Al Jazirah NewsPaper Saturday  02/05/2009 G Issue 13365
السبت 07 جمادى الأول 1430   العدد  13365
إغلاق ملف (فبراير الأسود)
فضل بن سعد البوعينين

 

أحترم رغبة عضو مجلس الشورى المهندس محمد القويحص المطالبة بحضور محافظ هيئة السوق المالية لمناقشته في موضوع انهيار فبراير 2006، وأختلف معه عليها لأسباب: محافظ الهيئة الحالي لا ناقة له ولا جمل في حادثة انهيار فبراير، ووجوده الاستثنائي على رأس الهيئة الحالية جاء لأسباب علاجية بعد (استقالة) محافظها السابق الذي من المفترض أن يكون هدفاً لدعوة مجلس الشورى الموقر؛ فهو من يمتلك أسرار (الصندوق الأسود) لسوق الأسهم السعودية، ولو كان لي من الأمر شيء لاستدعيت أعضاء مجلس الإدارة الحاليين من معاصري أزمة فبراير، وإن تعارض ذلك مع (بروتوكولات دعوات المجلس). هذا أولا.

ثانيا: بُحت أصواتنا، منذ وقوع الانهيار، ونحن نطالب مجلس الشورى الموقر بممارسة دوره في مناقشة محافظ هيئة السوق المالية الأسبق، و(الفريق الاقتصادي) حيال أزمة السوق التي هوت بالمؤشر من حاجز 21 ألف نقطة، نزولاً حتى 4 آلاف، دون أن نجد تحركاً يُفضي إلى نتائج صريحة على أرض الواقع.

ثالثا: ماذا عسانا نستفيد من فتح ملف الانهيار بعد أن أكلت أوراقه (دابة الأرض)، هل ستعود للناس أموالها المفقودة؟ أم أننا نهدف إلى عدم تكرار الأخطاء القاتلة، والتعلُّم من دروس الماضي، أم إنها لا تعدو أن تكون مناقشات تهدف إلى تسجيل موقف لا أكثر ولا أقل!

رابعا: نحن لا نحتاج إلى معرفة خلفيات (فبراير الأسود) على أساس أنها باتت معروفة لعامة الناس قبل خاصتهم، وهناك تفاصيل موسعة، وإعادة مملة لأسباب الانهيار، الأطراف المتسببة، ووسيلة العلاج، في مقالات وأبحاث متفرقة كتبها زملاء ومختصون، بل إن صفحات (الجزيرة) تلألأت بمقالات التحذير من كارثة السوق قبل وقوعها دون أن يكون هناك تفاعل يذكر من قبل المسؤولين. أعتقد أن المطالبة بتفعيل توصيات مجلس الشورى، ذات العلاقة بسوق المال، وتوصيات الخبراء والمختصين ربما تكون أكثر أهمية من مناقشة ملف الانهيار مع محافظ الهيئة.

أما أزمة (فبراير الأسود) فلا نريد من تاريخها الأسود إلا الكشف عن أمر وحيد، وهو: مَن الذي نجح في التخلص من أسهم محافظه الضخمة قبيل الانهيار، وكأنما كان على علم مسبق بموعده المحتوم؟ إن نجح مجلس الشورى في إظهار تلك المعلومة فقد حقق نجاحا كبيرا ربما يعفيه من تقصيره في التعامل مع الأزمة وقت حدوثها.

خامسا:إن كان المهندس القويحص، أو أي من الأعضاء الموقرين، مهتمين بمناقشة محافظ هيئة السوق المالية الحالي فمن الأفضل لهم وللسوق والمتداولين أن تكون مناقشتهم له على علاقة بالانهيار الأخير الذي هوى بالمؤشر من 12000 نقطة إلى 4000 نقطة، وهو من حيث النسبة والتناسب لا يختلف كثيراً عن انهيار (فبراير الأسود)، أو حيال ما يجري في قطاع التأمين من تضخيم الأسعار المفتعل الذي يذكرنا بمسببات أزمة (فبراير الأسود). هناك أيضا ملف أكثر أهمية للسوق والمتداولين، وهو ما تعرّضت له السوق السعودية من أضرار بالغة بسبب تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية دون أن تحصن بخطط الحماية الكافية. يمكن مناقشة (الفريق الاقتصادي) بالتعاضد عن خطط الطوارئ التي يفترض أن تُطبق في أوقات الأزمات لحماية السوق من الانهيار أو عن إيجاد الأب الروح المسؤول عن قيادة السوق وتوجيهها وقت الحاجة.

للأسف الشديد أحد أعضاء مجلس الشورى السابقين صرح بعد أن تعالت أصوات الخاسرين من جراء انهيار (فبراير الأسود)، بأن ما حدث في سوق الأسهم السعودية ما هو إلا (تصحيح سلس)!.

في 9 - 3 - 2006 وتحت عنوان (مجلس الشورى وانهيار سوق الأسهم) كتبت مقالا عقّبت فيه على تصريحات عضو مجلس الشورى الإعلامية، وختمته بالتالي: (كنا ننتظر من مجلس الشورى توجيه الدعوة إلى معالي رئيس هيئة السوق المالية لمناقشته حول ما تعرض له السوق والمواطنون من أذى كبير، إضافة إلى دعوة المهتمين بالشؤون الاقتصادية لحضور الجلسة والاستماع، ودعوة رجال الإعلام لنقل وقائع الحدث مباشرة للنساء وللرجال ولجميع فئات المجتمع، فانهيار السوق لم يعد شأنا مرتبطا بهيئة السوق المالية كونه الهمّ الرئيسي للمجتمع السعودي. مناقشة مجلس الشورى للقضية الاقتصادية الأولى ذات الأبعاد الدينية، والاجتماعية والأمنية أصبحت أكثر إلحاحا من أي وقت مضى خصوصا مع ظهور حالات.. الوفيات التي أثبتت أن التصحيح لم يكن (سلسا) بقدر ما كان سيفا قاطعا سلط على فقراء المسلمين قبل أغنيائهم).

نعم كنا ننتظر (استجواب) محافظ هيئة السوق المالية بُعيد الأزمة مباشرة، وقبل خراب مالطة. أما وقد استكمل زلزال الانهيار جميع هزاته الارتدادية، وتبخرت معه أموال الضعفاء، وأكلت دابة الأرض أوراق (ملف السوق الأسود)، وثبت رسميا استحالة تعويض الخاسرين، أو العمل على حمايتهم من الانهيارات، فلم يتبق للخاسرين، الأحياء منهم، والميتين، إلا رحمة الله الواسعة، وعون من عنده، وقضائِهِ العادل الذي عجل تطبيقه على البعض في الدنيا، وأجَّلَهُ لِآخَرين. وفي الأزمة المالية العالمية عظة، وعبرة للمعتبرين.

* * *



f.albuainain@hotmail.com

 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد