Al Jazirah NewsPaper Tuesday  26/05/2009 G Issue 13389
الثلاثاء 02 جمادىالآخرة 1430   العدد  13389
فظائع مسكوت عنها

 

لا تزال التحقيقات التي تجرى حول الاعتداء الإسرائيلي على غزة في الفترة ما بين 27 ديسمبر و 18 يناير 2009 تكشف عن الفظائع التي ارتكبتها الدولة العبرية ضد الشعب الفلسطيني، ومع ذلك، ليس هناك من قرار دولي حازم ينفذ ضد هذه الدولة باعتبارها أولاً دولة احتلال، وثانياً لاستعمالها الأسلحة المحظورة دولياً كالقنابل الفسفورية واليورانيوم المخضب ضد المدنيين العزل.

هذه التحقيقات تجريها أطراف دولية محايدة غير مسيسة، وليس لها هدف سوى توضيح الحقائق للرأي العام الدولي. ومن هذه التحقيقات ما قامت به منظمة (إيه سي دي إن) الدولية التي تعنى بتفكيك الأسلحة النووية بالكامل؛ فقد كشفت المنظمة في تقرير لها عن وجود عشرات الأطنان من اليورانيوم المخضب في قطاع غزة من جراء الهجوم الإسرائيلي الأخير. وأوضحت المنظمة أن كمية اليورانيوم المخضب ربما تصل إلى ما لا يقل عن 75 طناً عثر عليها في التربة وباطن التربة في قطاع غزة، كما أفاد أحد خبراء المنظمة بوجود مواد مشعة مسببة للسرطان والتشوهات في جثث الشهداء!.

نتائج التحقيق وما سبقه من تحقيقات مشابهة ليست غريبة؛ فإسرائيل دولة اعتادت على قتل المدنيين بأبشع الصور، بل إنها تستغل الحروب التي تشنها علي الشعب الفلسطيني في تجريب الأسلحة المحظورة، وكأن الشعب الفلسطيني حقل تجارب لهذه الأسلحة!.

لكن الغريب في كل هذا الصمت الدولي المطبق - إلا من بعض الأصوات الخافتة! - تجاه هذه الجرائم، في حين لا تجد هذا الصمت حيال جرائم تاريخية ارتكبت قبل عشرات ومئات السنين!. فالدول التي تطالب بتعويض أحفاد ضحايا قتلوا هنا أو هناك في جرائم تاريخية طوتها السنون، الأولى بهم أن يطالبوا بحماية أولئك الذين يقتلون ويحاصرون يوميا وأمام مرأى ومسمع منهم!.

هذه الازدواجية في التعامل مع الجرائم تتسبب مع الأسف الشديد في استمرار هذه الجرائم، ولو كانت هناك معايير واحدة وثابتة يعامل بموجبها كل المجرمين لكان العالم اليوم أكثر استقرارا وسلاما، لكن يبدو أن هذا بعيد المنال، طالما أن كثيرا من الدول تستقبل المجرمين في مؤسساتهم الرسمية وتقيم لهم بروتوكولات احتفالية، مع أن هؤلاء ربما ذهب ضحيتهم آلاف الأطفال والنساء والمسنين، تماماً كما يحدث مع رؤساء إسرائيل المتطرفين الذي تلطخت أيديهم بدماء أبرياء فلسطين، ومع ذلك يتم الاحتفاء بهم بل والدفاع عن جرائمهم!.

* * *




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد