أما الزيارة الثالثة للزملاء مديري المعاهد الصناعية فكانت إلى محافظة عنيزة وقد تشرفنا بمرافقة زميلين عزيزين إلى (بيت الحمدان) التراثي في عنيزة الذي بناه صاحبه إبراهيم بن صالح بن حمد الحمدان ويسمى (جنادرية الوادي) من أجل أن يكون معلماً تراثياً حضارياً وثقافياً يضاف إلى ما في عنيزة من تطور وإبداع، ويقع في (منطقة الوادي) في شمال عنيزة.
وبيت الأجداد عبارة عن بيت متكامل بناه صاحبه على طراز البيوت القديمة التي كانت سائدة في عنيزة أيام بيوت الطين، ابتداءً من المجلس والليون والقبة والخلْوة والصفّة والسرحة والمقلّط والموقد وغيرها. والجميل فيه أنه يحكي قصة الماضي بعاداته وتقاليده الجميلة والممتعة ويحكي أسلوب الحياة القديمة لأهلنا.. أما مجلس الرجال فقد عملت جدرانه من الطين واعتمدته من الخرز الدائري وشبّعت جدرانه بالطين والتبن، وعمل سقفه من خشب الأثل والعسبان والخوص وعلّقت على سقفه السرج وعلى جدرانه الوتد من الخشب وفرشت أرضه بالسجاد الطراز القديم، وفيه الوجار الذي توقد فيه النار والكمر والجلا وطاق الحطب والدريشة والفرجة وغيرها. والوجار فيه المنفاخ والنجر والملقاط والسراج والبيز والمحماسة ومروحة النار اليدوية وأنواعاً كثيرة من الدلال والأباريق.
وفي مكان آخر في البيت في إحدى الغرف شاهدنا القفة والقدة والسقاء والصميل والقربة والغرب والدلو. وشاهدنا شنطة الحديد التي تحفظ فيها المرأة حاجاتها. وفي موقع آخر شاهدنا الحبال والأرشية والأوتاد والمساحي والكزام والفاروع والمكره والعتلة والشاكوش الكبيرة. وقدور النحاس الكبيرة والصينية والمقرصة.
كما شاهدنا في البيت وفي إحدى الغرف الداخلية: عملية التوليد البدائية التي تقوم بها الجدة وهي جالسة والمرأة التي تلد واقفة بجوار الجدار وقد ربطت يديها إلى الأعلى والقابلة تقوم بالتوليد وحولها جميع الأدوات اللازمة، وشاهدنا المرأة العجوز في مصلاها داخل الغرفة تؤدي فرضها وحولها: الكولة وشنطة الحديد السقاء وهي تجلس على الخصاف. والعجوز الأخرى جالسة وهي تمد أرجلها وتستمع للراديو وحولها ملابسها، وامرأة أخرى تقف بجوار المهراس تهرس العيش والحب.
كما شاهدنا في البيت السقاء وهو يحمل التنك المعلقة على خشبة فوق كتفيه وينقل الماء إلى البيوت. والمرأة وهي تخض الحليب لصنع اللبن والزبد وحولها القنارة والسقاء وبجوارها سطل المعدن لتضع فيه الزبد. وفي الصفة الداخلية شاهدنا الشريح والقفرة المعلقة في السقف كذلك المحيرزة وعلب البلاستك وفيها حلاوة ملبسة وحلاوة برميت وحلاوة أم عود. كذلك شاهدنا الطعام مغطى بالمطعمة من الخوص.
وكذلك يحتوي على أنواع كثيرة من الثياب القديمة والسراويل المعلقة على جدران الصفة. وفي مكان آخر شاهدنا الميزان الذي يزنون فيه العيش والتمر وغيرها. وعظام كاملة لجمل مع الرأس. هذا بعض ما شاهدنا في بيت الأجداد. والبيت صوراً رمزية معبرة عن الدكاكين التي كانت في سوق عنيزة القديم عملها صاحب البيت ببراعة وإبداع من أجل الذكرى.
وبعد أن أنهينا زيارة بيت الأجداد في عنيزة توجهنا نحو محافظة البدائع واطعلنا على مشروع زراعي وصناعي كبير هو (مصنع تمور القصيم) والتمور كما هو معروف عنها يتم إنتاجها مرة في العام ولفترة قصيرة لا تتعدى ثلاثة شهور فقط في فصل الصيف، ولحاجة السوق لتكون التمور متوفرة في كل أشهر العام جاءت فكرة إنشاء مصانع مختصة بتصنيع وتعبئة التمور بالمملكة ومنها هذا المصنع الكبير الذي بدأت فكرة إنشائه عام 1404هـ وبعد استكمال الدراسات الفنية والتشغيلية له بدأ الإنتاج فيه عام 1407هـ ويقع المصنع في طريق رامة في الجهة الجنوبية من محافظة البدائع في منطقة تشتهر بمزارع التمور وبقربه من المواد الخام وتوفر الطرق المعبدة التي توصل إليه.
