلك بسبب تراجع النمو العالمي وهو الذي ألقى بظلاله على حركة التجارة والتنقل.

وعبرت الحكومة الأردنية عن عزمها على بذل الجهود المناسبة للتصدي الى التحديات الاقتصادية من خلال البرامج والاستراتيجيات المتنوعة. وأكدت أن البنوك الاردنية بمنأى عن الازمة المالية التي تعصف بالعديد من البنوك في العالم وذلك جراء ما تمتلكه هذه البنوك من خبرات وتجارب, بالإضافة إلى التزامها بقانون وتعليمات البنك المركزي الأردني وسياسة الرقابة. كما أكدت أن الجهاز المصرفي في البلاد لا يعاني من أي نقص في السيولة حيث تبلغ السيولة الفائضة لدى البنوك المحلية نحو مليار دولار إضافة إلى شهادات إيداع واذونات وسندات خزينة بما قيمته 8 مليارات دولار.

وفي خطوة هدفت لاستعادت الثقة للأسواق المحلية قامت الحكومة الأردنية بتحصيل نحو 169 مليون دولار من شركات توظيف الأموال جزء منها في شكل نقد مباشر والآخر في شكل عقارات وسيارات وأصول أخرى. ويركز البنك المركزي الأردني جهوده حالياً لتقليل معدل التضخم في البلاد والتي أثرت بشكل كبير على القوة الشرائية.

وتعود جل أسباب التضخم إلى ارتفاع فاتورة استيراد المواد النفطية والمنتجات الغذائية والسلع الأساسية الأخرى. وفي هذا الإطار تبنى البنك استراتيجية تقوم على تفعيل الأدوات الاقتصادية وتعزيز أسس الشراكة بين القطاعين العام والخاص.وبينما تراجعت اسعار النفط العالمية ما شكل ذلك تخفيفا ملحوظا على الخزينة الاردنية الامر الذي انعكس بالايجاب على معدل التضخم والغلاء الذي يشهده الاردن

وفي إطار الجهود الرامية لتعزيز الإنتاج ومحاصرة مشكلة الغلاء وتخفيف حدة التضخم، تضمنت الميزانية الأردنية توصية بزيادة رواتب الموظفين بنسبة 11 بالمئة على الراتب الأساسي. كما طالبت بعدم رفع أسعار الكهرباء وزيادة نسبة دعم الأعلاف للماشية. وطالب تقرير الميزانية الحكومة بتخفيض 10 بالمئة من النفقات الجارية باستثناء بند الرواتب لحساب تغطية بند العجز وتعويض خفض الإيرادات المتوقعة في ظل تأثر القطاعات التصديرية والسياحية بالأزمة المالية العالمية وزيادة الإنفاق الرأسمالي بما يسهم في تنشيط الدورة الاقتصادية في ظل احتمالية حدوث تباطؤ وركود اقتصادي.

وفي الجانب الآخر ورغم تراجع الإنفاق التنموي في بعض المحافظات بنسبة 50 بالمائة، إلا أن عاملون في القطاع العقاري أكدوا عودة النشاط للقطاع بسبب انخفاض أسعار بعض المواد الأولية خاصة حديد التسليح والاسمنت وانخفاض أسعار المشتقات النفطية. وانخفض سعر طن الوقود الصناعي في آخر نشرة لأسعار المشتقات التي أصدرتها الحكومة بنحو50 بالمئة وتوقعوا أن يعود النمو للقطاع خلال الفترة المتبقية من العام الحالي لكن مع ثبات الأسعار فيما سيشهد السوق نشاطا ملحوظا مع بداية 2009 لتعويض النقص في المعروض نتيجة إحجام المستثمرين عن البناء اثناء فترة ارتفاع أسعار المواد الأولية.

ولم تتوقف الاجتماعات على مستوى الحكومة والقطاع الخاص في المملكة الأردنية منذ أن بدأت الأزمة المالية العالمية، لبحث تأثيراتها المحتملة على اقتصاد البلاد. والتقى عدد من كبار مستثمري البنوك المحلية في اجتماع مغلق لتباحث سبل تجاوز الهزات الارتدادية للأزمة. وتتمثل أبرز تحديات الأردن في مستقبل المساعدات الخارجية. وتعتبر السعودية والولايات المتحدة من أكبر الدول المانحة للأردن، وكانت الأخيرة تلقت وعودا بمساعدات تتجاوز ستمائة مليون دولار من واشنطن للعام 2009، وحصلت على أكثر من خمسمائة مليون من الرياض إضافة إلى مساعدات أخرى من دول عربية وأوروبية واليابان.

وتؤثر الأزمة أيضاً على صادرات المناطق الصناعية المؤهلة للولايات المتحدة. كما تتأثر صادرات التعدين من فوسفات وبوتاس، بعد أن حققت الأشهر الماضية أرباحا كبيرة.

