المسرحية الكويتية (أشباح أم علي) والتي لطالما عرضت في الكويت ولاقت نجاحاً كبيراً طرأ عليها مؤخراً الكثير من التعديل، حيث تحول عنوان المسرحية إلى: (أشباح أبو علي) بدلاً من عنوانها الحقيقي (أشباح أم علي) وتم الاستغناء عن العناصر النسائية التي كانت حاضرة في المسرحية (الأم) واستبدالها بعناصر ذكورية لتقوم بدور تلك العناصر النسائية، كل ذلك التغيير الذي طرأ على تلك المسرحية بسبب بسيط وهو إن مكان العرض سيكون في مدينة الرياض. وبالفعل تم عرض المسرحية في مركز الملك فهد الثقافي وشهدت حضوراً جماهيرياً كبيراً من قبل السعوديين والذي قبلوا تلك التعديلات دون أي اعتراض رغم ما شهدته من عملية تشبه جنس بجنس آخر!! ولعل عدم الاعتراض على هذا التشبه جاء من باب الأخذ بأهون الشرين، حيث إن تشبه رجل بأنثى أقل وقعاً على مجتمعنا من ظهور امرأة حقيقية أمام الجمهور وهي تؤدي دورها في المسرحية. حيث تقمص الفنان الكويتي عبدالإمام عبدالله دور الفنانة الأصلية في المسرحية انتصار الشراح ولعب الفنان عبدالرحمن العقل دور الفنانة مرام وسارت الأمور أمام الجمهور بسلاسة بل وبتصفيق حار وتشجيع للممثلين.
لو كنت في مدينة الرياض لما فكرت في حضور تلك المسرحية على الأقل من باب تقديري واحترامي لدور المسرح والذي أعلم أنه مرآة المجتمع والتي لا يجب أن تعكس إلا ما يجري في هذا المجتمع دون تزييف أو تحوير.
لم تكن مسرحية (أشباح أم علي) هي الوحيدة التي تعرضت لتجربة التحوير والتغيير، حيث سبقتها عدة مسرحيات كويتية عرضت في الرياض واضطر القائمون عليها لإجراء تعديلات كبيرة من أجل إخراجها بشكل لا يعرضها للاحتجاجات مثل مسرحية: (الحاسة السادسة) و(حاميها حراميها) واللتين طالهما تبديل في العنصر النسائي تماماً كما جرى لمسرحية (أشباح أم علي).
المسرح هو مرآة المجتمع يعكس كل ما يجري فيه، وهو فن جميل يهدف إلى الارتقاء بالمجتمع ومناقشة ما يعانيه أفراده من هموم وقضايا قد يكون طرحها بشكل ساخر إحدى طرق التنفيس عن الأفراد إلى أن يأتي الحل والذي إلى أن يأتي سيكون المجتمع قد تعايش مع مشاكله وبدأ باستيعابها وتقبلها بما يخفف من حدة تلك المشكلات. ولا أظن أن ما جرى في مسرحية (أشباح أم علي) يستحق أن يسمى مسرحاً طالما أنه لا يمثل الواقع بل ويتمرد على الطبيعة البشرية والتي خلق الله -سبحانه وتعالى- فيها الذكر ليكون ذكراً وخلق فيها الأنثى لتكون أنثى، ويكون لكل منهما دور في الحياة يؤديه بشخصيته دون تزييف أو تبادل للمهام الأصلية.
لم أستغرب عدم تعرض مسرحية (أشباح أبو علي) لاحتجاجات أو محاولات تشويش من تلك التي اعتدنا عليها ممن يحاربون فكرة وجود المسرح في مجتمعنا والسبب بسيط وهو أنه لم يكن هناك مسرحية أصلاً!!
fauz11@hotmail.com