تقدر مساحة المشروع بـ(60000) ستين ألف متر مربع. وتحتوي على مساحات زرعت فيها أنواعاً كبيرة من النخيل المنتج وصالات المصنع التي تنتج التمور المعبأة ومستودعات التبريد ومستودعات مواد الخام ومواد التصنيع وورشة الصيانة لمعدات المصنع وورشة لصيانة السيارات التي تخدم المشروع وملاحق سكنية للعاملين بالمصنع وصالة للألعاب المختلفة.
أما الطاقة الاستيعابية المقدرة للمصنع فهي (5000) خمسة آلاف طن سنوياً. وفي بدايته عام 1407هـ كان ينتج (2000) ألفي طن سنوياً وتم رفع الطاقة الإنتاجية عام 1427هـ إلى (3500) ثلاثة آلاف وخمسمائة طن. وينتج المصنع أنواعاً كثيرة من التمور هي: السكري وخلاص القصيم وخلاص الخرج وخلاص الأحساء والصقعي والخضري وأم الحمام (الكويرية) والشقراء والرزيز والبرحي والرشودية والسباكة والروثانة ونبتة علي ونبتة سيف والشيشي والمكتومي والمخلوط والدبس والعبيط (المطحون).
ويقوم المصنع بإنتاج التمور المصنعة من مزارعه الموجودة على أرض المصنع ومن التمور التي يقوم بشرائها من المزارع الأخرى. أما الطريقة المتبعة في المصنع فبعد وزن التمور الموردة للمصنع يتم التصنيع بعدة مراحل:
1- يتم تسليم التمور التي يتم توريدها إلى لجنة فنية في المصنع، ثم يتم فرزها وتقييمها وتصنيفها إلى درجات مختلفة من الجودة، بحيث يتم استبعاد الرديء منها واستعمال الصالح.
2- يتم إدخال التمور إلى صالة الفرز ويتم فرزها حسب النوع والجودة وإبعاد الرديء منها.. ثم يتم تعقيم وتبخير الصالح منها من أجل المحافظة عليها بحالة سليمة بعد ذلك يتم تخزينها في مستودع المواد الخام وحفظها في درجة حرارة لا تزيد على (5) درجة مئوية حتى يؤخذ منها حسب حاجة التصنيع.
3- الغسيل والتجفيف: وتمر التمور على سيور في آلات خط الإنتاج ليتم غسلها وتجفيفها، ثم فرزها آلياً وتوزيعها على خطوط الإنتاج وهي:
- خط المفرد: ويعبأ في عبوات بلاستيك مختلفة الوزن ومغلفة ومعلبة.
- خط المضغوط: ويعبأ في: 100-200 جرام- 1كجم وأكثر جرام.
- خط التنك: ويتم تعبئة التمور في تنك مع وزنها.
- خط المطحون: ويتم كذلك تعبئة التمور المطحونة وتسمى (عبيط) في أكياس بلاستيك نظيفة.
- خط الدبس: ويتم تنقية الدبس من التمور (السكري والخلاص) وتعبئته في أكياس بعضها يستعمل في المصنع والبعض الآخر يصدر للسوق.
- خط الثرمو: وهو الأكياس والعبوات المفرغة من الهواء على أوزان مختلفة.
كما يوجد في مصنع تمور القصيم قسم (الجودة والرقابة) على الإنتاج الذي يخرج من المصنع، وذلك بوجود خبير عند كل مرحلة من مراحل الإنتاج المتعددة، ويلزم ألا يتم الانتقال من مرحلة إلى أخرى حتى يتم التأكد من جودة المنتج. ومما يلاحظ في المصنع على كثرة العمالة فيه حوالي (550) عامل إلا أن أكثر الإنتاج يتم بأيدي العمالة أي بطريقة بدائية ولا تستخدم الآلة في كل مراحل الإنتاج وإنما ترى فقط في الغسيل والتجفيف وبعض مراحل التغليف، حتى إن صناعة التمور المطحونة والتمور التي تغطي بالسمسم وغيره وتحشى بالمكسرات يتم أكثره بالأيدي ولا يوجد آلات لذلك. وسوف نواصل الحديث في محافظة الرس بإذن الله.
-الرس : aa10@maktoo.com