وكانت الحكومة قد أعلنت عن سياسة جديدة في تسعير المحروقات تقوم على إقرار سعر جديد كل شهر، ليتماشى مع السعر العالمي صعودا وهبوطا، والذي بدا متذبذبا منذ انفجار الأزمة المالية العالمية ، في حين شددت الحكومة على ضرورة انعكاس انخفاض أسعار المحروقات على الأسعار محليا، وقالت انها ستجري دراسة للتأكد من حدوث انخفاضات بالأسعار محليا نتيجة انخفاض أسعار المحروقات

آثار إيجابية

من المؤكد أنه سيكون للازمة المالية في المدى المتوسط والطويل العديد من الآثار الايجابية والسلبية على الاقتصاد الوطني. وستنعكس الآثار الايجابية في انخفاض أسعار النفط والسلع الأساسية ومعدل التضخم وانخفاض عجز الحساب الجاري في ميزان المدفوعات أما الآثار السلبية فستنعكس في انخفاض الصادرات الوطنية وحوالات العاملين في الخارج وتدفق الاستثمارات الأجنبية.

وتوقع تقرير لوزارة الاقتصاد الأردنية آثارا إيجابية للأزمة الاقتصادية العالمية على الاقتصاد الأردني أبرزها تراجع التضخم واستمرار النمو بنسبة لا تقل عن 5% في 2009. وقال التقرير إن لهذه الأزمة أثرا إيجابيا بالمدى القصير على معدل التضخم نتيجة انخفاض الأسعار العالمية للنفط والسلع الأساسية حيث من المتوقع انخفاض التضخم بشكل ملحوظ عام 2009 لينخفض إلى 7% مقارنة مع 15.8% متوقعة لعام 2008. واقترح التقرير احتواء معدل التضخم والسيطرة عليه من خلال إتباع سياسة نقدية أكثر تشددا.

غير أن التقرير تحدث عن الآثار السلبية للأزمة فقال إن استمرارها وتعمق الركود الاقتصادي سيؤديان لتراجع حجم الطلب العالمي ما سيكون له أثر سلبي على الصادرات الوطنية بالمدى المتوسط والطويل خاصة صادرات الألبسة من المناطق الصناعية المؤهلة. إضافة إلى ذلك فإن تنافسية القطاعات الاقتصادية لن تتأثر إيجابا بانخفاض أسعار النفط العالمي حيث أن ذلك تستفيد منه الدول كافة ذات القطاعات التصديرية.

وحسب التقرير فإنه نتيجة الكساد العالمي الذي تعاني منه معظم الدول المانحة ولجوئها إلى ضخ مبالغ طائلة في أسواقها لتوفير السيولة اللازمة لتنشيط اقتصاداتها فمن المتوقع أن تنخفض المساعدات الخارجية بشكل ملحوظ. وطالب التقرير بتحديد المواقف المالية للبنوك الوطنية ومحافظها الائتمانية وقنوات استثمار الودائع الأجنبية المتوفرة لديها، ومراجعة سياسات سعر الصرف واقتراح أفضل السياسات في ظل التطورات العالمية الحالية والتزامات المديونية الخارجية.

ارتفاع الصادرات الوطنية

وتشير البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة إلى ارتفاع قيمة الصادرات الوطنية خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2008 بنسبة مقدارها 37.8 % والمعاد تصديره بنسبة 40 % مقارنة مع الفترة ذاتها من العام 2007، وفي المقابل ارتفعت قيمة المستوردات بنسبة 35.6 % خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2008م.

أما العجز في الميزان التجاري والذي يمثل الفرق الناتج عن طرح قيمة المستوردات من قيمة إجمالي الصادرات الكلية، فقد ارتفع خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2008 بنسبة مقدارها 33.6 % عما كان عليه خلال الفترة ذاتها من عام 2007، وبذلك تصل نسبة تغطيه الصادرات للمستوردات إلى 44.4 % خلال الشهور التسعة الأولى من عام 2008، في حين كانت نسبة تغطية الصادرات للمستوردات للشهور الثمانية الأولى 43.9 % أي بزيادة مقدارها 0.5%.

وعلى صعيد التركيب السلعي، فقد كانت أبرز السلع التي ارتفعت قيم صادراتها محضرات الصيدلة والفوسفات الخام والبوتاس الخام والأسمدة والخضار، في حين تراجعت صادرت الألبسة وتوابعها. أما المستوردات السلعية، فكان هناك ارتفاع في مستوردات البترول الخام والحديد ومصنوعاته والآلات والأدوات الآلية والأجهزة الكهربائية والعربات والدراجات والحبوب.

أما بالنسبة للتجارة مع الشركاء الرئيسيين، فيلاحظ ارتفاع الصادرات الوطنية بشكل واضح للدول الآسيوية وخاصة الهند، ودول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى ومن ضمنها العراق، ودول الاتحاد الأوروبي ومن ضمنها إسبانيا. وفي المقابل، تراجعت الصادرات الوطنية إلى دول اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا نتيجة لتراجع الصادرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية.

كما يلاحظ زيادة المستوردات بشكل واضح من دول منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى وخاصة من السعودية التي يمثل النفط معظم المستوردات منها ودول الاتحاد الأوروبي والدول الآسيوية غير العربية ودول اتفاقية التجارة الحرة لشمال أمريكا.




 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد